المحلية

الخميس 15 أيلول 2016 - 01:06 ليبانون ديبايت

ديموقراطية الموز في لبنان "..داء سئيم"

ديموقراطية الموز في لبنان "..داء سئيم"

"ليبانون ديبايت" - المحامية رانيا إيليا نصرة:

رحم الله الناقد الايرلندي الفذً والمؤلف العبقري جورج برنارد شو الذي قال: "الديموقراطية منهج يضمن اننا لن نُحكَم بأفضل مما نستحق" وهو لم يتوانى يوما عن ترداد مقولته الذائعة الصيت "ان الديموقراطية لا تصلح لمجتمع جاهل لان الاغلبية من الحمير ستحدد مصيرك". عذرا" من الحمير لم نعد ندري كم عددهم في بلادنا.

اهلا بكم في ديموقراطية الموز، موز الطبقة البورجوازية تطعمنا اياه كل يوم فئة من المجتمع اللبناني لا تتجاوز 6% من مجموع سكانه لكنها تهيمن على مقدًرات البلاد الاقتصادية وتسيطر من خلال ذلك على اكثر من 31% من الدخل القومي وهي عبارة عن مُكوّن اجتماعي مؤلف من 13 تجمّع عائلي يرمزون بعددهم الى "النحس" الذي ما زالوا يجلبونه على البلاد وبنَحسِهم هذا يسيطرون على ما يتراوح ما بين 5% و 50% من رأسمال الشركات المساهمة في كافة القطاعات الاقتصادية في لبنان.

ولديموقراطية الموز مظاهر اخرى إذ بأسيادها يطعموننا كل يوم موزة طائفية بنكهة ميثاقية جديدة. فَهُم يستجلبون الى ذاكرتنا المريضة مع كل استحقاق ميثاق وطني يخيطونه على قياس منافعهم ومصالحهم المتوخى تحقيقها منه. طبعا لِكَون الميثاق الوطني هو غطاء لللمحاصصة بين ملوك طوائف المجتمع اللبناني وهو بطبيعة الحال لم يعد يتلاءم مع حاجة الجيل الجديد من اللبنانيين الى نفس من الديموقراطية المؤسساتية غير "الهجينة" والتي لا تعتمد لا على دين ولا زعيم ولا عباءة مفتي ولا فتوى اهل مدينة ولا حتى لتبريكات الأسياد ولا بركة بطريركية ولا حتى فاتيكانية.

انه الخامس عشر من ايلول تحتفل به اقطاب الدنيا باليوم العالمي للديموقراطية وبالمناسبة لنُنصِف ولو قليلا ديمقراطيتنا المَوزَاء فهي بالرغم من كونها "هجينة" بحسب تصنيف مجلة ايكونمست البريطانية فقد حاز لبنان وفقا للمصدر نفسه على المرتبة الثالثة ضمن جدول يظهر معدل الديموقراطية في بعض دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

اما عن تصيف لبنان ضمن خانة الأنظمة "الهجينة" فذلك مردّه الى أن النظام اللبناني هو جمهوري برلماني ديموقراطي، غير انه نظام طائفي من الدرجة الاولى. فالأحزاب السياسية طائفية باغلبيتها الساحقة، والدستور وضع ايضا على اساس طائفي والسلطات الثلاث طائفية بالشكل والمضمون.

بالاضافة الى ذلك لقد كرّست المادة "ي" من مقدمة الدستور اللبناني نظامنا "الهجين"هذا، حيث تسود اللاعدالة الاجتماعية واللامساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين، بل جلّ ما يعتري هذا النظام يقتصر على كم هائل من معايير التمايز والتفضيل التي تُنهك كل يوم فئة كبيرة من المواطنين اللبنانيين من الذين يأبون الانصياع الى التبعية والاستزلام.

وتنص المادة "ي" من مقدمة الدستور اللبناني على انه "لا شرعية لأية سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" والمقصود بميثاق العيش المشترك ميثاق العام 1943 وهو ميثاق غير مكتوب وقد جرى التوافق بموجبه بين الطوائف الأساسية على كيفية مشاركتها في الحكم عبر توزيع المقاعد النيابية والوزارية والوظائف العامة والمناصب الأخرى فيما بينها وفقا للعدالة مما ادى في المضمون والممارسة الى القضاء نهائيا على الديموقراطية والحياة الحزبية اللاطائفية والنقابية عن طريق قيام ملوك الطوائف على محاصصة مختلف الوظائف في الادارات والمؤسسات العامة والجيش والاسلاك العسكرية والأمنية والقضائية وتحكّموا في التعيينات والترفيعات على مستوى كافة الفئات الوظيفية، علما ان القانون ينص على طائفة الموظفين من الفئة الأولى حصرا ولا يتعداه الى باقي الفئات والمراكز.

لا تقتصر هشاشة ديموقراطيتنا الموزية على اصابتها ببكتيريا الطائفية بل يتعدى الامر ذلك الى مأزق يكاد أن يكون الأكثر مذلة والأكثر استحقارا في العالم لأي نسيج من الجماعات المكونة لمجتمع ديمقراطي ألَا وهو الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكثر من عامين دون أي حسيب أو رقيب أو خجل أو عذر أو طارىء ... أين الرئيس وكيف يمكن استمرار اي نظام ديمقراطي على العمل دون عقل متنور يقود دفّته تفادياً من الغرق؟

يبدو انه حتى آلية انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ما عادت تخضع للأصول المتعارف على سلوكها في الأنظمة الديموقراطية، بل تحديدا ان ما يحكم هذه الآلية في لبناننا "الهجين" مشهديات مختلفة منها: امكانية انتزاع حل رئاسي على قاعدة (السلة المتكاملة) والتي تشمل الى الرئاسة، قانون انتخاب جديد وحكومة جديدة وتعيينات أساسية، وقد تكون امكانية الوصول الى حل لأزمة الفراغ الرئاسي محددة وفقا للنهج الجديد الذي ستعتمده الادارة الاميركية العتيدة تجاه الشرق الاوسط وتحديداً في موضوع الازمة السورية.
تاريخياً ومنذ الاستقلال كان انتخاب الرئيس اللبناني يخضع للعبة دولية واقليمية بنسب متفاوتة اضافة الى حد أدنى من التوافق الداخلي اللبناني، اما في يومنا هذا فاصبح الرئيس يعيّن بقرار دولي وانتخابه في البرلمان مسرحية هزلية أبطالها دوليون والكومبارس محلي.

كل ما تقدم ليس الا اشارات تفيد عن شلل العمل الديموقراطي في مؤسساتنا وليس ذلك الا دليل عن امتناع ملوك الطوائف من الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية في لبنان، عوضاً عن ذلك ها هم يشبعوننا موزاً كل يوم حتى صرنا ننتمي الى كوكب القرود.

ومن عصارة الاحباط الذي قد ابتلينا به منذ ربع قرن حتى يومنا هذا، نداء عاجل: "يا أيها الشعب العظيم (باستطاعتي قولها دون ان أكون قد ولًيت أي من ملوك الطوائف على نفسي)، هلم يا أيها المواطنون اللبنانيون، ان الانتخابات النيابية على قاب قوسين، لنُضرِب يوما واحداً عن اداء دور القرود ولنحتكم الى شرعة حقوق الانسان والمواثيق الدولية التي تولينا الحق بانتخاب ممثلينا داخل الندوة البرلمانية ممن يليق بمواطنيتنا وكرامتنا وانتمائنا للبنان وللبناننا فقط.

انتخبوا من لا ينتمي الى اي حزب طائفي، انتخبوا من لا يربطه باي زعيم سياسي من الاسر الثلاث عشر المشؤومة اية صلة قربة أو تبعية. انتخبوا الكفوء، الجدير، المنزه، المتعالي، المتنوِّر وصاحب رؤية ومشروع خلاصي يؤسس للبنان "ذو وجه عربي" يتمتع بنظام جمهوري برلماني ديمقراطي ودستور حُذفت منه اية اشارة الى ميثاق طائفي أو طائف، وليكن من ستنتخبون لا يحمل في قلبه سوى لبنان العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع ابنائه دون تمايز او تفضيل...

لا بد لكم وقد ذقتم من معاصي الطبقة السياسية الفاسدة ألأمرّين حتى بانت على جلودكم الدمل، أن تطردونهم خارج اسوار الحكم وتحتكموا الى المثل القائل:"حياة الفهيم مع البهيم، داء سئيم"

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة