لم يحجُب ارتفاع الحماوة على الساحة الإقليمية، الإشارات الإيجابية حول التسوية التي تلوح من خلف الدخان المتصاعد. وهو ما يعني أنّ الحلول الجاري تركيز أسُسها سيكون الإعلان عنها مؤجَّلاً إلى الإدارة الأميركية المقبلة إذا لم تحصل تطوّرات خارجة عن الحسبان.في انتظار ذلك، الترتيبات الميدانية قائمة تمهيداً للتسوية المنتظرة تماماً كما يحصل في منبج وحلب. فاستكمال تطويق الجزء الشرقي من المدينة جاء عقب تفاهمات عريضة بين النظام وموسكو، وبين موسكو وواشنطن، وكان من أبرز دلالاتها إدراج «جبهة النصرة» على قائمة الاستهداف العسكري.
وتبدو الأوساط الديبلوماسية مقتنعة بأنّ عامل التعب الذي أصاب مختلف اطراف الصراع الدائر في سوريا يشكل دافعاً قوياً للشروع في إنجاز ترتيبات سورية تليها فوراً ترتيبات تتعلق بالمنطقة والتسوية العربية - الإسرائيلية.
لبنان بدوره لن يشذّ عن هذا المسار العام، ما يعني وجوب عدم الغرق في الأوهام وحبائل تجّارها.
وتتوقع الأوساط الديبلوماسية اهتزازاتٍ داخلية سياسية وأمنية ستشمل المرحلة الفاصلة عن الربيع المقبل، موعد إدخال لبنان في التسوية الكبرى، حيث ستسود صفقاتُ الشراء والبيع، وسيشكل لبنان جانباً اساسياً في هذا المجال.
أضف الى ذلك أنّ الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية شكلت هاجساً كبيراً لإسرائيل خصوصاً مع فشل الحرب الإسرائيلية منذ عشر سنوات، ما يعني أنّ «حزب الله» سيشكل بنداً أساسياً في النقاشات المنتظرة. لذلك لا يستبعد المراقبون تجدّد الضغوط المالية الأميركية على «حزب الله»، ولا سيما أنّ السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان إليزابيث ريتشارد تحمل برنامجاً واضحاً حيال مهمّتها في بيروت وتتعلق بتجفيف مصادر تمويل «حزب الله».
بالتأكيد تريد واشنطن لاحقاً استثمارَ هذه الضغوط في إطار المشروع الكبير المطروح في المنطقة، ومن خلاله التسوية العربية - الإسرائيلية، وهي ستكون مستعدّة لتأمين أثمانٍ سياسية لقاء ذلك لـ«حزب الله» في لبنان والمنطقة. ما يعني أنّ النظامَ السياسي اللبناني قد يوضع على طاولة البحث مجدّداً.
من هذه الزاوية ووفق كلّ ما تقدّم، يمكن تفسير تصاعد الصراع في المنطقة وارتفاع لهجة التحدّي بين «حزب الله» والسعودية، ومن هذا المنطلق تُفهم صعوبة إنجاز الاستحقاق الرئاسي الآن طالما أنّ ملفّ النظام السياسي برمّته سيوضع على طاولة المفاوضات بعد بضعة أشهر.
وبعد زيارة الرئيس سعد الحريري الى الرئيس نبيه برّي أمس، سيتعمّد الحريري إبقاءَ مواقفه ضبابية وغير حاسمة، وسيسافر قريباً الى الخارج ولن يحضر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في الثامن من آب، وهو الموعد الذي يثير لغطاً كبيراً، أي أنّ النصاب لن يكتمل.
لا حاجة لمزيد من الأوهام. فلننتظر الربيع المقبل ولكن الأهم لنحسب ونحتط جيداً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News