ليبانون ديبايت - لارا الهاشم
بعد صربا ها هي حادثة دوحة عرمون تدق ناقوس الخطر وتلفت نظر الاجهزة الامنية الى خطر قد لا يتمثل فقط بالنزوح السوري العشوائي، وانما باستفادة مجموعات لبنانية من بعض العصبيات الناتجة هذا النزوح .
في دوحة عرمون راح صوت الرصاص الذي هز ليل الثلاثاء مع الريح وحل مكانه هدوء حذر ينبّهك اليه انتشار الجيش اللبناني ومخابراته الكثيف في الشوارع الداخلية، لاسيما في حي شبعا و حي مريم الذي شهد على الاشكال الاعنف واشتباكات دامت لساعات. الاشتباكات وقعت بين مجموعة من يعرف بأبو عطا الذي يقال انه محسوب على سرايا المقاومة وعدد من السوريين المناوئين للنظام السوري مدعومين من لبنانيين كما تقول الروايات.
فادي ابو عطا هو الزعيم الوحيد في حي شبعا. في ذاك الحي الكل يحلف باسم "المعلم"، الشاب الثلاثيني الذي يقطن مبنى فخما مواجها ل "سوبر ماركت" ابو عطا. كلما طرحت سؤالا على احد الشبان او النساء الواقفين في الشارع حول ما حصل ليل الثلاثاء يتغامزون ويتهامسون، واذا كررت السؤال يكون الجواب موحدا "بدنا ناخد اذن المعلم" ولو ان "المعلم" متوار منذ تلك الليلة. ففي عصر "الواتساب" بات تبادل الرسائل واخذ الاذونات سهلا من دون تعريض حياة "المعلم" ومجموعته لخطر المداهمات.
وان غاب ابو عطا جسديا فعينه ساهرة وعينه هي شقيقته، تلك الصبية التي توحي بنظراتها الموهرة بأنها "المعلمة" في غيابه. برمقة تسكت شبان الحي الساهرين على امن سكانه، تقول لك "كل شي هون بدو اذن"، اما هم فيراقبون القاصي والداني، الداخل الى الحي والخارج منهم. حتى انهم فور رؤيتهم لاي غريب يبادرون الى سؤال وحيد "مين انت؟ منساعدك بشي؟" يبررون سؤالهم بالقول "ما تواخزونا منخاف منن يهجموا علينا من الحي التحتاني". واذا طلبت منهم تسمية الاشخاص المقصودين يتهربون ويكتفون بالقول " بعض من سكان حي مريم التابعين لمجموعة ه.ب و ز.خ ومعهم بعض السوريين".
يروي لك شاب من مجموعة ابو عطا أن ما حصل في تلك الليلة انهم اتفقوا مسبقا مع مجموعة ز.خ على تنظيم مسيرة احتجاجية ضد عشوائية العمالة السورية بسبب انتهاكات النازحين لسلامة وحرمة السكان. فالسوريون الذي بات عددهم يفوق عدد ابناء "الدوحة" " يتحرشون بالفتيات وينشلون المارة ويحملون السلاح كما حصل في حادثة الطعن الاخيرة لشاب لبناني في مشروع العباسي الاسبوع الفائت".
ثم يضيف" كان الاجتماع عند قرابة السابعة مساء في ساحة البلدة واتفقنا على السير من حي شبعا باتجاه حي مريم لاطلاق صرخة موحدة بعدما باءت مناشدة البلدية لوضع حد لتجول السوريين، بالفشل". " وفيما كان ابو عطا يتقدم الموكب السيّار مناديا "يا شباب شوي شوي" انهال علينا الرصاص من حيث لا ندري فهرعنا لاننا كنا عزّل".
في عرض الحديث يقترب شاب آخر ليخبرك بأن شباب حي مريم غدروا بهم، "واتفقوا مع السوريين ضدنا لان الاثنين مواليين لداعش والنصرة" ويتابع "منذ اتى السوريون الى الحي رفعوا جميعهم اعلام النصرة وداعش، اما رأسي المجموعة فهما من انصار احمد الاسير، وبالتالي فهم غدروا بنا بسبب العصبية الطائفية والسياسية".
قرار المهادنة او متابعة الحملات ضد السوريين ليس بيد هؤلاء الشبان طبعا بل بيد "المعلم" ومن خلفه، لكن بعفوية يرد احدهم "نعم بدنا نطرد السوريين".
اذا اكملت جولتك في شارع مريم حيث وقعت الحادثة او ما وصفه شباب ابو عطى ب "كمين" واطلقت النار بغزارة، ترى اثار الدماء على الارض. بعض زجاج المباني قد انهار نتيجة الرصاص كما طالت الاضرار بعض السيارات. داخل "كاراج" واقع تحت مستوى الطريق يملكه شخص من آل "الزين"، يبدو المشهد اقرب الى ساحة معركة بعدما تطاير الرصاص على السيارات واستقر في بعض اجزائها. يتحفظ العمال السوريون في داخله عن الحديث في ظل غياب رب العمل. الاجابة الموحدة التي تسمعها في حي مريم، ان لا احد يعلم ما حصل، فالكل تفاجأ بصوت الرصاص وبالدراجات النارية التي غزت الحي على غفلة وجل ما يطالب به السكان هو قيام البلدية بدورها.
في هذا الاطار اتصل ليبانون ديبايت برئيس بلدية الشويفات زياد حيدر الذي تكتم على خلفيات الحادثة واضعا اياها بعهدة ورسم مخابرات الجيش التي لا تزال تبحث عن بعض التفاصيل الغامضة. اما في الشق المتعلق بضبط تحركات السوريين في الشويفات ودوحة عرمون، فيؤكد الريس ان البلدية تقوم بكل الاجراءات اللازمة لكن المطلوب هو اتخاذ تدابير اكثر حزما على صعيد الدولة وفي هذا الاطار ستعقد رئاسة البلدية اجتماعات مع قيادات امنية لتقييم الوضع واتخاذ الاجراءات اللازمة على اساسه.
تتضارب الروايات الامنية والشعبية حول خلفيات اشكال دوحة عرمون، في ظل قول البعض ان القصة هي قصة "قلوب مليانة" متعلقة في جزء منها باشكالات سابقة بين زعيمي المجموعتين مرتبطة بنزاع على احتكار اشتراكات "الموتورات". لكن اكثر ما يقلق ابناء المنطقة العزل هو تفشي السلاح الذي فضحته اشتباكات الثلاثاء والذي يدفعهم الى الخشية مما ينتظرهم في حال استمر الفلتان الامني والشحن السياسي على حالهما.
فالى اي مدى تتحمل بعض الاحزاب السياسية مسؤولية هذا الفلتان والى اي مدى ستنجح الاجهزة الامنية في ضبط النفوس المتأجحة ؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News