اعتبرت منسقة الأمم المتحدة لشؤون لبنان سيغريد كاغ، أن على اللبنانيين أن يعالجوا مشاكلهم بأنفسهم قبل أن تغرقهم المشاكل الإقليمية، معتبرة أن الكلمة المفتاح هي التسوية، وأنها لا ترى جديداً في الأزمة الأخيرة جراء الخلاف على عقد جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي، بل هي نتيجة تراكم في تآكل المؤسسات. ورأت أنه ما زال من الممكن فصل الحلول في لبنان عن أزمة المنطقة، وشددت على الإرادة السياسية اللبنانية للوصول الى ذلك.
وقالت إنه تقرر تأجيل اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك الى وقت لاحق هذه السنة، نتيجة تزاحم الأولويات خلال انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وأوضحت كاغ أنها تُجري اتصالات في شأن طلب لبنان الرسمي تحديد الحدود البحرية مع إسرائيل واستخراج الغاز والنفط في البحر، وتسعى للتوصل الى نتائج ربح – ربح وبناء الثقة في هذا المجال.
الوقت ينفد
وسئلت: طالما أن الشغور الرئاسي مرتبط بأزمة المنطقة وهناك أطراف ينتمون إلى لاعبين إقليميين وهذا سبب فشل الحوار في الوصول إلى نتائج، ما هو دور الأمم المتحدة بالعلاقة مع هؤلاء اللاعبين؟ فأجابت: "أعتقد أن هناك تكثيفاً للدور. هناك سوء فهم في لبنان أكثر من غيره، بأنه عندما يطلب إلى المنسق الخاص أو الممثل الخاص أو الأمين العام أن يقوم بكذا أو كذا، فإنه جزء من دورنا في كل الأحوال، لكن أن يشدد مجلس الأمن على الأمر فإن هذا يساعد. وما زالت لدينا وسائل ديبلوماسية ومفاوضات وأفكار جيدة، وليس مروحة واسعة من الإمكانات. واللبنانيون أنفسهم قادرون وطرحوا أفكارهم كلها. أما في شأن التوصل إلى تسوية نهائية، فأعتقد بأن هناك خيطاً رفيعاً بين الالتزام الإقليمي بذلك بالمعنى الإيجابي، وبين الإرادة السياسية اللبنانية. ولا بديل من الإرادة السياسية للوصول إلى تسوية. وهذا لا يمكن أحداً تقديمه لكم".
وعما تردد بأن طهران اعتبرت أنه يصعب الطلب إلى «حزب الله» تسهيل انتخاب رئيس في وقت يتعرض لعقوبات من دول الخليج ووزارة الخزانة الأميركية، وهذا دليل ارتباط الحل اللبناني بالخارج، تقول كاغ: «هذه وجهة نظر. وهذا لا يعفي القادة اللبنانيين من الإرادة السياسية والحاجة إلى ممارسة مسؤولياتهم، كمنتخبين وكقادة أحزاب، من أجل الدفع بأجندة في مصلحة لبنان، الذي يواجه أزمات متعددة تعرفونها على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والبطالة والقدرة على التعاطي مع أزمة النازحين السوريين. ثم لديكم كل التطورات الإقليمية. أرى أن تعالجوا مشاكلكم هنا، قبل أن تغرقكم المشاكل الإقليمية. إنها مسألة خيار. وأن يقوم المرء بإفقاد نفسه القوة، ليس طريقة سليمة لإحداث تقدم».
وتضيف: «أعتقد أنها معجزة وروعة، وشهادة للبنانيين لقدرتهم وتصميمهم على أن يتعاملوا بطريقة ما، مع الصراع في سورية وانعكاساته على لبنان، بما فيها أزمة النازحين واستضافتهم، خلال أكثر من 5 سنوات. لكن هذا لا يعني أن ليس علينا جميعاً أن نسعى إلى حل، لأن الوقت ينفد».
وسئلت: مجلس الأمن يواصل مطالبة الفرقاء اللبنانيين بوقف التورط في الأزمة السورية والتزام بيان الحكومة و «إعلان بعبدا»، هل ما زال ممكناً فصل الصراع الداخلي عن الأزمة السورية؟ فأجابت: «القضية هي فن الممكن ويجب ابتداعه. نعم هذا ممكن. بإمكانك احتضان الأزمة. وبإمكانك تحصين نفسك من الأزمة. والفصل العملي عن التداعيات السياسية للأزمة ضروري. ولهذا جلسات الحوار التي يقودها الرئيس بري مهمة، كذلك الحوار الثنائي بين «المستقبل» و «حزب الله»، والحوار بين القوى المسيحية. الحوارات تحتاج إلى نتائج».
أرقام المساعدات
وعن شكوى لبنان من عدم الوفاء بالالتزامات الدولية حياله في ما يخص النازحين ترى كاغ أن "هناك مستويات عدة في شأن مطالب لبنان للتمويل. صحيح أنه من الصعب تحديد الرقم الأخير للمبلغ المخصص للبنان. لكن المانحين كانوا كرماء في السنوات الماضية. خطة الاستجابة للأزمة التي وضعها لبنان طلبت 2.48 بليون دولار، للعام 2016. وحتى نهاية شهر أيار من هذا العام تم تمويل قرابة 30 في المئة من الخطة. ومنذ عام 2012 تلقى لبنان 3.5 بليون دولار كمساعدة إنسانية، يستفيد منها في شكل متصاعد، مباشرة وغير مباشرة، لدعم الاقتصاد المحلي بسبب الانعكاس السلبي للأزمة السورية عليه. والمبالغ التي توافرت هذه السنة هي 1.17 بليون دولار حتى أيار (مايو)، تشمل 344 مليون دولار جرى تدويرها من عام 2015، و828 مليون دولار هي الحصة التي حصل عليها منذ بداية 2016. وهذا يعني أن 726 مليون دولار حصل عليها لتمويل مشاريع وفق خطة الاستجابة للأزمة التي وضعتها الحكومة.ومن الواضح أن هناك ثغرة قياساً إلى ما طلبه لبنان (في مؤتمر لندن للمانحين) وأنا أشاطر القلق اللبناني بأنه يمكن القيام بالمزيد. لكن في رأيي أن الكثير من المبالغ الكبيرة مرتبط بالقروض الميسرة بصفر فائدة، وهي تفيد البنى التحتية وتوفر فرص العمل للمواطنين اللبنانيين".
المساعدات للجيش
وعن لائحة المساعدات للجيش التي طلبتها من وزير الدفاع، قالت إنها سترفعها "إلى عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والتي تهتم لاستقرار لبنان وأمنه. نحن نقدم هذا النوع من الطلب كل مرة يصدر تقرير عن الأمين العام. وفي نيويورك خلال الجمعية العمومية، تكون لنا لقاءات مع مروحة واسعة من كبار القادة، وهناك دول متوسطة الحجم، مهتمة بأن تعزز مساعداتها الأمنية والعسكرية للبنان. هذه فرصة. حالياً فإن المساعدة في إطار برنامج الجيش للتسلح، كانت تلك التــي قدمتها الولايات المتحدة الأميركية محـــورية، كذلك من فرنسا وبريطانيا، لا سيما أبراج المراقبة على الحدود. من الـــواضح أن انتشار الجيش اللبناني فائــق التوسع ويحتاج إلى مساعدات مستقبلية على مدى سنوات. وهذه فرصة للدول أن تقوم بخطوات عملية. هناك دول تمول المساعدات للنازحين، وهذا يعطي انطباعاً أن الدول تساعد لبنان بسبب هؤلاء. لكن الأمر ليس كذلك، وعلينا أن نوضح للدول أن ثمة حاجات خاصة بلبنان بذاته".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News