... وكأنه لم يكن ينقص لبنان سوى «الاشتباك العقاري»، حتى يكتمل قوس أزماته، وتتمدد الهواجس الطائفية المحمومة من السياسة الى الاراضي.
وما بين الماضي الموروث والحاضر المسكون بالمخاوف، تداخلت تضاريس الجغرافيا مع تعقيدات الديموغرافيا، وتعقدت مفاهيم الملكيات العامة والخاصة، لينشب في منطقة العاقورة ومحيطها خلاف ظاهره عقاري وباطنه طائفي، سرعان ما أخذ بالتفاعل، مولدا انفعالات هنا وهناك، واقتضى تدخل مرجعيات رسمية وروحية وسياسية.
ويقول وزير المال علي حسن خليل إن هناك من يخوض معركة وهمية ومفتعلة، لان قانون الملكية العقارية يستثني اساسا أراضي جبل لبنان القديم الممتدة من جزين حتى بشري، والتي هي ملك ولا علاقة لها بالمذكرة الصادرة عن وزارة المال، مشددا على ان أحدا لم يقارب مسألة العاقورة لا من قريب ولا من بعيد.
ويؤكد خليل انه لو ارتكب أي خطأ في المذكرة، «لكنت بكل جرأة قد صححته، وفي كل الاحوال، فان المذكرة لا تلغي القانونَ الذي تَبْقَى أعمالُ الموظفين تحت سقفه، ولهذا، سترد الوزارة على أي مراجعة بنصوص القانون 3339، الواضح في مادتيه الخامسة والسابعة، الملزِمَتَين لكل العاملين في المسح العقاري».
ويشير الى ان البعض أخافته الدعاوى المرفوعة من قبل وزارة المال بحق سارقي اراضي الدولة والمشاعات في اكثر من منطقة لبنانية، وهذا البعض يقوم بحملة تحريض مسبقًا ليحمي نفسه او ليغطي نفسه عند الملاحقة القانونية، وذلك تحت شعارات طائفية او مناطقية.
ويوضح ان هناك امام النيابة العامة المالية دعاوى بحق من قام بنقل مئات آلاف الامتار من مشاعات الدولة الى ملكه الخاص، بتعاون بين المختار «ب.هـ.» والمسّاح «ف.ع.» وأحد المستفيدين «ص.هـ.»، واراضي «مرج ريما» في منطقة العاقورة هي شاهدة على هذه السرقة.
ويكشف أن احد المسّاحين الاجراء يملك عشرات العقارات في مناطق عمله بالمسح، وهذه بحد ذاتها تشكل إدانة وتفرض السؤال المشروع: من أين لك هذا، بمعزل عن وجود قانون او عدمه.
ويلفت الانتباه الى ان مفاعيل المذكرة في المناطق الأخرى، غير جبل لبنان، لا تلغي مشاعات الاراضي بل تحفظ الملكية للجمهورية اللبنانية، وينتفع منها عموم أهالي البلدات والقرى، ويُحافَظ فيها على مشاعات البلديات.
ويضيف ان معركة تصحيح الواقع العقاري السيئ في لبنان، والذي خسّر الدولة والناس عشرات ملايين الامتار من المشاعات وأراضي الجمهورية على مدى عقود لمصلحة المتنفذين سياسيا وطائفيا، من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال... هذه المعركة ستستمر ولن نتراجع عن استكمال الاجراءات القانونية لإنجاز المسح العقاري في كل لبنان، وفق القواعد القانونية التي تحفظ حقوق الناس في اراضيهم وحقوق الدولة ايضا وحقوق البلديات ومشاعاتها، وسنواصل العمل لاسترداد الاراضي المسروقة التي لم تُمحَ جريمتُها بمرور الزمن.
ويتابع: إن عشرات الشواهد في الجنوب اللبناني وفي منطقة عكار وغيرها من المناطق تجعل أي تراجع بمثابة خيانة للوطن والمواطن.
وكان النائب السابق فارس سعيد قد عقد مؤتمرا صحافيا، طالب فيه بإلغاء مذكرة خليل، واستكمال أعمال المساحة والتحديد في لبنان من خلال القوانين المرعية الإجراء، مؤكدا أن ملكيات الناس الخاصة والعامة لا تخضع إلى أرجحيات سياسية أو عددية أو مذهبية أو طائفية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News