لم تشأ هبة طوجي أن يلملم عام 2016 ذيولَ لحظاته الأخيرة من دون أن تحمّله صرخةً من رحم آلامِنا الوطنية ووصية أمل للعام الجديد بوطن يشبه أحلامنا وتطلعّاتنا. وفي أحدث أغنياتها المصوّرة بعنوان «بغنّيلَك يا وطني» من شعر غدي الرحباني ومن إنتاج أسامة الرحباني وتأليفه الموسيقي نفَسٌ جديد يُضخّ في الأغنية الوطنية ليحملها على جناح النغم والحلم إلى مساحات تشبه الوطن المعلّق بين حبال الذاكرة وصور الأجداد وخيوط الحلم المنبعث من عزيمة الشباب.هبة طوجي التي اختتمت عاماً حافلاً شهد ولادتها كإزميرالدا الزمن الحديث على أرقى المسارح الاوروبية، تخصّ «الجمهورية» بحوار شامل تتوقّف فيه عند تجربتها في الرائعة المسرحية العالمية «أحدب نوتردام»، كاشفةً عن مشاعرها إزاء الهجرة والوطن، ومعلنةً عن تفاصيل ألبوماتها المقبلة باللغتين العربية والفرنسية.
فبعد سنة حافلة شهدت تحوّلات مصيرية في مشوار النجمة اللبنانية التي أعادت شخصية «إزميرالدا» الاسطورية إلى مسارح باريس بعد غياب طال لأكثر من 15 عاماً، تؤكد هبة أنها تحتفظ من العام المنصرم «بأجمل الذكريات وبالإنجاز الذي تحقق من خلال عودة مسرحية notre dame de paris التي تُعتبر من أشهر المسرحيات الفرنسية والاكثر انتشاراً ونجاحاً في مختلف الدول الفرنكوفونية وهذا انجاز ونقطة تحوّل كبيرة لي بتجسيدي دور البطولة النسائية.
لا يمكنني أن أنسى كلّ ليلة كانت تفتح فيها الستارة وتغلق على وجوه الناس المبتسمة وعيونهم المشبّعة بالسحر الذي كان يولد على الخشبة. ولا يمكنني أن أصف مشاعري إزاء تلك التجربة الغنّية».
وتضيف: «الأصداء كانت رائعة، وكنت سعيدة جداً بردّة فعل الصحافة الاوروبية واللبنانية أيضاً التي واكبت العمل ودعمت مشاركتي فيه. فالصحافة الاجنبية اعطتني حيّزاً كبيراً من اهتمامها وكانت لديّ فرص جميلة جداً للظهور عبر برامج اوروبية مشهوة جداً ومنها vivement dimanche مع ميشال دروكر، أو في تقرير لقناة M6 مدته 15 دقيقة ألقى الضوء على مشاركتي في المسرحية الغنائية الشهيرة بالإضافة إلى مشواري المهني في الشرق الاوسط، وحتى نشرات TF1 وfrance2 ألقت الضوء على مشاركتي في العمل، ولذلك أعتبر ذلك كله انجازاً مهماً جداً لي وكلّ هذا الدعم يؤثّر كثيراً فيَّ».
بالنسبة لها «2016 كانت سنة حافلة جداً. فبالإضافة إلى المسرحية الغنائية الفرنسية، قدّمت مسرحية «ملوك الطوائف» للكبير منصور الرحباني في مهرجانات «أرز تنورين»، وكذلك حفل Rahbani Summer night، في عمان الذي أعدنا خلاله اغنيات من الريبرتوار الرحباني مع توزيع اوركسترالي لغدي واسامة الرحباني. وقد كان حفلاً ضخماً جداً».
وعن أغنيتها الأخيرة «بغنّيلك يا وطني» التي قدّمتها ضمن قالب موسيقي راقٍ ومشهدية بصرية تخطف الأنفاس بلقطات من الجو لأجمل المناظر الطبيعية اللبنانية، تقول: «غالباً ما يقوم الانسان في آخر العام بتقييم كلّ ما مرّ به خلال السنة ليرى ما هي الامور التي يحبّ أن يحسّنها ويطوّرها، لذلك أحببت أنا وأسامة الرحباني أن نطرح بدورنا الامور التي لم تكن إيجابية في الوطن لنوجّه في المقابل تمنّياً وأملاً للعام المقبل بان تصبح الامور أفضل. فالأغنية صرخة ألم ولكنها أيضاً صرخة أمل وتمنٍّ بوطن أفضل من كافة النواحي».
في الشريط المصوَّر صورة رمادية قاتمة في الخلفية للمعامل والدواخين والكسّارات وجبال النفايات، ولكنّ الصورة تتبدّل تدريجاً باستعمال المؤثرات البصرية لترسم بطلة الشريط أحلامها على الجدران بالألوان، في لعبة إخراجية ذكية تقدّم مشهديةً جمالية عالية وتعكس هذا الصراع بين لبنان الذي يعاني ولبنان الحلم المشتَهى والأمل الباقي».
وبعيداً من القالب التقليدي للأغنية الوطنية والكليشهات الكلامية الرنّانة، رسم العمل طريقه ليمسّ قلب المستمع والمشاهد في آن من خلال اعتماده لغة الناس البسيطة وتفاصيل يومياتهم الحميمة وموسيقى راقية تحاكي مشاعرهم وتتمرجح معها بين حالات الحزن واليأس والانتفاضة والامل.
وهذا ما تؤكّده هبة بدورها معترفةً أنّ الانسجام بين الموسيقى والشعر والصورة جاء نتيجة جهد فريق عمل متكامل، وتؤكّد: «الاغنية ألّفها أسامة وعزفتها الأوركسترا السموفونية الاوكرانية الوطنية في كييف.
وهذا الكليب بالذات فكرته تعود لي ولأسامة الرحباني، ولإميل عضيمي الذي نفّذ كلّ المؤثرات البصرية في الكليب وشارك ايضاَ بالكثير من أفكاره، ثمّ أنا تولّيت الإخراج وتنفيذ العمل. وبالتالي هذا ثمرة فريق عمل كبير حيث يلعب أسامة دور المايسترو المحرّك لكافة مفاصله. وقد استغرق التصوير يومين طويلين، وتمّ العمل على أعلى المستويات لناحية التقنيات والمؤثرات وأخذ وقتاً ودقة عاليين وأتمنّى أن يكون الجمهور أحبه وتأثر به».
أما عن هاجس الهجرة الذي تطرحه الأغنية، فتقول هبة: «هو هاجس موجود دائماً لا سيما في الاماكن الي تفتقر إلى الامان وتتوق للحقوق الاساسية وهو صراع دائم لطالما عاشه اللبناني، ولكن ما يربطنا ببلدنا أكبر من ذلك بكثير.
بالنسبة لي لا أفكر أبداً بموضوع الهجرة، لا يمكنني ذلك. متعلقة كثيراً بلبنان برائحته وأكله وناسه وطبيعته وعائلتي وأصدقائي والاماكن التي تربّيت وتعلّمت فيها وبيومياتي الصغيرة. ولكن في المقابل أحب كثيراً السفر واكتشاف بلدان وثقافات مختلفة وأن أوسّع آفاقي الفنّية واغتنم الفرص التي تُتاح لي لأحقق نفسي فنّياً وهذا ما أفعله وما يجعلني اليوم متواجدة بين فرنسا ولبنان».
هبة التي تقف هذا المساء على مسرح مهرجانات «الشارقة للموسيقى العالمية» تكشف عن مشاريعها الفنّية للفترة المقبلة وتعلن: «نحضّر لألبوم مزدوج double album من إنتاج أسامة الرحباني وتأليفه الموسيقي وهو باللغة العربية. سيصدر في الاشهر المقبلة، ويضمّ الكثير من الاغنيات الجديدة، ولكنه في الوقت نفسه يضمّ ايضاً أغنيات سبق وغنّيتها ولكنها لم تصدر ضمن ألبوم. الموضوعات منوّعة جداً والموسيقى فيها تجدّد ولكنها تحافظ على الجوهر الذي نقدّمه دوماً. وأنا مغرمة بهذا الالبوم ومتحمّسة أن يسمعه كلّ الناس.
وهو يضمّ أغنيات كثيرة من شعر الراحل الكبير منصور الرحباني بالإضافة لاغنيات عدة من شعر الاستاذ غدي الرحباني. والعزف للاوركسترا السيمفونية الاوكرانية الوطنية. وقد تمّ تسجيله في كييف وأنا وضعتُ صوتي في لبنان. وبعدما صدرت «بغنيلك يا وطني» من الالبوم ستصدر بعد أشهر قليلة اغنية مصوّرة جديدة من الالبوم ستحمل الطابع الرومانسي».
أما بالنسبة إلى الالبوم الفرنسي المرتقب فتقول: «ما زلتُ أعمل عليه، على ان تصدر أولى أغنياته في الربيع المقبل ويصدر هو في الخريف أو الشتاء المقبل. وسيضمّ الأغنية الفرنسية الحديثة. وهناك فريق عمل كبير جداً يعمل عليه وانا ايضاً متحمّسة له كثيراً.
وخلال العام ستكمل notre Dame de Paris عروضها، ومن 24 شباط لغاية 5 آذار سنقدّم المسرحية لفترة اسبوعين باللغة الفرنسية في تايوان. بعدها سننطلق في نيسان بجولة على مختلف المناطق الفرنسية لغاية كانون الاول 2017 وفي 5 آب المقبل، سأكون أنا وأسامة في ختام «مهرجانات الأرز الدولية»».
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News