متفرقات

الاثنين 24 تشرين الأول 2016 - 08:15 السفير

المالكون والمستأجرون يسألون: أين صندوق التعويضات؟

المالكون والمستأجرون يسألون: أين صندوق التعويضات؟

بسحر ساحرٍ انتهى الحديث عن قانون الإيجارات الجديد ورحّلت التعديلات التي أنجزتها لجنة الإدارة والعدل إلى الهيئة العامة للتّصويت عليها في حال عقدت جلسة عادية، بعد جلسة الحادي والثلاثين من تشرين الأول، التاريخ الموعود لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. في هذه الأثناء، لم يكن على القضاة، إلا تطبيق القانون الساري المفعول برغم شوائبه وتعدّد تفسيراته وبرغم اتساع حملة الاعتراض عليه.

ويقول أحد النواب إن القانون بصيغته الحالية مجحف بحق المستأجرين الفقراء، خصوصًا في غياب الصندوق الذي تنص على إنشائه المادة 3 من القانون الشهير لمساعدة ذوي الدخل المحدود على دفع الزيادة على بدلات الإيجارات، وهذه الفئة، حدّدها القانون بأنها تشمل العائلات التي لا يتخطّى مدخولها الإجمالي ثلاثة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور. وينتظر الصندوق أن تتحرّك وزارة المال والجهات المعنية لإنشائه، ويكلّف الدولة ملياراً و800 مليون دولار تسدّد على مدى 12 سنة، وفق إحصاءات لجنة الإدارة والعدل النيابية.

ويطرح القانون أيضًا مشكلة أخرى، وهي الجهة التي تحدّد المستفيدين من الصندوق، علماً أنّ اللجنة المعنيّة بذلك، كان المجلس الدستوري قد أبطلها. في المقابل، تنصّ المادة 86 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنّ محكمة الإيجارات لها ولاية شاملة على قضايا الإيجارات وبالتالي بيدها صلاحيّات اللجنة المبطلة وأوسع منها. وهذا ما يحدث في القضاء اليوم. إلاّ أن القضية ليست بالبساطة التي تبدو عليها. فأصوات المستأجرين التي بُحّت انتهت بتطبيق القانون الذي يُعتبر جائرًا في حقّ الفقراء، وإن كان للمالك القديم الحقّ في وقف معاناته.

وهو عبّر، حسب قدامى المستأجرين، عن عدم اهتمام الجهات المسؤولة بإنصاف الفئات الفقيرة، فطبّقت القانون كما هو على الغني والفقير، بنواقصه وشوائبه، وبغضّ النّظر عن الاعتراض عليه. هنا من حقّ المراقب أن يسأل: أين أصبح الصّندوق؟ ولماذا لم ينشأ بعد؟

تنفيذ برغم الشوائب
أمام كل هذه التساؤلات، يقول عضو مجلس نقابة المحامين المحامي ناضر كسبار: «عندما يأتي قانونٌ مؤلّف من مواد طعن به نوّاب طالبين إبطاله كلّه في المجلس الدستوري، ويقوم هذا الأخير بإبطال موادّ منه، فهذا لا يعني إبطال القانون الذي يُعتبر نافذاً، وإن كانت تشوبه ثغرات، وإن كان لا يعجب فئةً معينة. فكلّ قانون فيه نواقص، وكلّ قانون هناك فئة لا يروقها، هذا مع العلم أن قانون الإيجارات يمكن أن ينفّذ بصرف النّظر عن المواد المبطلة. وذلك لأن جميع قضايا الإيجارات من اختصاص القاضي المنفرد، ما عدا ما ينتزع منه من صلاحيات بنص قانونيّ خاصّ. وفي القانون الجديد نظرًا إلى إلغاء اللجنة التي كان من شأنها فضّ النزاعات بخصوص التخمين وغيرها، تصبح هذه الصلاحيات بيد القاضي المنفرد».

يشرح كسبار «للجنة صلاحيتان أساسيتان، أولاً التخمين في حال حصول خلاف، وثانياً، تحديد الفئة التي تستفيد من صندوق التعويضات من المستأجرين، واليوم القاضي المنفرد يقوم بهذه المهمات».

أما بخصوص الصندوق الذي لم ينشأ، فمن الواضح أن هناك ضياعاً قضائياً. حول هذه النقطة يقول كسبار: «بعد تعيين المستأجر خبيرين والمالك خبيرين آخرين، أي بعد أن يعرف المستأجر بدل المثل الذي أصبح مطلوباً منه، يمكن أن يتقدّم بطلب إلى القاضي المنفرد لإلحاقه بالصندوق، وعندها يقوم القاضي بطلب إجراء تحقيقات حول صحّة الأمر للتأكّد من أن دخل المستأجر أقلّ من مليونَين و25 ألف ليرة (الحد الأدنى مضروباً بـ 3). وإذا ثبت الأمر، يستمرّ المستأجر في دفع البدل القديم الذي كان يدفعه وفق القانون 92/160 لحين إنشاء الصندوق»، أي إلى ما شاء الله. «وعلى المستأجر في هذه الحالة أن يتقدّم بطلبٍ بهذا الخصوص كلّ سنة في التاريخ نفسه».
فمَن يدفع للمالك ثمن هذا الانتظار؟ ومَن يحدّد مصائر المستأجرين الذين يشملهم الصندوق وهم ليسوا بقلّة، يُضاف إليهم كثيرون من الذين سيحاولون الاستفادة منه، علماً أن آلاف المستأجرين هم من المتقاعدين الذين يعيشون من تعويضهم أو جنى سني عمرهم الذي لا يمكن تحديده، لاستحالة رفع السرية المصرفية. فالسؤال الاستباقي هو في

ناطور في «بنايته»
يسكن أ. ز. الرجل الثمانيني في غرفة الناطور في مبنى يملكه في فردان. انتظر طويلاً صدور القانون الجديد للإيجارات، لكي يحصّل من الزيادات ما يستطيع أن يشتري به حاجاته الأساسيّة وخصوصًا الدّواء. القانون الجديد أنصفه في جزء من الأقسام ولم ينصفه في أخرى، حيث يسكن أشخاص في العقد الثامن من العمر وجدوا أنفسهم فجأةً أمام قانون جديد قيل لهم إنّه سيحميهم بصندوق يدفع عنهم الزيادات. فإذا بالمالك يطالبهم من جهة وإذا بهم ينتظرون الصّندوق من جهة ثانية. فإن كان من حقّ المالك أن يطالب بالزّيادة ومن حقّ المستأجر الفقير أن يطالب الدّولة بالحماية والحقّ في السّكن، ما هو الحل؟

من محامٍ إلى آخر
يقف المستأجر م. ن. حائراً، متعباً وقد بلغ عتبة العقد الثامن، سائلاً: «من أين أدفع بدل الإيجار في السنة السادسة أي عندما يصير بدل المثل طبيعياً كأي إيجارٍ جديد؟ سيصير إيجار بيتي حوالى 500 دولار تقريباً». هذا المستأجر الذي يعيش في مدينة زحلة، يجد نفسه مظلوماً أمام القانون الذي لم ينصف الفئات الفقيرة وغير القادرة على دفع البدلات الغالية، فالصندوق الموعود ما زال قيد الأحلام. يسأل بحسرة عن مصيره ومصير أولاده الثلاثة. ومن محامٍ إلى محامٍ. لا أحد برأيه يملك الجواب. وهو من جهته «متوكّل على الله».

حال أنشئ الصندوق، إلى أي حدٍّ يمكن ضبط المستفيدين منه؟ ومَن يقيّم شفافية عمله وكيف؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة