"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
يتحدّثون عن الهوية العربيّة.. ولا يقفون الى جانب اشقائهم العرب.. يحاضرون بالسلام والامان وحقوق العيش بكرامة وعند "الجدّ" يهربون.. يعتقدون ان بالاموال تحلّ كل المشاكل، وفي هذه النظريّة هم أيضاً مخطئون.. ينادون ينصحون.. يتكلّمون.. ويا ليتهم من التطبيق هم قريبون.. هذه هي حال بعض الدّول العربيّة والدّول الكبرى.. بينما الاضعف والافقر، والبلدان الاكثر معاناة سياسياً اجتماعياً واقتصادياً وحتى جغرافياً تتحمّل ما لا تجرؤ على تحمّله "الدّول العظمى".
لبنان هذا البلد الصغير من حيث المساحة، والكبير في ازماته، يحتلّ المرتبة الاولى لناحية استضافة العدد الاكبر من اللاجئين السورييّن مقارنة بالفرد الواحد. أما الولايات المتحدة الاميركية فتعدّ بمثابة "الواهب الاكبر" في قضيّة اللاجئين. فكيف سيتعاون "المانح" و"المستضيف" لحلّ هذه الازمة؟!
في مقابلة اجراها عدد من الصحافيين مع مساعدة وزير الخارجية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة عبر "DVC"، تحدّثت آن ريتشارد عن القمّة المنتظرة في عشرين ايلول، التي ينظّمها الرئيس الاميركي باراك اوباما مع قادة الدول، معتبرة ان الهدف الاساسي من هذه الدعوة، هو الحصول على اكبر عدد ممكن من الالتزامات التي تتعهد بها الحكومات، من اجل تمويل المنظمات الدوليّة، ومساعدة كل دولة تستضيف اللاجئين السوريين، لتمكين هؤلاء من الاندماج اكثر في المجتمع، من خلال توفير فرص العمل بطريقة شرعية، وسبل اخرى اهمها تعليم الاولاد، وغيرها من السياسات التي يجب العمل عليها اكثر لتسهيل حياة اللاجئين، ومنحهم حق العيش بكرامة.
ريتشارد التي عبّرت عن عشقها للبنان، شَكرت هذا البلد الصغير على قدرته الكبيرة في التحمّل، واستقباله النسبة الاكبر من اللاجئين السوريين، وقالت: "المطلوب ليس توطين اللاجئين، انما احتوائهم لفترة مؤقتة ريثما تصبح الظروف ملائمة لعودتهم الى وطنهم، نحن نقدر التضحيات التي يبذلها الشعب اللبناني، والمعاناة التي يعيشها نتيجة تزايد عدد اللاجئين، ونحن لن نقبل بأن "ندمّر" حياة اللبنانيين لحماية السوريين، لذلك فإننا نحرص على توفير المساعدات لكلا الشعبين، من خلال فحص المياه وتنظيف الخزانات، واجراء اللقاحات اللازمة منعاً لانتشار الامراض، اضافة الى منح مساعدات للمدارس، ومؤخرا نقلنا اعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين من بيروت الى الولايات المتحدة، اضافة الى دعم لبنان على المستوى الاقتصادي والعسكري".
وشدّدت ريتشارد على ان "السوريين لا يريدون البقاء في لبنان او اي بلد اخر، فهم ينتظرون انتهاء الحرب في سوريا حتى يعودون الى ارضهم التي اشتاقوا اليها، حتى انهم لا يريدون ان يكونوا "لاجئين" او ان يعيشوا على الهبات والمساعدات، بل على العكس هم يريدون، الاتكال على انفسهم، والعمل، للانفاق على عائلاتهم وتسجيل اولادهم في المدارس، من هنا نلاحظ لجوء الكثير منهم الى السويد والمانيا، نظراً للتسهيلات التي يحصلون عليها في هذين البلدين لناحية، الانخراط في المجتمع، وفرص العمل المتاحة امامهم، وهذا ما نسعى الى تحقيقه في لبنان والدول التي تستضيف اللاجئين الى حين عودة هؤلاء الى سوريا".
وتعليقاً على تقرير المفوضيّة الساميّة للأمم المتحدة لشؤون اللاّجئين، الذي جاء فيه ان 14% فقط من "الدول الغنيّة"، تستقبل اللاجئين، والسبب وراء عدم الضغط على الدول الكبرى ودول الخليج لتحمّل اعباء هذه الازمة مثلهم مثل البلدان الاخرى، قالت ريتشارد في معرض اجابتها على سؤال موقع "ليبانون ديبايت"، ان "هذه المسألة هي واحدة من أهم البنود التي ستطرح في قمة 20 ايلول، وذلك لحث اكبر عدد ممكن من الدول على مشاركتنا هذه الازمة وتقديم مساعدات اخرى غير تلك المادية، مع العلم بأننا لا نرغم احداً على الالتزام بالمقرّرات، لكننا نتمنى على الدول سلك هذا الطريق من خلال محادثات تجريها الولايات المتحدة معهم كما تفعل مع لبنان، حتى يكونوا اكثر مرونة في التعاطي مع هذا الملف ومساعدة اللاجئين سواء عن طريق الهبات او المنح المدرسية او منح تأشيرات مؤقتة، او استضافتهم، وهنا نتوجه ايضاً للدول التي لم تستقبل بعد اللاجئين، حتى تقدم على هذه الخطوة، ونحن جاهزون لتقديم المساعدة في هذه المسألة، وارشاد هذه الدول على كيفية التعامل مع هذه الازمة والخطوات المطلوبة".
واوضحت ريتشارد ان نسبة اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة الاميركية قد تكون ضئيلة مقارنة مع قدرة لبنان وغيره من الدول على الاستيعاب، ذلك لان اميركا لا تكتفي فقط باستقبال اللاجئين بشكل مؤقت انما تمنحهم "One Way Ticket"، اي انها تحتضنهم لفترة اطول من الوقت، قد تصل الى حد الاقامة الدائمة، ليصبحوا مواطنين لهم الحقوق ذاتها كالاميركيين، وفي هذه الخطوة استفادة ايضاً لاميركا نفسها لناحية تحصيل الضرائب مثلاً، حتى انها تحرص ايضاً على لمّ شمل العائلات، من هنا تختلف اميركا عن غيرها من الدول في هذا الخصوص".
وفي الختام، رأت ريتشارد ممازحة، ان "كل من يأتي الى لبنان يقع في غرام هذا البلد، ارضاً وحتى شعباً، ولا يريد مغادرته، لكننا سنبذل كامل جهدنا لانهاء الحرب في سوريا، ووقف الصراع الدائر على ارضها، ليصبح المناخ امناً ومناسباً لعودة السوريين الى وطنهم، ولكن المطلوب في الوقت الراهن من لبنان، مع غياب اية بوادر قريبة للحل، تحمّل ازمة اللاجئين واميركا لن تتخلى عن الدولة اللبنانية والشعب اللبناني وستقدم المساعدات اللازمة للسوريين واللبنانيين معاً، والازمة السياسية الموجودة في لبنان لن تؤثر على برنامج الولايات المتحدة في دعمه، علماً بأن حل الخلافات الداخلية واعادة الحياة الى مؤسسات الدولة من شأنه ان يسهل في تطبيق البرنامج، لكن التعطيل لن يقف حائلاً دون وصول المساعدات الاميركيّة الى لبنان".
يبقى ان نشير، الى ان تقرير منظمة "أوكسفام" الدولية الخيرية، اظهر ان كلا من الأردن وتركيا وباكستان ولبنان وجنوب أفريقيا وكذلك الأراضي الفلسطينية، تستضيف أكثر من 50 في المئة من إجمالي عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في العالم، مع العلم بأن اقتصاد تلك الدول يشكل ما نسبته أقل من 2 في المئة من الاقتصاد العالمي. كما اظهر تقرير "UNHCR" تصدّر لبنان المرتبة الاولى كما سبق ان ذكرنا.. انطلاقاً من هنا ندعو الدول العظمى والبلدان العربية، الى التشبّه بتجربة لبنان، بعدما اثبتت انه ("أعظم" الدّول "عروبة").
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News