ليبانون ديبايت - سامر بو عز الدين
لا شك ان قضية اللاجئين في لبنان ستكون من الملفات الرئيسية التي ينشغل بها العهد الجديد. هذا الأمر ليس غريبا إذا ما أخذنا بالإعتبار أن البلد إستقبل عددا من اللاجئين السوريين يساوي نحو ثلث عدد سكانه. يضاف هذا العدد الى 459 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لدى الأونروا في لبنان ما من شأنه أن يطرح تحديات لم يسبق أن واجهها بلد في التاريخ الحديث.
يعيش معظم اللاجئين الفلسطينين في لبنان في 12 مخيم في ظروف إقتصادية وإجتماعية ومعيشية مأسوية. حيث تفتقر هذه المخيمات الى الحد الأدنى من البنى التحتية والخدمات.
يقيم في المخيمات 48% من عدد اللاجئين بينما يتوزع الباقي على مختلف المدن والقرى اللبنانية. (للمخيم رمزية تتمثل بالإقامة المؤقتة وحق العودة).
وقد أظهرت دراسة للجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع الأونروا حول الوضع الإقتصادي والإجتماعي ل اللاجئين الفلسطينيين بلبنان أن معدلات الفقر بينهم بلغت 65%.
وأكدت الدراسة أن فئة الشباب من هؤلاء الشباب تعد الأكثر فقرا حيث يرزح 74% منهم تحت خط الفقر.
تعرف المخيمات إكتظاظا سكانيا كبيرا نتيجة ضيق مساحتها مع بنى تحتية سيئة ما يجعل مجتمع اللاجئين الفلسطينين مجتمعا فتيا يعيش في منازل ملاصقة لبعضها، ترتفع فيها نسبة الأمية ومثلها البطالة والفقر والعوز وتعاني عدم الأمان والمشكلات الأسرية والصحية. حتى أن الإحصائيات تؤكد أن ثمة 35 ألف لاجئ فلسطيني فروا من سوريا لا يمكنهم تلبية حاجاتهم الغذائية الأساسية.
يرى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أن السبب الرئيسي لقصصهم الكثيرة مع الموت والحياة تبدأ مع الكيان الصهيوني وفكرة إنشاء دولة إسرائيل. وتمر بالنظام القانوني اللبناني الذي يقوص بشكل أساسي من قدرتهم على إعالة أنفسهم وتحسين أوضاعهم. وإذا كانت القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني مع آخر وأسوأ نظام عنصري في العالم حكاية يعرفها الجميع فإن مآخذ اللاجئين على النظام القانوني اللبناني هو أن القانون منع الفلسطينين من العمل في 25 مهنة حيث حرمت لائحة (عدلت لاحفا) الفلسطينيين من التسجل في النظم النقابية الأساسية. إضافة إلى منعهم من تسجيل ممتلكاتهم بالتوازي مع إنخفاض مستويات التعليم التي تجعلهم يفتقرون إلى ميزات واضحة مقارنة بمضيفيهم من اللبنانيين. وأيضا التشديد الأمني الذي من شأنه منع دمج الفلسطينيين في الإقتصاد وعدم إتاحة الفرصة لهم لتحمل مسؤولية مستقبلهم. وأما العقبة الجدلية الأكبر فتتمثل بأن القانون يمنعهم من الحصول على الإقامة الدائمة وذلك بسبب الحساسية السياسية لقضية التوطين والحساسيات الديموغرافية الدينية المتطرفة في لبنان.
كما وتظهر الدراسات الأخيرة تراجعا في أحوال اللاجئين الفلسطينين في كل المجالات والسبب تراجع مساعدات الأونروا بسبب أزماتها المالية وارتفاع مستوى المعيشة في لبنان سيما أن مسؤولية الإهتمام بالفلسطينين تقع بالدرجة الأولى على عاتق المجتمع الدولي الذي يمارس ضغوطا هائلة للحؤول دون دفع اللاجئين الى دول اللجوء الغربية.
لكن تبقى لغة ما نكتب مشبوهة إذا ما استبعدنا حقيقة المسؤولية اللبنانية عن مأساة اللاجئ الفلسطيني وعن تحول المخيمات إلى مجتمعات بشرية مليئة بالعنف والإرهاب والفوضى. ويبقى ما نكتب مشبوها إذا لم نقل ان الحكومات اللبنانية المتعاقبة كانت تنظر الى الفلسطينين كعبء بشري وتهديد امني والى المخيمات كمجرد تجمعات إثنية غريبة ومتنافرة مثيرة للريبة وفيها إنجراف قوي نحو التدين.
لا أحد ينكر على لبنان أنه لطالما كان منبرا سياسيا في خدمة القضية الفلسطينية وأن نقمة المخيمات فيه كانت كبيرة وتطلعات أبنائها كانت أكبر. لكن لا شك أن وضع الفلسطينين في لبنان يائس وأن ما توفره المنظمات الدولية من المساعدات لهم ومثلها الحكومات المتعاقبة لم تكن سوى حلول مؤقتة ولم يحدث أي شيء مطلق لمساعدتهم على تأمين الحقوق الأساسية التي كانت ستسمح بحدوث تحسن في أوضاعهم وتحقيق العديد من حقوق الإنسان الجوهرية ل اللاجئين ومحاولة دمجهم في إطار المجتمع اللبناني.
إن المعالجة تبدأ من القوانين المجحفة المتعلقة بالحقوق العقارية وحق العمل، كما أن دور الدولة هو القيام بجانب من الرعاية الإجتماعية والبيئية للمخيمات مثل تعبيد الطرقات والصرف الصحي ومنح اللاجئ الفلسطيني الحق في تأليف الجمعيات والإنضمام إليها وتقديم الخدمات إلى هؤلاء اللاجئين وتأمين مراكز الصحية الأولية والإستفادة من تشغيل العمالة الفلسطينية الماهرة والقانونية في لبنان. وإعادة تسجيل اللاجئين الفلسطينين وتحديث المعلومات المتعلقة بهم .
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية إنسانية بإمتياز ولغة الكراهية في حق اللاجئين سيكون مؤشرا لنهايات مأساوية لا تتلاءم وبشائر العهد الجديد.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News