يمكن القول إنّ لبنان من البلدان التي لا تطاولها الجرائم الالكترونية المالية بنسب كبيرة مقارنةً بالمنطقة والعالم. لكنّ ذلك لا يضعه في خانة الأمان الدائم، ذلك أنّ العالم يتّجه إلى مزيدٍ من الانفتاح وإزالة الحدود، وباتت الجرائم الالكترونية سوسةً تنخر العالم من شماله إلى جنوبه، علماً أنّ المجرمين الالكترونيين أذكياء بما يكفي لاختراق الأجهزة، وممارسة الاحتيال وعمليات النصب بتقنيات حديثة ومبتكرة. ما يجعل عملية مكافحة الجريمة الالكترونية، لا سيما المالية منها، ضرورةً ومسؤوليةً عالمية.
وإن كان لبنان محمياً أكثر من سواه من هذه الجرائم، فهذا عائدٌ وفق ما يقول الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور إلى «كون لبنان لم يقرّ حتى الآن قانون التوقيع الالكتروني الذي يسمح بمزيدٍ من التواصل بين الدول وبسهولة أكثر، ما يعرّض الأشخاص أكثر وأكثر إلى عمليات الاحتيال والقرصنة». ويوضح منصور في هذا السياق، أن «المصارف لا تملك الصلاحية لضبط كل الجرائم الالكترونية التي تحصل، الموضوع كبير وخطير جداً، ويحتاج إلى جهود متواصلة»، مشيراً إلى أنّ «الجرائم الالكترونية المالية هي ثاني أكبر قضية تشغل العالم اليوم بعد تمويل الإرهاب وتبييض الأموال». ورأى أن «هذه العمليات ما زالت مضبوطة إلى حدٍّ ما في لبنان ونحن نعمل على ذلك، والمصارف باتت أكثر وعياً ودقةً في عمليات تحويل الأموال من بلد إلى آخر ومن شخص إلى آخر».
أمس، أطلقت الهيئات المنظمة لـ«الملتقى الثاني لمكافحة الجريمة الالكترونية» خلال مؤتمرٍ صحافي في مصرف لبنان دليل «مكافحة الجريمة الالكترونية المالية في لبنان»، وأعلنت انعقاد الملتقى في 29 تشرين الثاني المقبل.
ويهدف الدليل إلى تعزيز الوعي حول أنواع الجرائم الالكترونية بواسطة البريد الالكتروني في أوساط القطاع المالي والشركات والأفراد، وهو يشكل مرجعاً إرشادياً لتنفيذ العمليات الالكترونية بطريقة آمنة وتفادي مخاطر قرصنة المعلومات واستخدامها لأغراض غير مشروعة مثل الابتزاز المالي والاحتيال والسرقة.
137 عملية
«تلقت الهيئة في العام 2011 قضية واحدة موضوعها عملية قرصنة بقيمة 5.5 آلاف دولار، أما في العام 2015 فبلغ العدد 84 قضية قيمتها 12 مليون دولار، ليرتفع الرقم في العام 2016 وحتى تاريخه إلى 137 قضية قيمتها 8.5 ملايين دولار»، وفق منصور، الذي أوضح أنه «في العام 2016 من أصل 137 عملية، كان هناك 86 عملية تم تنفيذها أي 60 في المئة من مجموع العمليات، وبلغت قيمة الخسائر حوالي 2.9 مليون دولار، واستطاعت المصارف استرداد ما مجموعه 740 ألف دولار منها، أي ما يوازي 25 في المئة وهذه النتيجة هي بفضل آلية التعاون المبتكرة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة والمستفيدة. كما سجلت 51 محاولة فاشلة بعدما تنبه العميل و/أو المصرف إليها ومنعا تنفيذها (ما يوازي 40 في المئة من مجموع العمليات)، فيما بلغت قيمة الأموال المستهدفة حوالي 4.8 ملايين دولار».
وتحدّث خلال المؤتمر الصحافي رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي العميد زياد الجزار، مؤكداً أن «التطور التكنولوجي والعولمة في مجال تبادل رؤوس الأموال رافقها تزايد في حجم الأموال الناتجة من الجريمة، كما تجاوزت الجريمة الحدود الوطنية بفضل هذا التقدم التكنولوجي الذي فتح مسارات جديدة للاحتيال المالي والالكتروني».
ورأى نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبو زكي أن «إصدار الدليل الاسترشادي يوفر مرجعاً مهماً للمصارف والشركات ولكل المتعاملين بالخدمات الالكترونية وسيساهم في تعزيز الوعي بالأساليب والطرق المستخدمة من قبل منظمات القرصنة والجريمة الالكترونية، لا سيما انه سيتم تطوير الدليل وتحديثه باستمرار لمواكبة التطورات الحاصلة في هذا المجال».
445 مليار دولار!
يتكبّد الاقتصاد العالمي وفق مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS للعام 2014، حوالي 445 مليار دولار سنويًا لمكافحة الجرائم الالكترونية، وتضم هذه الخسائر قيمة الاختلاسات المباشرة، والهدر الناجم عن الجهود المبذولة لمعالجة آثار الهجمات الإلكترونية بالاضافة الى كيفية الوقاية منها.
وتوقعت مؤسسة «ماركتس آند ماركتس» أن تصل قيمة قطاع الأمن الإلكتروني العالمي إلى 155.74 مليار دولار في العام 2019.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News