مختارات

الثلاثاء 09 آب 2016 - 07:25 الديار

أوهام تدحرجت في حلب

أوهام تدحرجت في حلب

كشفت معارك حلب الأخيرة سقوط اوهام ومبالغات سياسية كثيرة ظهرت في الأسابيع الماضية وهي فرصة لإعادة تصويب التعامل مع التطورات الكثيفة التي تحتشد في فضاء حرب عالمية حقيقية محورها الصراع على مستقبل التوازنات في العالم والمنطقة بين محورين يتواجهان في سورية وفي ساحات اخرى من العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

اولا سقطت كذبة المعارضة المسلحة المعتدلة مرة اخرى وهي كانت ذريعة تلطت خلفها الولايات المتحدة طيلة أربع سنوات من التفاوض الروسي الأميركي بشأن مستقبل سورية والحرب على الإرهاب فقد اظهر الميدان وحدة اندماجية بين الفصائل متعددة الجنسيات للإرهاب بقيادة القاعدة وجماعة الأخوان المسلمين بقيادة جبهة النصرة التي لا يبدل التغيير المسرحي ليافطتها في جوهرها التكفيري القاعدي وقد التحق بها إثنان وعشرون فصيلا مسلحا من تفرعات الاخوان والقاعدة في العمليات القتالية التي حشد فيها آلاف المسلحين وهذا ما يؤكد وجهة النظر السورية التي يتبناها محور المقاومة والاتحاد الروسي لا سيما وان هذا التطور يأتي بعد أشهر من المهل الروسية ومن قرارات العفو الرئاسية السورية وفرص المصالحات وتسوية الأوضاع.

ثانيا سقط الوهم الذي شاع كثيرا بعد زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري الأخيرة إلى موسكو بشأن تفاهم اميركي روسي حول سورية يغطي الحسم في حلب كما رأى البعض واجتهدوا في تخيل صفقة بين موسكو وواشنطن بشأن سورية فمن الواضح في المعلومات والتقارير أن الصاروخ الذي أسقط الطوافة الروسية كان جزءا من كمية صواريخ اميركية وأسلحة اخرى زودت بها السعودية بموافقة البنتاغون فصائل الإرهاب في حلب وإدلب بقيادة القاعدة وهذه الشحنة حسب العديد من التقارير الصحافية تم شراؤها بإيعاز اميركي من بلغاريا ونقلت إلى الأردن وتركيا وبات من الواضح ان الولايات المتحدة تتمسك بقوى الإرهاب التي هي العامل الرئيسي في معركتها حول مستقبل سورية وبغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي تكشف حملاتها ان مرشحة الرئيس باراك اوباما وحزبه هيلاري كلينتون تتبنى خطة تصعيد للتدخل في سورية.

ثالثا سقط الوهم حول استدارة تركية آلية في الموضوع السوري بعد رسائل أردوغان إلى موسكو وطهران قبل التمرد العسكري وبعده وفي الحد الأدنى يمكن الاستنتاج أنه رغم انشغال الرئيس التركي بوضعه الداخلي الصعب والمعقد ورغم اتهامه للولايات المتحدة بمحاولة إسقاطه يتبين ان أردوغان لم يتراجع عن دعم عصابات الإرهاب وزمر الأخوان المسلمين والجماعات التي يرعاها في سورية منذ انطلاق العدوان وهو يريد الإمساك باوراق تفاوضية قوية قبل لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد كشفت زيارة رئيس الأركان الأميركي لأنقرة ان التحالف مع واشنطن لاسيما في المجالين الأمني والعسكري ما زال احد الأبعاد الاستراتيجية المكونة لدور تركيا في المنطقة وفي سورية بالتحديد وكلام أردوغان عن اهمية الدور الروسي في الحل السوري يكشف اعتزامه مساومة بوتين على مستقبل سورية الذي يريد ان يحجز فيه دورا لعصابة الأخوان ونفوذا تركيا مباشرا ينطوي على اطماع اقتصادية وسياسية إضافة لمحاولة التحكم بالعامل الكردي وتأثيراته داخل تركيا.

رابعا سقطت التكهنات حول الانكفاء القطري والتحولات السياسية السعودية المفترضة في المنطقة والتي تعززت الشائعات حولها عندما انطلقت مفاوضات الكويت حول اليمن وشرعت تنسج بعدها سيناريوهات افتراضية عن قبول سعودي بالحل السياسي في سورية وليس من المصادفة تزامن معركة حلب مع انفراط المفاوضات اليمنية بتدبير سعودي واضطرار القوى اليمنية الوطنية لصياغة جبهة سياسية وهيكلية موحدة لقيادة الدفاع عن استقلال اليمن بعد طول انتظار وتمهل منذ انطلاق الحرب الأميركية السعودية لإبادة الشعب اليمني واستعمار اليمن والدور السعودي والقطري المتواصل في دعم عصابات الإرهاب ظهر في المسرح الحلبي بقوة على جميع الصعد السياسية والإعلامية والعسكرية.

خامسا سقطت فرضية سعي اوباما لإنهاء الحرب على سورية قبل نهاية ولايته الرئاسية وهو ما كشفه النقاش والاختلاف داخل إدارته بشأن التفاهم مع روسيا والسياسة المتبعة في سورية وما ظهر من تعارضات داخل الإدارة كما عبرت عنها تصريحات وزيري الخارجية والدفاع في إدارة اوباما جون كيري وآشتون كارتر ومن ثم استجابة اوباما للضغوط بكلام تصعيدي حول معارك حلب تؤكد جميعها غلبة حزب الحرب الذي تقوده كلينتون وتبني التوجه القائل بإدامة الحرب على سورية إلى اطول فترة ممكنة لاختبار فرص تصعيد التدخل الاميركي الذي تنادي به المرشحة الرئاسية الديمقراطية وهذا يعني ان الأشهر المقبلة ستشهد عرقلة اميركية متجددة لفرص الحل السياسي وإجازة أميركية لمواصلة الثلاثي التركي القطري السعودي دعم عصابات الإرهاب وتفعيلا مقبلا للدور الصهيوني المباشر وغير المباشر وهو المغزى الفعلي لكلام آشتون كارتر عن جبهة الجنوب.

سادسا سقط التشكيك حول مصداقية روسيا في دعمها للدولة الوطنية السورية وحول شراكتها الاستراتيجية مع محور المقاومة في محاربة الإرهاب وتاكدت صحة المقاربة الروسية المبنية على إدراك تعقيدات الحرب وما تحتاجه عمليات الحسم من قوة وقدرة بشرية ونارية والشراكة الروسية المباشرة في المعارك تسترجع اللحمة الحارة بين الشركاء ورفاق السلاح في الميدان وقد اوضح ثقل الانخراط الروسي حزما في تاكيد الالتزامات الروسية في سورية منذ اجتماع وزراء الدفاع الثلاثة في طهران وبعد مراجعة تجربة وقف العمليات القتالية وفضح الدور الأميركي في حشد الإرهابيين والسلاح إلى حلب.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة