"ليبانون ديبايت" - ملكار الخوري:
لقد دَرَجْتُ على كتابة مقال سنويّ عن بشير الجميّل، في ذكرى إنتخابه رئيساً، وليس في الرابع عشر من أيلول.
لماذا؟
لأن تاريخ 14 أيلول، وبالرغم من إختزاله الوجدان المسيحي، يمثّل لحظة الإنكسار، لحظة توقِّف الزمن عند الكثيرين.
غريب كيف تتحوّل لحظات الموت إلى مناسبة لتأكيد الوجود والهويّة. ليس في التصريح هذا أي صورة شعرية او فلسفية، بل هو مجرّد ملاحظة خالية من أية رمزية !
هَلّا تأملّتم يوماً وجه البشير – دون أن يغيب عمره عن بالكم ؟ ألم تتساءلوا كيف يحمل وجهه هذا الكم من التجاعيد، ولماذا؟
حسناً، قد يقول البعض أنها بفعل العوامل الوراثية. ربّما.
أو أنّ الجيل السابق كان يشيخ بشكل أسرع. ربّما/أو قطعاً لا. بعض من عاصره خير دليل على هذه ال "لا".
ترسم تقاسيم وجه البشير مرحلة البلوغ الوجوديّ، وتحتضن في ثناياها رفات براءة ومراهقة جيل، فَرضت عليه الأحداث مخاطر ومسؤوليات، وهو لم يكن قد قسا عوده بعد.
ماذا يعني أن تقف خلف متراسٍ ولم تبلغ بعد سن 18، أو 20 أو حتى 30؟
ماذا يعني أن تحمل أمن ومسؤولية سلامة حيّ، أو بلدة أو مجتمع وأنت في سن ال 29؟
ماذا يعني أن تصير رأس الدولة وأنت في سن ال 34؟
هلا تأملّتم الآن وجه البشير – دون أن يغيب عمره عن بالكم ؟
تُضحِكُني عنتريات الجيل الجديد، جيلي، وأكبرنا لم يَخبَر من الحرب وقساوتها سوى الإحتماء في الملاجئ. تكفي مراجعة ما يُنشر على وسائل التواصل الإجتماعي من شعارات وصور و"بَهْورات"...
حسناً، أنا لست ضد "الطقوس الحزبية" من شعائر، ومسيرات، وإستعراضات وعروض بصرية وسمعية. فهي التي تخلق وتنمّي حس الإنتماء إلى جماعة، وترفع مستويات "الأدرنالين" الفردية والجماعية. غير انّ تلك، في قالبها الحالي، تبدو فاقدة الإتصال بالواقع. واقعٌ أمسى فيه المسيحييون، بحدّهم الأقصى كمجلة Historia، أمينة ودقيقة في سرد المعلومات، التاريخية، والتاريخية فقط.
قد يقول قائلٍ: تبدو كالبوم، في زمنٍ يحتاج المسيحيون فيه إلى رفع المعنويات.
وقد لا يستثيغ هذا البعض ما تبقّى من هذا المقال. حسناً، الحقيقة صعبةُ، اليس كذلك؟
أكثر ما يحتاج المسيحيون إليه اليوم هو الواقعية. ما كان أيّام البشير، قد ولّى. فليَدفنوا موتاهم بسلام.
هذا لا يعني مطلقاً التنكر لنضالاتهم، وتضحياتهم، ومشاريعهم وإستشهادهم. بل يفترض محاكاة الواقع بما يقدّم من معطيات حالية.
عام 2007، وخلال لقائه مع بعض الناشطين في لبنان، سأل أحدهم الوزير السابق سليم الجاهل:
Et si Bachir Gemayel était vivant, le Liban aurait il (لو كان بشير الجميّل حياً، هل كان لبنان...). لم يدعه الجاهل يكمل سؤاله، بل قاطعه قائلاً:
Monsieur, Bachir Gemayel est mort (سيّدي، بشير الجميّل قد مات).
نعم، لقد مات بشير الجميّل !
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News