عقد لقاء مع النائب بطرس حرب عن "قانون الانتخاب في ربع الساعة الأخير"، في "نادي الصحافة"- فرن الشباك، في حضور رئيس النادي بسام ابو زيد.
وأكد حرب "ان لبنان يعيش مخاض قانون الانتخابات النيابية، والجميع بالانتظار، والورشة محصورة في متولي السلطة وحلفائهم"، وقال: "المواطن يتفرج وينتظر الولادة. لا رأي له، ولا وزن لرأيه إذا كان خارج نادي الكارتيل السياسي الذي يتولى الحكم. ولأن قانون الانتخابات هو حجر الزاوية في نظامنا السياسي الديمقراطي، فعليه يترتب نتائج قد تعزز النظام السياسي وتحصنه وتؤمن الاستقرار له، أو قد تعرضه لمزيد من الاهتزاز وتضع البلاد في حالة من الا إستقرار السياسي. والجميع متفقون أنه ليس من نظام إنتخابي مثالي. وأن المساعي يجب أن تجري للوصول إلى الممكن الأفضل الذي يحقق أمرين أساسيين :
صحة التمثيل الشعبي، وعدالة التمثيل وفاعليته، ولا سيما صحة التمثيل المسيحي، والمساواة مع المسلمين، وفق اتفاق الطائف. كل ذلك بهدف تعزيز الاستقرار والفعالية لنظامنا السياسي".
وأضاف: "المؤسف أن ما يجري الآن هو ابتعاد المتحاورين عن القواعد والمبادئ التي تحقق هذين الهدفين، ولجوؤهم إلى سلسلة مناورات سياسية ذات غايات انتخابية بغية تعزيز مواقفهم في السلطة وزيادة عدد نوابهم، وذلك على حساب غير المنضوين إليهم أو محاربيهم أو التابعين لهم. ففي صفوف كل القوى المشاركة في النقاش خياط يحاول حياكة المشروع (البدلة) الذي يناسب حجمها وطموحاتها وعرضها وطولها، ويرفض طبعا كل مشروع لا يؤمن مصالحها.
والمؤسف أيضا، أنه بعد الانقلابات السياسية التي أدت إلى تحالفات واصطفافات عجيبة غريبة، تتناقض وتاريخها ومبادئها، يجتمع الكارتيل السياسي لتوزيع المغانم والمكاسب والسلطة التي تؤمن لها قدرة أخذ السلطة، والسيطرة على مرافق البلاد السياسية والاقتصادية والإدارية، أو بالحد الأدنى تقاسم المغانم والسلطة".
وتابع: "من هذه الزاوية نفهم الحرارة المرتفعة التي تدب في ورشة الاتفاق على مشروع قانون الانتخابات النيابية. والطريف، المضحك والمبكي في آن، أن يحمل المتحاورون شعارات يعملون بعكس معناها ومحتواها، كطرح النظام النسبي للإنتخابات لتحقيق صحة التمثيل وعدم إقصاء القوى السياسية المتوسطة والصغيرة عن التمثيل، والعمل على اعتماد قانون يمنع هذه القوى من دخول المجلس وتمثيل الأقليات. أو كطرح المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ورفض أي مشروع يحقق فعلياً هذه المناصفة، كالدائرة الفردية، ويطرحون بديلاً عنها النسبية التي ستحرم الناخبين المسيحيين، في المناطق المختلطة طائفيا، من حق تعزيز هوية ممثليهم (كالمقعد الماروني والمقعد الأرثوذكسي في عكار مثلا، حيث يخضع اختيارهم لرأي الأكثرية الساحقة المسلمة في عكار)".
وقال: "يتكلمون عن معيار واحد لكل لبنان ويطرحون معايير مختلفة بين منطقة وأخرى. ويرفعون شعار احترام رأي المواطنين في اختيار نوابهم، ويطالبون بالنظام النسبي في الدوائر الكبرى، بحيث يخضع اختيار النواب لقرارات قيادات الأحزاب، وليس لإرادة الناخبين، فيغيب الشخص وكفاءاته ووطنيته وأخلاقياته وعلاقاته بناخبيه، لتحل محله بعض الأحزاب والقوى السياسية الكبرى في اختيار المرشحين، ركاب المحادل والبوسطات، وعلى أساس تأمين مصالحها الانتخابية. إنهم باقتراحاتهم المتداولة، يعاكسون تقاليد وتراث المجتمع اللبناني القائمة على ثقة المواطن بالنائب، وعلى معرفته به وبغيره من المرشحين، وعلى قدرته على التمييز والتفضيل بينهم, وبذلك تنقطع الصلة عمليا بين الناخبين والمنتخب، ويسقط حق المواطن بالاختيار المبني على الثقة وقيمة المرشحين وكفاءتهم ووطنيتهم وتحسسهم مع حاجات البيئة التي يفترض أن يمثلوا. إنهم يتجاهلون دور المواطن الشخصي في المشاركة في السلطة، ما يشكل، بنظري، عملية إنتحارية تؤدي إلى كسر العلاقة المباشرة بين المواطنين، أصحاب حق اختيار ممثليهم وأصحاب صلاحية المحاسبة وبين ممثليهم في مجلس النواب".
وأردف: "ليس هناك أصعب من وضع قانون انتخاب على مشارف الانتخابات. فالكل معني بنتائجها، والكل يسعى لئلا يقر قانون على حسابه، والكل، أعني الكل، بمن فيهم أنا بالذات والمستقلون والمواطنون. والمطلوب التوافق على نظام انتخابي ينسجم مع تقاليدنا الديموقراطية، وتفادي اعتماد قانون يجهل هوية المرشحين لدى الناخبين، ما يضيف تعقيدات إضافية إلى عقد نظامنا السياسي الكثيرة. إن مسار المفاوضات حول قانون الانتخابات يتعثر، وعند كل صباح تطالعنا خلافات أهل الحكم حوله. ونهاية ولاية مجلس النواب الممددة تشارف على الانتهاء، ما يضعنا أمام إحتمالين لا ثالث لهما:
الأول: الاتفاق على قانون جديد يؤمن صحة التمثيل للمواطنين، ويوفر الاطمئنان للمسيحيين حول حقهم في اختيار ممثليهم.
الثاني: استمرار الخلافات، وعدم جواز التمديد للمجلس، ما يفرض إجراء الانتخابات في ظل القانون النافذ".
وتابع: "إلا أن الموقف الذي أعلنه فخامة رئيس الجمهورية حول رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس القانون النافذ، أو التمديد للمجلس الحالي، ولو أدى ذلك إلى الفراغ، الذي يفضله على التمديد أو على إجراء الانتخابات على أساس القانون المعروف بقانون الستين، هو موقف خطير، تترتب عليه نتائج إنقلابية كبيرة تطيح نظامنا السياسي وتحصر مهمات إدارة البلاد بالسلطة التنفيذية (الحكومة)، بوجود رئيس الجمهورية، ويسقط فيها دورة المجلس الرقابي والتشريعي.
طبعا، لا أستطيع تفسير هذا الموقف إلا ضغطا على القوى السياسية للإتفاق على قانون جديد، إلا أنني أخشى، ولا سيما في ظل استمرار الخلاف بين هذه القوى، أن يصبح فخامة أسير موقفه، وأن نصل إلى المحظور الذي يطيح نظامنا السياسي البرلماني، ويحوله إلى نظام هجين يتعارض وكل أحكام الدستور والمبادئ الديموقراطية التي يكرسها.
كل ذلك يدعوني إلى التوجه إلى قوى الحكم، المتحالفة ظرفيا، مطالبا إياها ببعض التواضع والجدية في معالجة ملف قانون الانتخابات، كما أدعوها إلى السعي الجدي لتحقيق صحة التمثيل النيابي والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، واحترام حق المواطنين باختيار نوابهم وإلا يعملوا على مصادرة حق المواطنين والحلول مكانهم بفرض نوابهم عليهم.
وأتوجه إلى فخامة الرئيس، من موقع البنوة الدستورية تجاهه، والتي تفرض معاملة الأب لأبنائه بالمساواة، أن لا يميز بين مواطن حزبي ومواطن غير حزبي والترويج لانتخاب حزبيين، والتبشير بأن غير الحزبي غير فاعل، لأنه بذلك يتنازل عن أبوة ثلثي الشعب اللبناني غير الحزبيين، وينحاز إلى ثلث الشعب اللبناني الحزبي، وهو ما لا يساهم في الحفاظ على دوره الوطني كرئيس لكل اللبنانيين".
وختم حرب :"كفاكم إضاعة للوقت الذي يدهمنا. نحن متمسكون بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ونعتبر أن كل تأخير لها ضرب لنظامنا السياسي ولانطلاقة العهد وتعريض لنظامنا السياسي للسقوط. وطرحنا واضح محصور، إما الموافقة على اقتراح القانون، الذي تقدمنا به كمستقلين مع حزبي الكتائب والقوات اللبنانية بتاريخ 27/9/2012، والذي يعتمد النظام الأكثري للإنتخاب، وتقسيم لبنان إلى خمسين دائرة لا يتجاوز عدد المقاعد النيابية في كل منها الثلاثة، أو تقسيم لبنان إلى 128 دائرة فردية، يعود منها لكل لبنان انتخاب نائب واحد، وكلاهما يحققان صحة التمثيل الشعبي ويؤمنان للمسيحيين وللمسلمين حق اختيار نوابهم، وهو، خلافا لما ينظر له البعض، يؤسس لانطلاق حياة حزبية وطنية مبنية على البرامج والتوجهات الوطنية الواصفة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News