اقليمي ودولي

placeholder

العربية
الأربعاء 11 كانون الثاني 2017 - 19:04 العربية
placeholder

العربية

كيف حمى النفط الأميركي نفسه من صدمات السوق الدولية؟

كيف حمى النفط الأميركي نفسه من صدمات السوق الدولية؟

أعلنت وكالة معلومات الطاقة الأميركية أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيرتفع خلال العام 2017 إلى 9 ملايين برميل يومياً كما توقعت أن يتابع الإنتاج الأميركي ارتفاعه في العام 2018 إلى 9 ملايين و300 ألف برميل يومياً.

هذه التوقعات لها أبعاد وآثار كبيرة على الأسواق العالمية وربما تكون لها أبعاد استراتيجية، سياسية وأمنية بما يمسّ السياسة الخارجية الأميركية خلال السنوات القريبة المقبلة
عزا تقدير وكالة الطاقة الأميركية هذا الارتفاع في الإنتاج الأميركي إلى زيادة في استخراج النفط من منصات خليج المكسيك وتصاعد الإنتاج من النفط الصخري بعدما زادت نشاطات الحفر وارتفاع كفاءة المنصات وتصاعد إنتاج الآبار.

الحماية من الصدمة
هذا الارتفاع في الإنتاج يأتي نتيجة مباشرة لسعي الأميركيين لحماية سوقهم من صدمات السوق الدولية، ففي العام 2012 كان معدّل الإنتاج اليومي 6 ملايين و500 ألف برميل، وبدأ إنتاج النفط الأميركي بالارتفاع سريعاً ووصل إلى ذروته الأولى العام 2014 مع إنتاج على مستويات 8 ملايين و700 ألف يومياً.

وتابع الإنتاج الأميركي صعوده إلى 9 ملايين و400 ألف برميل يومياً خلال العام 2015 وكانت هذه أعلى نسبة إنتاج منذ العام 1985 عندما لامس الإنتاج 9 ملايين برميل يومياً
حماية السوق الأميركية من الصدمات هي بالفعل سياسة الحكومة الأميركية. ففي العام 2010 أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما خطة "للابتعاد عن اقتصاد مبني على النفط والاستيراد من الخارج" وأشار إلى تطوير "قدرات" الولايات المتحدة لتكون مستقلة.

ويعرف الأميركيون أنهم لن يتمكنوا من الوصول في الظروف الاقتصادية والعلمية الحالية إلى اكتفاء ذاتي بالطاقة، لكنهم نوّعوا إنتاجهم بضغط كبير من الإدارة الأميركية، وحسّنت شركات صناعة السيارات من أداء المحركات، ونرى الآن أن هناك عدداً أكبر من السيارات، لكن الأميركيين ما زالوا يستهلكون النسبة ذاتها تقريباً أي 19 مليون برميل يومياً.

أزمة التعويم
الأهم أن إنتاج النفط الأميركي تعرّض خلال العامين الماضيين لصدمة كبيرة، بدأت من تعويم السوق الدولية مع تراجع الاقتصاد الصيني وزيادة إنتاج النفط في إطار مجموعة الدول المنتجة للنفط أوبك.

خلال هذا التعويم تراجع إنتاج النفط الأميركي إلى 8 ملايين و500 ألف برميل يومياً وتراجع عدد منصات الإنتاج خصوصاً إنتاج النفط الصخري إلى ما دون 500 منصة لكن عدد المنصات عاد للارتفاع خلال الأشهر الماضية.

من السهل القول إن عودة التوازن إلى الأسواق الدولية ساعد شركات النفط الأميركية للعودة إلى الإنتاج، كما أن تنامي الاقتصاد في الولايات المتحدة أبقى استهلاك النفط على مستويات عالية، ولم نشهد ما شهدناه العام 2008 و2009 عندما ضربت الأزمة المالية والاقتصادية الأسواق والمستهلكين.

لكن اللافت أن شركات النفط الأميركية تمكنت من خلال استراتيجية مالية بعيدة المدى من حماية ذاتها من الإفلاس. ففي خضم أزمة انهيار الأسعار العام 2015 وبداية العام 2016 وصل سعر برميل النفط الخام في السوق الدولية إلى ما دون 30 دولاراً وهذا يعني بالنسبة إلى منتجي النفط الصخري إنتاجاً بدون ربح، فتكلفة البرميل الأميركي تتخطّى 20 دولاراً في الغالب.

النفس الطويل
كان من الضروري أن يدفع ضيق هامش الربح الشركات الأميركية إلى وقف الإنتاج، وترك السوق الأميركية لتعتمد على النفط المستورد من بلدان تنتج بتكلفة منخفضة مثل السعودية، حيث لا تتعدّى تكلفة البرميل 20 دولاراً، لكن الأميركيين لم يفعلوا ذلك.

وتشير بعض المعلومات إلى أن شركات الطاقة الأميركية الكبيرة تمكنت من تخطّي أزمة التعويم بالاستناد على احتياطي مالي عال لديها، كما تمكنت من الاستعانة بتمويل المصارف الكبيرة في الولايات المتحدة وانتظرت انتهاء أزمة التعويم والآن تستفيد من عودة الأسعار إلى ما فوق 50 دولاراً للبرميل.

أفضل الأخبار للشركات الأميركية هو أن وكالة معلومات الطاقة تقدّر أن سعر برميل النفط سيتراوح عند سعر 53 دولارا يومياً خلال هذا العام ويصعد إلى 56 دولاراً في العام 2018
السياسة الخارجية
سيكون من الخطأ الجزم في توجهات الولايات المتحدة بناء على مؤشر واحد، لكن بعض التقديرات تشير إلى أنه سيكون مفيداً لدى النظر إلى السنوات الأربع المقبلة.
فالولايات المتحدة في عهد أوباما اعتبرت أنه من الضروري إعادة توجيه الاهتمام الأميركي إلى المحيط الهادئ، ويجب ربط مصالح الولايات المتحدة أكثر بالاستقرار والتجارة مع الدول في الجهة الأخرى من العالم، أي بعيداً عن الشرق الأوسط.

ترافق هذا التوجّه الأميركي باتجاه المحيط الهادئ مع تصاعد سريع في إنتاج النفط الأميركي وبدأ باراك أوباما وكأنه يتعمّد ترك التزامات واشنطن في المنطقة.

تسببت توجّهات أوباما بأزمة ثقة كبيرة بين واشنطن والدول العربية المنتجة للنفط خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الولايات المتحدة اعتبرت دائماً هذه الدول شركاء استراتيجيين وأن تدفق النفط عبر الخليج وحماية مضيق هرمز مصلحة استراتيجية أميركية، وبدت في لحظة وكأنها تخلت عن ذلك.

بالإضافة إلى هذا وذاك أثبت الرئيس الأميركي أنه مستعد للقبول بأنظمة تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين مثلما في مصر وبدت بنية الصداقات بين الدول العربية وأميركا وكأنها انهارت.

واشنطن عادت الآن إلى الشرق الأوسط، ويمكن القول إن ذلك حصل رغماً عنها، فقد اضطرت للاعتراف بالحكومة المصرية الجديدة برئاسة عبدالفتاح السيسي، واضطرت للعودة إلى العراق لمنع تمدّد داعش، وأبقت أسطولها في الخليج العربي، وفهمت أنها لن تتمكن من الاكتفاء من الطاقة، بل تستطيع فقط حماية سوقها من الصدمات، والمنطقة تبقى استراتيجية بقدر ما هي ضرورية لحماية استقرار الأسواق العالمية.

ومع دخول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض سيشعر الرئيس الجديد بالحاجات الأميركية ذاتها، لكنه شخصية مختلفة، وسيرى على الأرجح أن بلاده أكثر أماناً مع إنتاج نفطي عالٍ ومتين يتحمّل الصدمات، وهذا سيعطيه سبباً آخر ليفاوض من موقع القوة مع أصدقائه في المنطقة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة