على الرغم من تجاربهم المريرة في حروبهم ضد لبنان، ومواجهاتهم البائسة لـ «حزب الله»، فان الاسرائيليين ما زالوا يجدون متسعا من الوقت لاطلاق الفكاهات السياسية والاستراتيجية، ولكن بمظهر جدي، يظن الجمهور الصهيوني انها الحقيقة، كقول وزير التعليم في كيان العدو، بان جولة القتال القادمة يجب أن تنتهي بالحسم، وعلى إسرائيل القضاء على أعدائها في جولة القتال المقبلة لمنع الجولة التي تليها.
والمفارقة ان الوزير الصهيوني كان يتحدث خلال احياء ذكرى اسرائيليين قتلوا جراء سقوط صواريخ على مناطق في فلسطين المحتلة قبل سنوات، وهو اعترف إن المخاطر في هذه الأيام آخذة بالتزايد من غزة ومن لبنان، والسؤال الأساسي هو متى ستندلع موجة القتال المقبلة وليس إذا كانت ستندلع أم لا، وقال على اسرائيل ان لا تكتفي بالتعادل، انما بانتصار واضح، عبر الحسم الكامل لوضع حد لهذا الخطر.
وبالتوازي، تتزايد المخاوف الاسرائيلية من جبهة الجولان، بعد الانجازات العسكرية التي حققها الجيش السوري وحلفائه، ما ينذر، برأيهم، بوجود عسكري فعلي للعدو رقم واحد.. الذي يمثله «حزب الله»، وذكرت القناة الثانية في تلفزيون العدو، أن الرئيس السوري بشار الأسد بدأ باستعادة سلطته، ويعمل على اعادة عشرات آلاف اللاجئين الى الجولان بعد أن فرّوا منه، فيما يخاف الاسرائيليون من أن ينضم مقاتلو «حزب الله» الى هذه الخطوة أيضا، ويقوموا بالسيطرة بعد لبنان على جبهة إضافية مقابل المستوطنات الشمالية.
وقال معلق الشؤون العربية في القناة .. إن سوريا بدأت بإعادة مواطنين سوريين الى منطقة القنيطرة، وتشمل الدفعة الاولى منهم ثلاثين ألف شخص بدأوا أمس بالعودة الى الدمار، بعد ان وافق المسلحون في شمال الجولان وحرمون على وقف اطلاق النار والانسحاب، زاعما .. أن عودة اللاجئين السوريين ستُعبد الطريق أمام انتشار «حزب الله» في هذه المنطقة مع «الحرس الثوري الإيراني»، والرئيس الأسد، وخلال لقائه صحفيين من بلجيكا، تحدث بثقة أنه سيستمر بطرد المسلحين من كل سوريا، وبخاصة من المنطقة الواقعة جنوب القنيطرة، وقال... ليس لدى المسلحين في هذه الجبهة قدرة على الصمود لفترة طويلة، ومن اللحظة التي سيدفع فيها السوريون و«حزب الله» تعزيزات باتجاههم، فان الخارطة السياسية تغيّرت في سوريا، وقد عاد الجيش السوري و«حزب الله» والإيرانيون الى مكان التنظيمات المسلحة التي تلقَّى جرحاها العلاج على أيدي الأطباء الاسرائيليين.
وكان حراك عسكري عاد الى الظهور على جبهة الجولان السوري، بشقيه المحرر والمحتل، وصفتها الاوساط الامنية الصهيونية بـ «الاستثنائية»التي تمثلت باطلاق قذيفة دبابة باتجاه المناطق المحتلة في الجولان السوري، زاعمة ان الاحتلال «ردَّ» باطلاق النار على موقع للجيش السوري، كرسالة الى الرد على اي «خرق سوري» لـ «السيادة الاسرائيلية»!، ونقل اعلام العدو عن جهات عسكرية صهيونية زعمه، هناك انزلاقا للقتال الدائر في سوريا بين الجيش السوري و«التنظيمات المسلحة»، وان النيران لم تكن موجهة الى المناطق الخاصة للاحتلال .
وجاء في تقرير بثه تلفزيون العدو ، نقلا عن ضباط اسرائيليين، انه مع كل يوم يحقق فيه الجيش السوري وحلفاؤه انتصاراً جديداً، يزداد الارتباك الاسرائيلي من اتساع الجبهة مع «حزب الله». آخر مظاهر هذا الارتباك مقالة نشرت في موقع «إسرائيل ديفنس» كمحاولة لدق اسفين بين الجيش العربي السوري وحلفائه، زاعماً عدم قدرة هذا الجيش على إدارة المعارك لوحده وبالتالي «لن يكون صاحب القرار في الأيام المقبلة». وحاول كاتب المقالة إغفال حقيقة أن الرئيس السوري بشار الأسد هو أول من خطط لفتح جبهة الجولان عبر إعلانه عن إنشاء وحدات مقاومة شعبية للدفاع الأرض.
ويشير التقرير الى ارتفاع مستوى الخوف الذي يظلل القيادة السياسية والعسكرية في الكيان الاسرائيلي، لجهة اقتراب الجيش السوري وحلفائه، وفي مقدمهم «حزب الله» من الخط المحتل في الجولان السوري، وسط تساؤلات تطرح .. مَن سيتولى مسؤولية هذه المنطقة الحساسة والقابلة للانفجار في اي لحظة؟، «حزب الله»؟، ام الجيش السوري؟.
سيبقى الاسرائيليون محكومون لما جاء في تقرير اعده معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، أن «حزب الله» يشكل القوة العسكرية الأكثر تصميماً والأكثر مهنية، وأنه جيش من أفضل الجيوش في الشرق الأوسط، وهو استخلص العبر من مواجهاته مع اسرائيل، وعمد الى بناء القوة العسكرية بصورة مهنية مع وسائل قتالية متطورة، وقوة بشرية مدربة جيدا، تمتلك عقيدة قتالية استثنائية.
ثمة من يرى من الاسرائيليين... ان إسرائيل تجد نفسها اليوم ..بعد احد عشر عاما من حرب لبنان الثانية، كما يسمي الاسرائيليون عدوان تموز عام 2006، انها امام جيش منظّم ومدرّب ومصمّم على المواجهة، ويمتلك القدرات القتالية الغنية، بعد مشاركة الحزب في القتال إلى جانب الجيش السوري وفيلق القدس الإيراني، وجنبا إلى جنب مع الجيش الروسي.
وكما عادة كل قائد للمنطقة الشمالية ( المواجهة لجنوب لبنان ) حين يتسلم مركزه، يُبرز الثغرات والفجوات الامنية المتعلقة بالحروب مع «حزب الله»، لتجنب تحميله مسؤولية اي فشل متوقع في اي حرب مقبلة، وقال القائد الجديد للمنطقة الشمالية في جيش الاحتلال اللواء يوآل ستريك لصحيفة «إسرائيل هيوم»، القادم من قيادة ما يسمى «الجبهة الداخلية»، ان هذه الجبهة ستقف متينة في الحرب المقبلة وستمنح الجيش وقتًا للقتال، ومهمتنا ستكون تقصير مدة المعركة بشكل مهم لتقليص الضرر على الجبهة الداخلية، على الرغم من اعترافه بان الجبهة الداخلية ما زالت ناقصة، مرجحا ان تكون الحرب المقبلة تجربة من نوع مختلف فيها تحد اكبر.
وتوقع الجنرال الاسرائيلي ان تتلقى الجبهة الداخلية الاسرائيلية عددا من القذائف المؤذية والخطيرة، واننا قد نضطر إلى تقصير مدة المعركة، ولن ننجح في اعتراض كل ما سيُطلق علينا من صواريخ التي سيكون هناك الكثير منها وأكثر من الماضي، وقال ان لدى «حزب الله» القدرة على تركيز الجهود على عدد من المستوطنات، ونتوقع ان يستهدف «حزب الله» البنى التحتية بشكل واسع في الحرب المقبلة، وقطع شبكات الكهرباء والاتصالات. وتطرّق الى الإخفاقات التي حصلت في العام 2006، قائلا «حينها لم نعلن عن وضع خاص في الجبهة الداخلية، ولم نعلن عن جهاز خاص بحالة الطوارئ، ولم نجنّد حتى عناصر احتياط في الوقت المطلوب، وقال ان جهد «حزب الله» و«حماس» مركز في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، على اعتبار أن المسألة تتعلّق بنقطة ضعف إسرائيلية توازي التفوّق العملاني للجيش، وهذا ما يهدّد بتغيير هذه المعادلة في المعركة المقبلة وتحوّل الجبهة الداخلية الى جبهة أساسية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News