أثنى نائب رئيس الجامعة الأنطونيّة في لبنان وعميد كليّة إدارة الأعمال، الدكتور جورج نعمة، على عهد رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال عون، وقال إنّ «الشعب اللبناني يبني آمالاً كبيرة عليه»، واعتبر أنّ «أكثر ما يميّز هذا العهد هو القوّة التمثيليّة للرئيس على الصعيدين الوطني والمسيحي، وصلابة شخصيّته، ونضالاته السابقة»، إضافة إلى «الاتّفاق والانسجام ما بين شخص رئيس الجمهوريّة وشخص رئيس مجلس الوزراء»، مشيراً في هذا الإطار إلى أنّ «هذه سابقة لم نشهدها من قبل ما بين رئيسين قويين منذ «اتّفاق الطائف» حتّى اليوم.
نعمة المتخصّص في شؤون السياسة كتخصّصه في شؤون الإدارة، نوّه، في حوار مع الوطن، بالعمل الجاد لإعادة وصل ما انقطع بين لبنان وجواره العربي، وقال إنّ هناك مصلحة مشتركة بين لبنان والمملكة العربيّة السعوديّة بإعادة العلاقات الثنائيّة إلى سابق عهدها، وكمسيحي عربي مشرقي اعتبر أنّ رئيس الجمهوريّة المسيحي العربي المشرقي هو خير من يمكنه أن يلعب دوراً تقريبياً بين السعوديّة وإيران، ولكنّه رأى أن «ليس بمقدوره أن يبادر منفرداً ما لم تعبّر كلّ من الرياض وطهران عن وجود نيّة بحصول تقارب بينهما».
هذا وتطرّق نعمة إلى تهديد «حزب الله» المكشوف لإسرائيل بضرب مفاعل ديمونا، وعبّر عن اعتقاده بأنّ هذا التهديد ليس مناورة على الورق، وقال إنّ نقطة القوّة لدى «حزب الله» تكمن في قدرته على تنمية قدراته العسكريّة والتكتّم عليها، وفي ما يأتي نصّ الحوار:
لوّح الأمين العام لـ «حزب الله» مؤخّراً بضرب مفاعل ديمونا.. ما الأبعاد العميقة لهذا التلويح؟
- هذه ليست المرّة الأولى التي يتكلّم فيها حسن نصر الله عن مفاعل ديمونا، ولكن ميّز مواقفه هذه المرّة بالوضوح أكثر من ذي قبل وبالتطرّق إلى التفاصيل، وذهب إلى حدّ دعوة إسرائيل لتفكيك المفاعل، وواضح جداً أنّ هذا الكلام هو من صلب سياسة الردع، وهو كلام تحذيري لإسرائيل في ظلّ ورود معلومات بأنّ هناك نيّة لديها بشنّ عدوان على لبنان، والرسالة كانت بأنّ «حزب الله» لديه القدرة على الوقوف في وجه هكذا مشروع، على الرغم من انغماسه في الحرب السوريّة.
هل يمكن اعتبار هذا التهديد المكشوف مناورة على الورق أم أنّه بداية مرحلة جديدة في سياق هذا الصراع؟
- تقاطع المعلومات الواردة حول نيّة إسرائيل بشنّ عدوان على لبنان يجعلنا نقول إنّ ما ورد على لسان الأمين العام لـ «حزب الله» ليس مناورة على الورق، خاصةً أنّ كلام نصر الله تزامن مع موقف صدر عن رئيس الجمهوريّة تحدّث فيه عن ضرورة الحذر من إسرائيل، كما وأنّ كلام الرئيس ونصر الله تزامن مع تحذير أميركا لرعاياها من التواجد في جنوب لبنان خلال هذه الفترة، ولذلك نستطيع أن نفهم بالسياسة أنّ هناك معلومات حول نيّة لدى إسرائيل بشنّ عدوان على لبنان.
هل تعتقد أنّ «حزب الله» يمتلك مفاجآت غير مرئيّة ليست مدرجة على قائمة الاحتمالات لدى العقل العسكري الإسرائيلي؟
- نقطة القوّة لدى «حزب الله» تكمن في قدرته على تنمية قدراته العسكريّة والتكتّم عليها، وهذه النقطة هي أحد أبرز النقاط التي يمكن أن تحدّد وجهة أيّ حرب قد تشن بين الطرفين؛ فالمعلومات المنقوصة تشكّل عاملاً أساسياً في الحرب، وفي العودة إلى التاريخ، كان «حزب الله» دائماً صاحب مفاجآت في حروبه مع إسرائيل، آخرها في «حرب تموز» وقدرة صواريخ الكورنيت على اختراق الجيل الجديد من دبّابات الميركافا.
ردّت إسرائيل على تهديد نصر الله بتهديد لبنان بتدمير بناه التحتيّة.. هل بات لبنان ملعب رماية بين تل أبيب وطهران؟
- هذا الموقف الذي صدر عن إسرائيل ينمّ عن ضعف منها ولديها، تهديد البنى التحتيّة للبنان يعني أنّ إسرائيل أعجز من شنّ عدوان والفوز فيه، وما تهديدها بضرب البنى التحتيّة إلاّ ضغط على لبنان الرسمي والشعبي لردع «حزب الله»، وهذا تماماً ما حصل في الفصل الأخير من «حرب تموز»، بحيث حاولت تجييش الرأي العام اللبناني عبر ضرب البنية التحتيّة كي تنجح في مكان فشلت فيه عسكرياً.
بدأت السعوديّة مساراً جديداً في العلاقات الثنائيّة مع لبنان تمثّل بإعادة تسيير رحلات الطيران السعودي إلى بيروت والوعد بتعيين سفير جديد.. فماذا بعد تطبيع الرياض علاقاتها مع بيروت؟
- دخلنا في الفترة الأخيرة في مرحلة جديدة من العلاقات اللبنانيّة– السعوديّة، وللبنان مصلحة بعلاقات جيّدة وصحيّة مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام ومع المملكة العربيّة السعوديّة بشكل خاص. تبنّي ترشيح الرئيس ميشال عون من قبل المملكة كان بادرة حسن نيّة، وقد ردّ الرئيس على المبادرة السعوديّة بمبادرة مماثلة، عبر افتتاحه لسلسلة زياراته العربيّة بها على رأس وفد رفيع مثّل معظم الأطياف السياسيّة اللبنانية، وقد لاقت هذه الزيارة الصدى الإيجابي المطلوب، واليوم لبنان يعوّل على بدء ترجمة فسحة الانفراج التي شهدتها العلاقات اللبنانيّة– السعوديّة، وهذه الترجمة ستكون برأيي تدريجيّة، وستمتد إلى عدد كبير من القطاعات؛ ففي السياسة العلاقة قيد الترميم، ووعد السعوديّة بتعيين سفير خطوة مهمّة في مسيرة ترميم هذه العلاقة، وبدأ التحضير لعقد اتفاقات جديدة بين البلدين على الصعد السياسيّة والتجاريّة والسياحيّة، ولبنان في هذا الظرف بحاجة للمحافظة على علاقات جيّدة مع محيطه العربي، ورئيس الجمهوريّة يدرك ذلك جيداً، ويعمل على ترميم هذه العلاقات التي تشظّت بفعل الخلاف السياسي.
هل ترى السعودية أنّ عودتها إلى لبنان ضرورة لضمان عدم إخلاء أي ساحة لإيران؟
- هذا الكلام يجوز في المنطق السياسي؛ فالمملكة العربيّة السعوديّة هي دولة عربيّة كبرى، وتلعب دوراً أساسياً في العالم العربي، وتحتلّ موقعاً متقدّماً في الدفاع عن بعض الملفات، ولبنان هو ساحة من الساحات العربيّة التي تدخل فيها المملكة بحالة كباش مع إيران، وفي العقل السياسي الاستراتيجي، أيّ دولة سواء المملكة أو سواها ستعتبر أنّ لبنان دولة يجب ألاّ يتمّ التخلّي عنها.
أنا أرى الأمور من زاوية إيجابيّة، وعليه أقول إنّ هناك مصلحة للبنان وللمملكة العربيّة السعوديّة بعلاقات صحيّة وجيّدة، ويجب أن نكون على علاقة تفاهم وتفهّم مع كلّ الدول العربيّة التي هي عضو في جامعة الدول العربيّة وليس فقط مع المملكة.
لا شكّ أنّ رئيس البلاد نجح في ترميم العلاقة مع الدول العربيّة الأساسيّة.. انطلاقاً من ذلك هل ترى أنّه قادر على المساعدة في ردم الهوّة بين الدول العربيّة وإيران بحكم علاقاته الجيّدة مع الطرفين؟
- العلاقات العربيّة– الإيرانيّة في ذروة مراحل تأزّمها، ولم نشهد انفراجات حتّى الآن إلاّ على الساحة اللبنانيّة، وإذا كان هناك من شخص يمكنه أن يلعب دوراً في تقريب وجهات النظر، فهو بامتياز الرئيس العربي المشرقي، ولكن ليس بمقدوره أن يبادر منفرداً ما لم تعبّر كلّ من الرياض وطهران عن وجود نيّة بحصول تقارب بينهما.
هناك مكوّنان رئيسيان في لبنان يتجاذب كل منهما البلد في اتّجاه.. في هذه الحالة هل يستطيع رئيس الجمهوريّة أن يكون أكثر من رئيس لإقليم الموارنة؟
- العماد عون هو رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة بكلّ مكوّناتها، وبتقديرنا بمجرّد وصوله إلى سدّة الرئاسة تحرّر من كلّ مواقفه السابقة التي كانت تقتضيها الاصطفافات التي كانت قائمة في البلد، ونحن نعوّل عليه انطلاقاً من تاريخه النضالي، وانطلاقاً من ممارساته المتوازنة.
(مقاطعة): ولكن ليس باستطاعة رئيس الجمهورية ثني «حزب الله» عن لعب أدوار إقليمية؟
- أزمة سوريا تخطّت الحدود اللبنانيّة، وعلى رئيس الجمهوريّة أن يلعب دوراً أساسياً لإعادة اللحمة ما بين اللبنانيين ولإعادة الحياة إلى عمل المؤسسات في لبنان وتحديد سقف للخلافات الحزبيّة والمذهبيّة. عودة «حزب الله» إلى لبنان هي أمر شائك متّصل بالأزمة السوريّة، وبرأيي لن نجد حلاً نهائياً قبل أن يتّضح مسار ما ستؤول إليه الأمور في سوريا.
هل تسير البلاد نحو أزمة عميقة ما بين توقيع وزير الداخليّة على مراسيم دعوة الهيئات الناخبة وإصرار رئيس الجمهوريّة على رفض «قانون الستين»؟
- «قانون الستين» لم يعد نافذاً؛ لأنّه أقرّ لكي تجري الانتخابات على أساسه لمرّة واحدة فقط، وعلى مجلسي الوزراء والنواب أن يقوما بدورهما لجهة تقديم مشروع قانون جديد وإقراره.
هل التمديد غير التقني قادم؟
- مشاريع القوانين الانتخابيّة باتت كالبورصة ترتفع أسهمها في اليوم الأوّل ومن ثمّ تهبط في اليوم الثاني، وبرأيي سنحطّ الرحال عند قانون مختلط؛ الوزير جنبلاط تخلّى عن عناده في ما خصّ رفضه للنسبيّة بشكل كلّي بعدما فهم أنّ رئيس الجمهوريّة لن يساوم.
هل من شيء تودّ إضافته؟
- عهد الرئيس عون هو عهد جديد، والصعوبات كثيرة لأنّ «الورتة» كبيرة، وإنّما ما يميّز هذا العهد هو القوّة التمثيليّة للرئيس على الصعيدين الوطني والمسيحي، وصلابة شخصيّته، ونضالاته السابقة، ولعلّ أكثر ما يميّز هذا العهد هو الاتّفاق والانسجام ما بين شخص رئيس الجمهوريّة وشخص رئيس مجلس الوزراء، وهذه سابقة لم نشهدها من قبل ما بين رئيسين قويين منذ «اتّفاق الطائف» حتّى اليوم، وهناك آمال كثيرة يبنيها الشعب اللبناني على هذا العهد، ونتمنّى ألاّ تخيب.
بدايات العهد الجديد كانت جيّدة رغم المطبّات والصعوبات، وننتظر الأشهر والسنوات المقبلة كي نحكم على الأداء.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News