ليبانون ديبايت - لارا الهاشم
لم تنجح كل التحذيرات التي اطلقتها وزارة الطاقة والمياه من امكانية لجوء الشركة اليونانية ‘JP&AVAX’ الفائزة بمناقصة دير عمار لبناء محطة كهرباء الى التحكيم الدولي، بعدما تخلفت وزارة المال اللبنانية عن دفع مستحقاتها. لم تنجح اذا في حث الحكومة اللبنانية على اتخاذ موقف واضح لتجنيب لبنان نزاعا قانونيا دوليا قد يكبده ملايين هو بغنى عنها.
ففي معلومات ليبانون ديبايت ان الشركة المذكورة تقدمت بتاريخ 17 آب 2016 اي منذ اقل من شهر بدعوى ضد الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه ووزارة الخارجية والمغتربين ووزارة المال، لتخلف لبنان عن تسديد قيمة العقد البالغة 360 مليون يورو.
ولكن اخطر ما في الموضوع ان الشركة اليونانية لجأت الى التحكيم الدولي امام ‘ICSID’ اي المركز الدولي لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات، وقد تسلّم لبنان الادعاء المقدم من’JP&AVAX’ من خلال مكتب محاماة يوناني ‘Ionnis Vassardanis’ و مكتب شركة ‘Wilmer Cutler Pickering Hale & Dorre’ في لندن. وتتوقع مصادر ليبانون ديبايت ان تبلُغ قيمة التعويض الذي ستطالب به الشركة نفس قيمة الخسائر التي تكبدتها والمقدّرة ب 100 مليون يورو.
وتشير المصادر عينها الى ان ‘JP&AVAX’ كانت قد وجهت انذارا الى الدولة اللبنانية منذ عام 2014 بأن الكيل قد طفح وبأنها ستلجأ الى التحكيم الدولي، الا ان الدولة لم تحرك ساكنا منذ ذلك الحين.
في هذا الاطار لا بد من التذكير بأن مشكلة معمل دير عمار بدأت منذ نيسان 2013 عندما فازت الشركة اليونانية بالمناقصة لبناء محطة تؤمن 700 MW كهرباء للبنان. وقعت وزارة الطاقة والمياه العقد البالغة قيمته 360 مليون يورو بعدما اجبر الوزير المختص في حينها جبران باسيل الشركة اليونانية على تخفيض مليون يورو من قيمة العقد عند التوقيع. على ان يتم تمويل المشروع استنادا الى القانون 181/2011 الذي خصصت فيه الدولة اللبنانية اعتمادات لمشاريع استثمارية لها علاقة بالطاقة بما فيها هذا المشروع، يصار الى تأمين تمويلها اما داخليا او خارجيا.
على هذا الاساس اشترت الشركة "التوربينات" لبدء العمل وارسلت فاتورة لوزارة الطاقة التي بدورها احالتها الى وزارة المالية، وهنا وقع الاشكال بين الوزارتين. فوزارة المالية الممثلة بالوزير علي حسن خليل امتنعت عن دفع المستحقات معتبرة ان قيمة العقد غير واضحة، اي ان كانت تشمل الضريبة على القيمة المضافة ام لا. وفيما اعتبرت المالية ان الضريبة يجب ان تكون محتسبة ضمن قيمة العقد رأت وزارة الطاقة العكس. استمر الخلاف الذي اتخذ شكل صراع سياسي بين وزيري التيار الوطني الحر وحركة "امل" لاشهر، فكانت النتيجة تخلف الدولة اللبنانية عن دفع مستحقات الشركة وتوقف الاخيرة عن التنفيذ. احيل الملف ثلاث مرات الى ديوان المحاسبة: مرتان من قبل مراقب عقد النفقات في وزارة المالية ومرة من قبل رئيس مجلس الوزراء وكان فحوى قرارات الديوان انه لا يمكن تحديد ما اذا كان العقد خاضعا للضريبة على القيمة المضافة قبل تحديد مصدر التمويل سواء كان داخليا ام خارجيا، لأن المشروع المموّل خارجيا لا يخضع للضريبة على القيمة المضافة. اما تمويل المشروع فلم يؤمن حتى اليوم، مع العلم ان الحكومة اللبنانية كانت قد فوضت وزير المال علي حسن خليل بتأمينه.
اليوم وصل النزاع القانوني الى التحكيم الدولي، وعلى الرغم من انه لا يزال في بداياته الا ان مصادر قانونية مطلعة تقول ان الامر سيؤثر سلبا على سمعة لبنان في الخارج كما سينعكس سلبا على عامل الثقة لاسيما في مجال الاستثمار، بعد ان تناولت القضية مراجع ومجلات اساسية في عالم التحكيم وهي ‘IA Reporter’ و Global Arbitration’ Review’، خاصة ان في حق لبنان دعوى اخرى مقدمة من شركة المانية امام ‘ICSID’ متعلقة بمطار بيروت.
لكن ما هو اسوء على الصعيد الداخلي فهو ان تلك الملايين ستدفع كتعويضات لا كتمويل لبناء محطة تؤمن للبنانيين كهرباء، وما يزيد الطين بلّة هو ان مصدر هذه التعويضات لن يكون سوى جيب المواطن اللبناني العاجز اصلا عن تأمين حاجاته اليومية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News