ليبانون ديبايت - طارق غندور
عزيزي الرئيس،
ها أنتم تحتلّون أعلى منصبٍ في بلادنا.
رئيس لبنان، رئيسنا، الرئيس اللبناني... نشعر ببهجة عند التفوه بهذه الألقاب وتكرارها. يتملكنا سرور كبير لدى رؤية صور وجهكم المُشرق تعُمّ شوارعنا، مُعلنةً أنّكم أتيتم أخيراً...
كلّ تلك الأحلام التي تحققت بعد أن كان قد استسلم تقريباً عدد كبير منا، ولكن ليس كليا.
وصولكم إلى سُدّة رئاسة بلدنا، أدّى إلى تدفق الدم النقي في عروقنا الوطنيّة، وغَرَسَ تطلعات كبيرة وجديدة وآمالاً مُلهمة تنبض في قلوبنا الوفيّة.
إعلانكم رئيسنا هو أشبه بعيش قصة حبّ عظيمة.
نستيقظ كلّ يوم غير متأكّدين إنْ كُنّا نحلم بكم، ويومياً حين نُدرك أنّ هذا هو واقعنا، يختلجُنا من جديد شعور رقيق سبق أن أحسسنا به، هو شعور الراحة والسلام والطمأنينة والامتنان العظيم والقوّة والرضا...
لقد انتظرنا لستة وعشرين عاماً لنراكم متربعين على كرسيّ الرئاسة، وهي التي اعتبرناه حقٌ لكم طيلة هذه السنوات.
لم يفرحنا شيء أكثر من إنتخابكم، بغض النظر عن كافة الجهود التي تكبدوها ليجعلوا الأمر ينتهي عكس ذلك.
فرحتنا جعلت هذا اليوم يبدو مثالياً.
ولكن ماذا نقدّم نحن لكم اليوم...
ذاك الطفل الذي حاولتم جاهداً منذ سنوات إنقاذه، ذاك الطفل المجروح الذي نجا، تخطّى المحن، تحدّى أقوى الجيوش وواجه الأعداء، لقد عانى ذاك الطفل الكثير؛ وكبر ليصبح رجلاً منحوتاً بالندوب والعيوب والآلام والشوائب.
نقدّم إليكم اليوم لبناناً مُتعَباً.
لبنان قذر، مُمَزق، مُشوش ومُرهق.
ونطلب منكم شيئاً واحداً:
رجاءً، أيمكنكم أن تُعيدوا لنا وطننا؟
لا نعلم من أين ستبدؤون، أو كيف ستتصرفون، وليس لدينا فكرة عن السُبُل والخطط التي ستختارونها، لكننا نثق بحُكمكم واتصالاتكم وقراراتكم وتوقعاتكم.
نرجو منكم أن تأخذوا ما هو موجود حالياً وتُعيدوا إلينا لبنان النظيف، بشتى الطرق. شوارع نظيفة، عقول برئية، أيدي طاهرة.
أرجوكم، أَعيدوا إلينا لبنان حيث معرفة فلان لفلان ليس بالأمر المُهّم، لأننا سنكون جمعياً ذلك "الفلان" الذي يستحق أن تتم أموره بشكل صحيح، بطريقة قانونية وفي الوقت المحدّد.
لبنان من شأنه أن يُشجّع كلّ لبناني على العودة، دون النظر والاهتمام بشيء آخر سوى هويته اللبنانية.
لبنان حيث طائفتنا، دينُنا، طبقتنا، لهجتنا، بشرتنا وإسم عائلتنا، أمور لن تُستخدم ضدّنا أو لصالحنا...
مجتمع حيث يعمل الرجال والنساء جاهداً لتغطية نفقاتهم في نهائية كلّ شهر بكرامة، متسلّحين بمعايير جيدة واحترام للذات...
أرضٌ يتمتع بها كلّ فرد، أرضٌ مُتاحةٌ لنا جميعاً، وليس لمجموعة صغيرة ذات إمتياز، مجموعة تُسمّي نفسها النُخبة...
أرجوكم، نريد بلداً يتمتع بسلوكيات إجتماعية سليمة، فُرصاً فعّالة، مساحة للرؤية، والخدمات والأخلاق، بلداً يُبادلنا الحبّ غير المشروط الذي نقدّمه له...
نريد بلداً حيث يمكننا أخيراً تتبع الإيديولوجيات التي نؤمن بها وليس الولاء الأعمى الذي فُرِض علينا للبقاء على قيد الحياة...
اليوم، نطلب منكم ذلك، بصوتِ الذين لا يطلبون أبداً، بشغف الذين يؤمنون وبكلّ اللهفة التي بقيت لدينا.
أرجوكم، أعطونا لبناناً سنفتخر يوماً ما بتسليمه لأطفالنا.
كُنّا قد فقدنا الأمل، انتم املنا الأخير...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News