"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
بعد ان احيت فرقة "غريس جونز" العالمية احدى الحفلات لها في لبنان ضمن مهرجان بيبلوس لصيف 2016, في مدينة جبيل العريقة التي اشتهرت تاريخيا وثقافيا وحضاريا, تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الحريصين على حماية قيمهم الأخلاقية وهويتهم الوطنية والدينية, صورا لاحد افراد الفرقة حيث ظهر بعض الرسومات على اجسادهم, وما ازعجهم كان, ظهور شكل الصليب على مناطق حساسة.
فقامت القيامة!! وبدأت التحليلات الجهنمية, وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اقاويل عن وجود "عبدة شياطين" يتنقلون في ارجاء جبيل, واصيب كل من سمع عن الامر بذعر.. للوهلة الاولى وقبل معرفة الحقيقة, تخاف, تشتم, تسأل بريبة عن حقيقة الأمر, فجبيل معروفة بطابعها الديني المحافظ, كيف يمكن لمثل هذا الامر, ان يمر مرور الكرام, على رئيس بلديتها الحريص دوما على طابع جبيل الراقي؟
لتعود وتكتشف أن جل ما في الامر حفل اجنبي لموسيقى "الروك اند رول" العالمية, جرى في جبيل, وسط حضور هائل لمحبي هذا النوع من الموسيقى, واحد افراد الفرقة, الغربية, المتحضرة, المنفتحة, والتي أوتي بها الى بيبلوس على هذا الاساس, قد استعان ببعض الرسومات والخطوط لضرورات العرض الليلي الذي خطف الانظار, ولكن نظر بعض المتخلّفين جعلهم لا يرون سوى اشارة لخطين متشابكين, معتبرين انه الصليب انرسم في مناطق حساسة من الجسم.
وتجدر الاشارة, الى ان الفرقة كانت تعتمد على طلاء الجسم والاكسسوارات, والرسومات, البيضاء المشعّة ليلا, كزي للظهور خلال عرض راقص, وفقط احد الافراد صودف بان وجد اشارة "تشبه الصليب" على جسده.
يمكنك الا تكون من مشجعي تلك الموسيقى, ولا من مشجعي تلك الحفلات, ولا المهرجانات, ولا حتى الفرق الغربية, ولكن ان تنشر الهلع وسط ابناء جبيل, متناقلا خبر وجود "عبدة شياطين" في المدينة, فهذا من غير المقبول!
هذا وقد تقدم احد المحامين بإخبار خطي لجانب النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان, معتبرا ان ما تم في هذا الحفل هو اهانة وتحقير للديانة المسيحية. ما رآه البعض في تلك الليلة, ممكن ان يكون فعلا فيه تشويه بصورة او بأخرى للدين المسيحي, ولكن ما فعله هذا المحامي فقط هو الاسلوب الحضاري والثقافي للتعبير عن الراي او الانزعاج, او المطالبة بمساءلة القيمين والمتعهدين او تفسير عما جرى في هذا المهرجان, او حتى مطالبة رجال الدين, او علماء الاجتماع بتحليل هذه الظاهرة.. فهذا من حقنا جميعا, ولكن ليس بنشر اشاعات كاذبة ومرعبة, تظهر صورة خاطئة عن "مدينة الحرف".
اخترنا لكم



