ليبانون ديبايت - عبدالله قمح:
لا يختلف إثنان على أحقيّة العماد ميشال عون في الوصول إلى سدّة قصر بعبدا، ليس لأن الرجل يحلم بذلك المقعد الخشبي منذ زمن، ولكن إنطلاقاً من ما يُمثّل من حيثية مسيحية شعبية تُرجمة مرّتين في الإنتخابات النيابية التي وضعته على قمة زعيم أكبر تكتّل نيابي مسيحي منذ الإستقلال وحتى اليوم!
لا شك أيضاً بأن الرّجل يتمتّع بإحترام من قبل شريحة واسعة من الشعب اللبناني، ولا أحد يسقط عن الرجل صفة "الزعيم النظيف" الذي ما وسّخ يديه بصفقات الفساد، ولا أحد يستطيع أن يزيح الجنرال عن مكانته اللبنانية التي أسّسها بسواعده يوم شكل في الجيش عماده.. لكن ما يصطلح عليه اليوم ليس كما حُلّل بالأمس، فالعماد عون الذي بدأ يكتب "خطاب قسمه" راحلٌ نحو قصر بعبدا ليس كالعماد عون الذي عاد من باريس عام 2005 ووقف يلقي خطاب "رِجع" من وسط ساحة الشهداء، ولا يختلف أحد على ذلك..
لا يختلف أحد اليوم أن عون قادم لأن يصبح رئيس "أزمة" بعد أن كان رئيس "مطلوب دون أن يُنتخب" منذ ما قبل عام 2010. يومها، كان يستطيع عون أن يكون رئيساً في ظل تسوية الدوحة، لكن أُبعد ذلك طمعاً بمآثر الحكومة، ربّما لو أوتي به لكن الحال أشفى من اليوم.. على الأقل لكان نالَ أكثرية الأصوات!
من يقرأ في السياسة يتأكد أن الجنرال لن يحوذ الأكثرية التي تطلق يد عهده بفارغ الصبر، بل أن الرجل سيدخل مكبلاً من عدة جوانب، جانب التفاهمات المعقودة بينه وبين حزب الله من جهة والقوات من جهة ثانية والتي تتنافر فيما بينها تنافر قطبي المغناطيس ويستحال الدمج بينهما، وتكبيلة أخرى تأتيه من أبواب الأصوات، حيث أن مؤشر الأرقام الحالي لا يعطي عون أكثر من 75 صوتاً والباقي لصالح فرنجية، وهو ما سيكرّس الأخير رقماً في ميزان القوى ويجعل من عون يدخل القصر بـ "دعسة ناقصة وصفعة" لن تكون في صالحه أبداً.
نقول أزمة، لأن الرياح تحمل معها معارضة وازنة لعهدٍ تُضرب سفنه على المرسى، فبين تكتل برّي وفرنجية والكتائب ونصف الثامن من آذار وكتلة وازنة من المستقلين المسيحيين والإسلاميين وحيادية جنبلاط ومن معه، يضيع الوفاق في العهد لندخل حلبةً شبيهة بحلبة ولاية الرئيس لحود التي تحوّلت خاصة في منتصفها إلى كارثة وقعت على اللبنانيين لتشلّ مؤسساتهم وتضعها بين فكي كماشة الصراع السياسي فكيف بنا اليوم وإذ نحن أمام نكايات سياسية ترسم شكل القادم، شغوراً ما بعده شغور وتعطيلاً ليس ككقبله تعطيل وجهاداً أكبراً يجاهر به ويُمضى إليه!
اليوم الوضع أصعب، فلا الأقليم مهتم، وليس السوري موجوداً لفك النزاع وصايةً فهو بالكاد يزيح نظره عن بلاده التي تتناهشها الحروب، ولا السعودي والأميركي وغيرهما مهتم أصلاً بلبنان، فيترك اللبنانيون ينهشون بعضهم سياسياً على طاولة الحكومة التي لن تشكل في السهل طالما أن رئيس المجلس "فيّش" عليها.. الحل، وفق مراقبين، يجب أن يأتي أولاً عبر تأجيل جلسة الإنتخاب القادمة والعودة إلى طاولة الحوار متسلحين بالتأييد الذي ناله عون والشّد عليه ومحاولة حشد مزيدٍ منه كي لا نحول العهد إلى ساحة حرب لا تغني أو تسمن من جوع.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News