ليبانون ديبايت - عبدالله قمح:
ممتعض حزب الله هذه الأيام من الروايات التي يتم تناقلها يميناً ويساراً حول دعمه لوصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا. يردَّد في دهاليز سياسية أن الحزب لم يردّ جَميل "المظلّة المسيحية" التي وفّرها العماد عون لحارة حريك، وهو (أي الحزب) "يُتاجر به.. يعد ولا يفي" في مسألة الرئاسة، لا بل لا يريده رئيساً بالمطلق مكتفياً بتقطيع الوقت به إلى حين كي تثمر جهود سياسية ما أو يدفع جنرال الرابية إلى سحب ترشيحه.
كلام، بدأ ينسحب على أوساط عونيّة، تلك التي تردّد في السر والعلن أن الحزب "مش ماشي" دون أن تنظر إلى كل ما قدمه حزب الله من أجل تعبيد طريق العماد عون، التي وصلت حد التنازل عن بعض ما يراه "مرتكزات أساسية في السياسة". حزب الله، ومن خلال مصادر مواكبة له، "لا يرى في هذا الكلام قيمة" خاصة وأنه يقول دائماً أن "الشمس ساطعة والأمور ظاهرة فلماذا طمس الأعين"؟
المقصود بـ "طمس الأعين" هنا، تجاهل مقبّلات حارة حريك التي وضعتها على طاولة الرئاسة منذ عام 2006 حينما قرّرت السير بالعماد عون رئيساً. حصل ما حصل بعدها من مظاهرات غضب في الشارع من حكومة فؤاد السنيورة ما لبث أن تحوّل الأمر إلى صراع أخذ طابعاً مسلحاً في السابع من أيار 2008. وعلى الرغم من التحوّلات السياسية الكبرى التي نشأت في الدوحة والصفقة التي أتت بميشال سليمان رئيساً إلّا أن حزب الله تحاشى التحوّل وثبّت نواياه برئاسة عون في الدورة القادمة حتى لو آل ذلك إلى الشغور!
بدأ حزب الله منذ ذلك العام ينسج خيوطه بالتنسيق الكامل مع عماد الرابية. إتفق الطرفان على "سرّية النوايا" وأن يتركا الأمور تسير بهدوء. أتى عام 2010 حاملاً معه رياح عاتية أسقطت حكومة الحريري بعد أن تجاوز "شيخ قريطم" الخطوط الحمراء، يومها، لا يخفي حزب الله أن أموراً كبرى عرضت عليه من أجل قبوله فقط بتسمية سعد الحريري وعودته إلى السراي، هنا، تغمز مصادر حزب الله لـ"ليبانون ديبايت" إلى زيارة وزيري خارجية قطر وتركيا إلى بيروت في ذلك العام والطلب من السيد نصرالله شخصياً قبوله بالحريري رئيساً للحكومة مقابل ضمانات وتنازلات ضخمة كان الحزب سيحصل عليها لو قبل، لكنه رفض ذلك وسار والحلفاء بنجيب ميقاتي رئيساً.
حزب الله الذي لم يقبل الإغراءات الكبرى التي طرحت عليه عام 2010 للعودة بالحريري، قَبِلَ بالتنازل عنها لمصلحة إرادة الجنرال ميشال عون، حيث أعلن السيد علنيةً قبوله عودة الحريري كطريق لوصول العماد إلى بعبدا ولم يخجل بإعلان ذلك في إحتفال نصر تموز في بنت جبيل في آب المنصرم.. فكيف لم يقدم الحزب شيئاً؟
بعيداً عن لغة الاغراءات والصفقات، قبل حزب الله على نفسه تحمل الضغوط من الطقم السياسي الذي كان يعمل على الإيحاء أن "حزب الله لا يريد عون"، وذلك في الفترة التي سبقت تبنيه الرسمي للترشيح. تؤكد المصادر المقربة من الحزب لـ"ليبانون ديبايت"، أن "تلك الخطوة كانت تتم بالتنسيق مع عون شخصياً، الذي طلب من حزب الله عدم المجاهرة في تسميته قبل أن يطلب هو منهم ذلك منعاً لإحراقه، وهكذا كان حيث لبت حارة حريك مجدداً مطالب الرابية".
ظلت الأمور تسير وفق تلك المعايير حتى أُنزِلَ ترشيح الوزير سليمان فرنجية بباراشوت "الحريري"، يومها، تؤكد جميع المعطيات والوقائع، أن فرنجية كان سيصبح رئيساً، كون الصفقة عقدت بين جنبلاط - بري - الحريري، ووفر لها أكثر من 65 نائباً فكانت كرسي بعبدا بعيدة قيد أنملة عن "بيك زغرتا" الذي تنفس الصعداء ورفع من سقف خطابه وبدأ يجول لنسج تحالفات العهد!.. من الذي قطع الطريق عليه؟ ليس خجلاً أن نقول "حزب الله" الذي تؤكد معلومات متقاطعة لـ"ليبانون ديبايت" أنه "منع فرنجية من النزول إلى ساحة النجمة" وبالمونة هنا، منعه أن يصبح رئيساً للجمهورية!.. المنع هذا لم يأتِ لأن حزب الله لديه مشكلة مع فرنجية، بل كي لا ينكُث بعهوده المقطوعة للعماد عون، أن يراه في الدورة القادمة رئيساً.
وإزاء كل هذا الواقع وكل تلك التنازلات التي وصلت حد "زعل" أقدم وابرز حليف له على الساحة اللبنانية، سليمان فرنجية، لا زال بعض روّاد الصالونات يردّدون "ماذا قدم حزب الله للعماد عون كي يصل إلى بعبدا".. وبكل ضمير مرتاح نقول "هذا ما قدمه حزب الله كي يصل عون إلى بعبدا" والجميلة ليست على الحلفاء جميلة!.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News