حتفل اليوم بعيد القديسة الشهيدة بربارة. هذا العيد الذي لَهُ حضوره المُميّز في حياة شعب الله، يأتي في زمن المجيء، حيث الكنيسة في سَفَرٍ صوب بيت لحم لتحتفِلَ بالمُخلِّص الآتي: يسوع المسيح ابن الله.
سيرة حياة قديسة
ولدت بربارة في نيقوميديا المطلّة على بحر مَرمَرة في آسيا الصُغرى، والبعض يقول أنّها من بعلبك اللبنانية. والدها ديوسقوروس، رجلٌ وثنيٌّ غنيٌّ من أشراف المدينة، حجَرَ عليها في بُرجٍ عالٍ، يصِلُها فيه نور الشمس من نافذتان صغيرتان، لكي يُبعِدَ عنها تأثير المسيحية. ولكن بالرغم من ذلِك استطاعت أن تتعلّم اُسُس الإيمان المسيحي وتنال سرّ العماد المقدّس على يَدِ تلميذ أوريجانوس الذي كان يعودُها منتحِلاً صِفة طبيب.
علِمَ والِدها بالأمر فهدّدَ بضربِها بالسيف إن لَم تَعُد عن إيمانها المسيحي. رفضت الأمر وهربت من البُرج، وبعد أن وجدها والدها سجنها وفرضَ عليها الزواج من شابٍّ وثني اختارَهُ لَها ولَمّا لَم تقبَل قادها إلى الوالي مرقيانوس الذي جلَدها ومزّق جسَدَها بأُكَر من حديد وعرّاها أمام الجميع ولكنّ نوراً إلهياً سترَ جسدها ورفع عنها العار. وفي النهاية ضربَ والدها عُنقَها بحَدِّ السيف فاستشهدت حوالي سنة 235 للميلاد.
لِماذا الأقنعة في عيدها
جرت العادة بأن يلبس الأطفال في عيد القديسة بربارة الأقنعة إشارة إلى رؤية بربارة للمسيح الطفل وقد شوه الألم منظره، وهكذا نعترف بأن خطيئتنا قد شوهت براءة طفولتنا، وأنّنا مدعوون مجدّداً إلى الطفولَة الروحية. وأما القمح المسلوق فيرمز إلى الموت والقيامة: “فحبّة الحنطة إن لَم تقع في الأرض وتَمُت تبقى وحيدة، وإن ماتت أتت بثمارٍ كثيرة“(يو12\24)، قال يسوع.
ولكنّ الأمر خرج عن إطاره الصّحيّ والسليم، ليتحوّل العيد، وللأسف الشديد شأنه شأن الأعياد الأُخرى، إلى مناسبة للبيع والشراء، ولعرض المنتوجات التي لا تمتّ بصِلَة إلى العيد والمُقدّس، ولترويج ثقافة البشاعة والتسلية وغيرها، الأمر الذي يسرق العيد من العيد، ويسرق الفرح المُلاصِق للعيد؛ الفرح الآتي من فوق، والذي هو في أساس سعادة وخلاص الإنسان.
لا للأقنعَة…لا للبشاعة
المسيحيّة لا تتّفقُ مع الأقنعة، فالوجود المُقَنّع هو الوجود الثُّنائي، وبالتالي لا يُمكن أن يكون للمسيحيّ وجهان، وجه حقيقيّ خاصّ بِه، ووجه آخر يُطلُّ بِه إلى العالم. المسيحي لا يعيش حياتين متوازيتين: حياة روحية لها قيمتها ومقتضياتها، وحياة علمانية لها قيَم مختلفة عن الأولى ومضادة لها (يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي، العلمانيون المؤمنون بالمسيح، الفقرة 51)، بل حياته واحدة. إنّه هو هو، في الداخل والخارج، وخارجه ينضح بِما في داخله من جمال أو قُبح. وكلّ ما له علاقة بالوجود المُقَنّع، يدخُل ضمن إطار الكذب الذي يُغذّيه الشيطان(يو8\44) في العالَم. وليس بمَقدور المسيحي أن يكون كاذباً، لأنّه بذلِكَ يُسيء إلى الحقّ، ويُعطّل بالتالي صليب المسيح، أي عمله الخلاصي.
والثباتُ في الحقِّ مُكلِفٌ جدّاً، وقد يَصِلُ بالمؤمن إلى الموت شأنه شأن معلِّمه يسوع. قال يسوع: “ستُعانون في العالَم ضيق“(يو16\33أ)، وهو ما رأيناهُ في الشهيدة بربارة وفي سِيَر العديد من القديسين، لا بل في حياة الكنيسة إلى الآن، ولكن الرجاء بالله أَقوى:” ثِقوا، يقول يسوع، أنا غلبتُ العالَم“(يو16\33ب).
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News