يشعر العماد ميشال عون بان هناك من يمعن في حشره في الزاوية، من غير تقدير دقيق للعواقب.. والعقاب. أوساطه تعدد بمرارة "لائحة العقوبات" المفروضة على الرابية منذ فترة طويلة: ممنوع الوصول الى الرئاسة، ممنوع وضع قانون انتخاب عادل يحقق التمثيل الصحيح للمسيحيين، ممنوع الأخذ بمطالب وزراء "التيار" المشروعة وفي طليعتها التعيينات المؤجلة من عام الى آخر، ممنوع مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين..
وانطلاقا من الاحساس بان هناك حصارا مضروبا على عون من كل الجهات، فان "الجنرال" بات على قناعة بانه لم يعد لديه ما يخسره، بعدما ضاق الخناق حوله، ولذلك بات يفضل الانتقال من خندق الدفاع، الى الهجوم الى الامام، بتغطية من "مرابض" التصعيد السياسي المتدرج، وبمشاركة من «المشاة» في الشارع.
ينصح المقربون من عون رئيس الحكومة بألا يخطئ في التقدير والحسابات. يدعونه الى عدم الاستخفاف بالمشاعر المتأججة في الوسط الشعبي المسيحي، على وقع التهميش المتواصل لممثليه الحقيقيين في السلطة. يحثونه على التعلم من دروس الماضي وعدم تكرار خطأ التوهم ان بإمكان بعض الشخصيات المسيحية المتواضعة الوزن، ان تغطي غياب المكونات المحورية او تعوض عنه، وهذه التجربة بين عامي 1990 و2005، تنطق بالكثير من العبر، كما يقول "نزلاء" الرابية.
يتجنب عون ان يجره الانفعال الى استخدام أوراقه دفعة واحدة، في معركة قد تكون طويلة، وتتطلب "التقنين" في استعمال الذخيرة. المحيطون به، يشيرون الى ان مروحة الاحتمالات المتدرجة تشمل الاستقالة من الحكومة والانسحاب من طاولة الحوار، والأهم النزول الكمي والنوعي الى الشارع الذي سيصبح الملاذ الاخير لـ "الجنرال" حين يتأكد ان أبواب المؤسسات الموصدة في وجهه لن تفتح الا بالتي هي أحسن.
يلمح "البرتقاليون" الى ان المواجهة السلمية في الشارع ستكون هذه المرة مختلفة عن السابق، سواء في حجمها او أشكالها التي ستنطوي على مزيج من التظاهرات والاضرابات والعصيان المدني ووسائل أخرى من الاحتجاج الديموقراطي. التعبئة الجماهيرية بلغت مداها الاقصى وتكفي جولة سريعة في مناطق نفوذ "التيار الحر" لاستشعار حجم الاحتقان الشعبي، كما يؤكد قياديوه. ثم انه لم يعد هناك من مكان، برأيهم، لأي لبس حول عنوان المعركة وهويتها، بعدما كان يجري في الماضي الايحاء بان طابعها شخصي او عائلي، لتحريف مضمونها الاصلي. صارت المعركة وفق مفهوم الرابية وجودية بامتياز وما الخلاف حول التمديد المتمادي للقيادات العسكرية سوى عارض من عوارض الازمة، في حين ان المرض المزمن والمتفشي يتمثل في إمعان البعض في رفض الشراكة الوطنية.
ولان الصراع في نظر المقربين من عون بات مصيريا ويتعلق بمستقبل الوجود المسيحي ودوره في لبنان، فهم يجزمون بان "القوات اللبنانية" لن تقف على الحياد في هذه الموقعة تحديدا، وستشارك جمهور "التيار" في انتفاضة الشارع، متى انطلقت، لا سيما ان إعلان النيات والشراكة في المعركة الرئاسية يجمعان الرابية ومعراب، "والارجح ان سمير جعجع لن يدع هذه اللحظة التاريخية تمر من دون ان يلتقطها، خصوصا انه يعلم ان أي إحراق لورقة عون يعني تلقائيا ارتفاع أسهم ترشيح سليمان فرنجية.." وفق المتبرعين للقراءة في فنجان جعجع السياسي.
ولئن كان"حزب الله" يتمايز عن الرابية في موقفه المتفهم لضرورات التمديد للقيادات العسكرية وبينها العماد جان قهوجي، إلا ان عون لا يبدو قلقا على متانة التحالف الاستراتيجي الذي يربطه بالحزب، علما ان هناك في أوساط "الجنرال" من توقف بإيجابية امام دعوة رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الى تأجيل جلسة مجلس الوزراء إفساحا في المجال امام الاتصالات الهادفة الى تحصين الشراكة في الحكومة وتجنب مظاهر التحدي.
أكثر من ذلك، يُنقل عن عون قوله: قدري ومن موقعي ان أخفف من مخاطر الفتنة المذهبية، وانا أوفر على "حزب الله" خوض معركة نظام لا يستطيع ان يتوغل فيها، لاسباب تتعلق بمحاذير الفتنة..
ولكن عون يتمنى، في المقابل، لو ان الحزب يتدخل لدى الرئيس نبيه بري لاقناعه بخفض وتيرة اعتراضاته على نهج التيار، "لان سلوك رئيس المجلس حيال الرابية من شأنه ان يدفعها أكثر فأكثر الى أحضان معراب"، وفق استنتاج أحد أعضاء "تكتل التغيير والاصلاح".
وبناء على هذا العرض، يتوجه "أركان الرابية" الى فريق الدفاع عن الحكومة، بالقول: "لا تجربونا في المكان الخطأ والزمان الخطأ"..
وما لا يقوله "الاركان" بصوت مرتفع، يتردد همسا في بعض أروقة "التيار الحر": إذا استمروا في تهميش حقوقنا وضرب مرتكزات النظام، ربما يجدر حينها البحث مجددا في خيار الفيدرالية..
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News