تمخضت الحكومة أمس ومنحت عرسال عشرة مليارات ليرة، أي أقل من نصف خسائر مزارعيها المقدرة بـ 23 مليار عن عام واحد، وفق إحصاءات اللجنة الزراعية التي شكلتها بلديتها، وحملها أهلها في اعتصامهم أمام السرايا الحكومية الكبيرة أمس.
ومع إقرار مجلس الوزراء "تخصيص عشرة مليارات ليرة لبنانية للهيئة العليا للإغاثة لدفع التعويضات عن موسم الكرز عن السنوات الثلاث المنصرمة في عرسال وجرودها، وتكليف الجيش اللبناني إجراء المسوحات"، وفق مقررات الحكومة، أمس، يجدد أهل عرسال اليوم تحركاتهم للمطالبة بإنصاف مزارعيها وأهلها الذين تجاوزت نسبة العاطلين عن العمل من بينهم الـ 90 في المئة. وأكد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير أنه ينتظر ترجمة قرار الحكومة أمس بمرسوم مع خطة طريق تطبيقية لتبدأ الهيئة بالتنفيذ.
وأكدت نائبة رئيس بلدية عرسال ريما كرنبه أن "اللجنة الزراعية البلدية وأهالي عرسال يستغربون إقرار هذا المبلغ (10 مليارات عن ثلاث سنوات) والذي يعتبر اقل من نصف الخسائر الزراعية المقدرة عن عام واحد، والبالغة 23 مليار ليرة عن كل سنة". وأشارت إلى ان أهالي عرسال ومزارعيها سيتابعون تحركاتهم من أجل التعويض العادل الذي يستحقونه.
وحضر عدد من مزارعي عرسال أمس وأهلها من النساء والرجال أمام السرايا الحكومية ومن مالكي بساتين الكرز والمشمش والتفاح في مختلف مناطق جردها. وهناك في ساحة رياض الصلح تناوبوا على حكاية معاناتهم:
محمود عبد المجيد الحجيري لا يعرف أي شيء عن أربعة آلاف كعب شجرة مثمرة في منطقة شبيب في الجرد الأسفل منذ ثلاث سنوات، مع خمسة آبار وشبكات ري وحقول مستصلحة للخضار الصيفية.
حسن كرنبه، يقسم أنه لم ير أرضه في أودية الخيل والحقبان والشاحوط والتي قضى عمره فيها يزرع الفي كعب كرز ومشمش "أعيش منذ أربع سنوات بلا مواسم، ولا أعرف إذا قلعوا اشجاري أم لم يقلعوها، ولولا راتبي التقاعدي من الجيش لمتُّ مع عائلتي من الجوع". لا يقل مردود كرنبه من موسمه عن عشرين مليون ليرة في السنة.
حسن محمد الحجيري خسر ثلاثة آلاف كعب مثمر في عين فيق في الجرد الأعلى. كان الحجيري يبلغ من العمر 25 عاماً عندما فتت صخور جرده واستصلح أرضه ليعيش "مرتاحاً" في شيخوخته. يقفل الحجيري اليوم عامه الـ 65 ولم يعد ينقصه، وفق ما يقول، سوى أن "يتسول في الطريق" ليعيش. يقدر خسائره بـ 50 مليون ليرة في السنة "واليوم لا يدخل إلى جيبي خمس ورقات"، كما يقول.
حسن أحمد الحجيري يسأل عن 1500 كعب مثمر تركها في وادي الرعيان مع مزرعته ومضخات المياه ومولدات الكهرباء "ولا أعرف إن كانت ما زالت موجودة أم لا، أو يبست لأن لا أحد يرويها".
بلال الحجيري يشير إلى الكارثة البيئية المتمثلة بإمكان يباس وقلع ونهب نحو 4 ملايين شجرة مثمرة في جرد عرسال "الذي حولناه بسواعدنا إلى بساتين وأراض زراعية خصبة". يقول الحجيري إن أهالي البلدة يشترون حطب اشجارهم مقطوعا للتدفئة من جرودها كما ثمارها التي تأتيهم بالصناديق لتباع.
محمد عبد الله عزالدين يملك ثمانية بساتين في كل من عين فيق ومشرع العبد ووادي الهوا ووادي بو ضاهر وبركة الريش ووادي الرهوة ورأس عقبة الجرد. يقول إنه كان ليموت من الجوع لولا أن أولاده يؤمنون بعض حاجاته، كونه ممنوعاً عن أرضه منذ ثلاث سنوات.
ومن بين رجال عرسال ومزارعيها تخرج العرسالية خديجة الحجيري للقول إن أهالي عرسال "اختنقوا، فنحن لبنانيون مثلنا متل كل العالم، ولنا حرية الحركة في وطننا، وها نحن ومنذ أربع سنوات لم نذق طعم كرزنا". وتشير الحجيري إلى أن عرسال لا تريد "داعش ولا غيرها، نريد أرضنا وإذا كانت الدولة غير قادرة على استردادها فلتتركنا نستردها نحن، وليعوضوا علينا أيضاً خسائرنا وكل العوز الذي طالنا".
ويطالب حسن محمد عودة الحكومة أن تطلب من الجيش اللبناني إخلاء بيته في سرج حسان ليتمكن من الاستقرار مع عائلته "يدي مشلولة وأنا لا أعمل واسكن يوما عند أهلي واخر عند جدي وثالث عند جدتي مع زوجتي وطفلين لأنني لا أملك إيجار منزل بينما يشغل الجيش منزلي منذ ثلاث سنوات".
هذا غيض من فيض خسائر عرسال في الزراعة، ولم يتحدثوا بعد عن قطاع الحجر من مقالع ومناشر ونحو مئتي آلة نقل يعيش منها مئتي أسرة عرسالية.
إبراهيم: ملف عرسال حساس
رداً على سؤال يتصل بتعويض الحكومة على مزارعي عرسال بدل تحرير أراضيهم من المسلحين، قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لأعضاء نقابة المحررين «إنه موضوع شائك وسبق لمعالي وزير الداخلية أن حذّر دائماً من أن مشاركة القوى الأمنية في تلك المنطقة قد تحتسب تدخلاً في الأزمة السورية وهو ما نتجنبه. وهو موضوع تدركون حساسيته السياسية ولدى المراجع المعنية ما يكفي من المعطيات السياسية والأمنية لمقاربة الملف».
العرسالي الذي مات دهساً..
لن يتمكن يحيى الحجيري، احد مزارعي عرسال، من قبض حصته من التعويض من الهيئة العليا للإغاثة. فقد دهست سيارة مسرعة الحجيري عندما جاء للمشاركة في اعتصام مزارعي عرسال أمام السرايا الحكومية قبل ثلاثة أيام. وتحديدا عندما قصد منطقة الكرنتينا للحصول على دواء ابنه الذي يعاني من "التوحد"، فدهسته سيارة ثم تناوبت سيارات أخرى عليه.. وشوهت جثته.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News