ليبانون ديبايت - ربيع الشاعر
حين لا يبقى الا شخص واحد يصلح لرئاسة الجمهورية، وشخص واحد لقيادة الجيش وشخص واحد لحاكمية مصرف لبنان وعائلة واحدة لوراثة الحزب ووراثة المقعد النيابي أو حتى لترؤس لجان المهرجانات، وعندما يعيث الفساد في الأسرار المقدسة من الكهنوت الى الزواج وحين يصبح النواب والوزراء والعسكريون والمدراء العامون أهم من عامة المؤمنين، وعندما يطعم السارق الأحبار وتوهب الأوقاف للأقارب بينما تنزف الطائفة من جرح الهجرة وجرح العوز ويحصل كل هذا باسم المسيح والموارنة فبئس تلك الرئاسة والزعامة والقيادة والقداسة!
لا أيها السادة، أنتم لا تدافعون عن المسيحيين أنتم تتاجرون بالمسيح ذاك الذي فضل الصليب على العنف.
لا أيها السادة، ما هكذا كان رسله الذين فضلوا الشهادة على البطش.
وما أنتم أيضا بقديسين فضلوا الفقر والعطاء على الفحش والوجاهة.
لا أيها السادة، مارون لم يكن قائدا عسكريا ولا سياسيا ولا حبرا تقبل يداه بل كان ناسكا وزاهدا وحرا وعالما.
لا أيها السادة، الموارنة أعظم من المناصب، المارونية مقاومة فلسفية روحية إنسانية قامت على الفلاحين وحبهم للأرض وللخير وليس على الوجهاء وقامت على المثقفين وانفتاحهم وليس على الانحطاط والرجعية وقامت على المؤمنين وتواضعهم في خدمة الحق بصمت ومحبة!
لا أيها الرعاة، الخراف لا تقاد بالخوف والحقد والتخوين والمحاصصة.
ماذا تنفع المسيحيين كل مناصب الدولة اذا كانت طريقة التعيين فاسدة والموظف فاسد والنظام فاسد!
زعماء، زعماء، أنتم مهتمون بمناصب صغيرة والمطلوب واحد وهو محاربة الفساد بالحفاظ على القيم وليس بالحفاظ على الكراسي والمحسوبيات.
تقول الام تيريزا يا رب حينما أشعر بثقل صليبي...ساعدني أن أتقاسم صليب الآخر، فَلَو كانت هذه الام لبنانية لضحكتم عليها ولقلتم عنها سخيفة وبسيطة وضعيفة لأن صلبانكم من ذهب ولأنكم لا تحبون حتى أخوتكم!
اذا كان المسيح بذاته قد قال ان مملكتي ليست من هذا العالم فلماذا نريد ان نصبح ملوكا؟
اذا كان هو من قال أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله فكيف ننصب أنفسنا قياصرا ونطرد الله من اعمالنا ومواقفنا وسياساتنا!
لو كان العدد مصدر قوة او مصدر خوف المسيحيين لكان المسيح انكسر هو ورسله الاثني عشر ومنهم من خانه!
لو كانت المناصب تشفي غليل المسيحيين لكان المسيح نصب نفسه ملكا وخلّص نفسه واللصوص من حوله!
لذا أيها الكبار من تخدمون؟
أيها الخطأة من ترجمون؟
أيها الفريسيون من تعبدون؟
ماذا ينفع ان اربح المقاعد النيابية والوزارية كلها وأخسر رسالتي في هذا الشرق والعالم؟
ماذا ينفع أن ألعب اللعبة الطائفية وأخسر إنسانيتي؟
ماذا ينفع أن أحذر من التيارات الأصولية والعقائدية وفي مدارسي ظلم وجهل وفساد وفي كنائسي قلوب مكلسة؟
ماذا ينفع ان أشكو من البطالة والغبن وجامعاتي تعطلت عن التفكير والبحث والابتكار وأصبحت معامل تعليب شهادات مكلفة لا قيمة حضارية لها.
ماذا ينفع أيها الساسة ان تشكون من عدم تطبيق الاتفاقيات والدساتير والقوانين وأنتم تغضون النظر عن عدم تطبيق توصيات السينودس والمجمع الماروني وعدد صفحاته ٨٠٠!
ماذا ينفع أيها الأخوة ان تعيدوا الجنسية للمغتربين وأنتم تنتجون كل ظروف الهجرة من جديد؟
فَلَو سمحتم قبل ان تنظروا الى عيوب الآخرين أنظروا للخشبة في عيوننا!
لا أيها العظاة، ليس بالغيرة على المصالح وحدها يحيى المسيحيون. ليس بالتمسك بالمناصب والتمديد للأشخاص، ليس ببناء أحزاب عاطفية وعائلية.
ليس بالوقوف في وجه المسلمين نحافظ على المسيحيين بل بالوقوف في وجه الظلم والفساد مهما كان دين صاحبه.
ليس بالمواقف الرجعية والقبلية والعنصرية والاستفزازية ندافع عن حقوق المسيحيين بل بالمحبة والوعي والقدوة والعلم والتضحية وقداسة الأعمال والأقوال وهذا ليس من عندي!
يخسر المسيحيون وجودهم حين يواجهون مصيرهم بنفس أدوات وأساليب من يشكون منهم.
يخسر المسيحيون دورهم حين يصبح الدفاع عن المنصب أهم من الدفاع عن الحق.
يخسر المسيحيون رسالتهم حين يؤمنون بالخوف وبالأشخاص وبالقوة بدلا من ان تشع عيونهم فرحا كلما ازداد ظلمهم فيغفرون لطغاتهم ويحبون أعداءهم، هم الملح والسراج، سلاحهم المحبة ووظيفتهم العطاء!
حينها وحينها فقط أبواب الجحيم لن تقوى عليهم.
وللتذكير، المسيحي ليس من يلد بالهوية مسيحيا بل الذي يضحي بذاته من اجل العدل والخير والسلام والمحبة، هؤلاء فقط يمثلوني وطوبى لهم مهما كان دينهم، أما الآخرون فاغفر لهم ولنا يا لبنان!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News