اقليمي ودولي

الجزيرة
السبت 03 أيار 2025 - 17:54 الجزيرة
الجزيرة

العد التنازلي بدأ... مستقبل نتنياهو السياسي على المحك!

العد التنازلي بدأ... مستقبل نتنياهو السياسي على المحك!

بينما يتحضّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة رسمية إلى أذربيجان الأسبوع المقبل، تزداد المؤشرات في الداخل الإسرائيلي على أنه يقترب من لحظة مفصلية في مستقبله السياسي، ربما أقرب مما كان متوقّعًا، مع اقتراب موعد بدء التحقيق المضاد في قضاياه الجنائية. هذا الواقع يعيد إلى الواجهة بقوة الحديث عن احتمال التوصل إلى صفقة "إقرار بالذنب" تنهي محاكمته مقابل خروجه من المشهد السياسي.


ووفقًا للمراسلة السياسية في صحيفة "معاريف" آنا برسكي، فإن تحركات نتنياهو الخارجية لم تعد زيارات بروتوكولية عادية، بل تحوّلت إلى مهمات محسوبة بدقة. فبعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه، باتت كل رحلة عبر طائرة "جناح صهيون" تخضع لتخطيط دقيق، بما في ذلك المسار الجوي، لتجنّب عبور أجواء دول قد تُقدم على اعتقاله.


وتشير برسكي إلى أن زيارة نتنياهو المرتقبة إلى باكو، التي ستستمر ما بين أربعة وخمسة أيام، ليست فقط زيارة دبلوماسية تقليدية، بل قد تُفضي إلى تأجيل بدء التحقيق المضاد في قضاياه لأسبوع على الأقل، وهو ما يشكل مرحلة بالغة الخطورة على أي متهم، بمن فيهم نتنياهو.


التحقيق الجنائي المضاد يُقصد به استجواب فريق الدفاع للشهود الذين قدمتهم النيابة العامة، بهدف التشكيك في أقوالهم أو تقويض مصداقيتهم. وفي حالة نتنياهو، تمثل هذه المرحلة التالية لمحاكمته، إذ ستقوم النيابة باستجوابه بأسلوب هجومي، بعدما كان قد أدلى بشهادته التمهيدية وقدم روايته للأحداث.


وتُعد هذه المرحلة شديدة الحساسية لأن الأسئلة التي ستُطرح على المتهم تكون مفاجئة، ما يفتح المجال لإظهار تناقضات في أقواله. كما أن التغطية الإعلامية المكثّفة خلال هذا التحقيق قد تضرّ بشدة بصورة نتنياهو العامة.


وتحذر برسكي من أن التحقيق المضاد هو أحد أكثر المراحل خطورة في أي محاكمة، وغالبًا ما يقع فيها حتى المتهمون المخضرمون أو من يوصفون بالدهاء القانوني. ولهذا السبب، حاول العديد من المحيطين بنتنياهو منذ عام تفادي الوصول إلى هذه المرحلة، وأكد أحدهم قائلًا: "حتى العبقري يمكن أن يقع تحت وابل الأسئلة. عليه أن يدرس كل السيناريوهات الواقعية لتجنّب هذه اللحظة".


لكن، في المقابل، لا يزال هناك من يشجعه على الصمود حتى النهاية، على أمل أن تنهار القضية ويخرج منتصرًا. غير أن نتنياهو، كما تصفه المراسلة، يبقى "ضبابيًا كالعادة"، ولا يتخذ قرارات نهائية إلا في اللحظة الأخيرة، ما يصعّب على محيطه فهم توجهاته الحقيقية.


وبحسب التقرير، فإن فكرة صفقة الإقرار بالذنب عادت إلى طاولة النقاش بجدية تفوق محاولات سابقة، لاسيما تلك التي جرت عام 2022 وانهارت بسبب رفض نتنياهو الاعتراف بما وصفه البعض آنذاك بـ"العار الأخلاقي" الذي يفرض عليه الابتعاد عن الحياة السياسية لفترة طويلة. أما اليوم، فالوضع تغيّر.


ففي أيار 2025، وبعد تداعيات هجوم 7 تشرين الأول 2023 وما تلاه من حرب طويلة وانقسام داخلي حاد، يبدو أن المؤسسة القضائية الإسرائيلية باتت أكثر استعدادًا لتقديم صفقة بشروط جديدة تتيح لنتنياهو الخروج "بكرامة"، بحسب وصف أحد المقربين منه، الذي قال: "الأساس هو أن يرحل. هذا كل شيء".


وتعكس الأجواء العامة داخل إسرائيل هذا التحول، إذ إن شرائح واسعة من أنصاره السابقين، خصوصًا في الوسط واليمين المعتدل، باتوا يعتبرونه مصدر الانقسام الوطني، ويرون أن مغادرته الحياة السياسية أصبحت ضرورة، رغم أنهم لا يشاركون خصومه الرؤية ذاتها.


في مطلع عام 2022، كان نتنياهو في موقع زعيم المعارضة، يراهن على عودة كبرى إلى السلطة، مدعومة باستطلاعات إيجابية، وكان رافضًا كليًا لأي بحث في إنهاء مسيرته السياسية. أما اليوم، فالواقع مختلف تمامًا.


توضح برسكي أنه، حتى بعد كارثة 7 تشرين الأول، ظل نتنياهو يأمل في تحقيق إنجاز دراماتيكي يُعيد إليه شعبيته، كالتوقيع على اتفاق سلام إقليمي شامل يشمل تطبيع العلاقات مع السعودية. بل إن بعض السيناريوهات كانت تراهن على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لمعالجة الملف النووي الإيراني، ما يمنح نتنياهو انتصارًا سياسيًا كبيرًا.


لكن هذه الرهانات بدأت تتهاوى. فترامب نفسه، الذي كان يُنظر إليه كمنقذ للمعسكر اليميني الإسرائيلي، بدأ يتحدث عن تقدم في التفاوض مع الإيرانيين. أما الحرب في غزة، فلا تزال مفتوحة، وتستهلك مزيدًا من الوقت والجنود والموارد من دون حسم واضح.


داخليًا، تبدو فرص التوصل إلى اتفاق سلام مع السعودية بشروط تقبل بها الكنيست شبه معدومة، خصوصًا إذا تضمن الاتفاق الاعتراف بدولة فلسطينية. وتشير المراسلة إلى أن زعيمي المعارضة يائير لبيد وبيني غانتس يرفضان الدخول في حكومة مع نتنياهو، حتى لو كان ذلك من أجل توقيع اتفاق تاريخي، ما يعني أن عودته إلى الحكم تبقى مستبعدة، حتى في حال نجاته من المحاكمة.


وتختم برسكي بأن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه نتنياهو اليوم، حتى لو قدّم تنازلات كبيرة في الملف الفلسطيني، هو "شبكة أمان خارجية" لدعم اتفاق أو صفقة آنية، مثل صفقة الأسرى ولا أكثر من ذلك.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة