استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صباح اليوم في قصر بعبدا، في لفتة خاصة، رسام الكاريكاتور الفرنسي العالمي بلانتو مؤسس جمعية "الرسم من أجل السلام" Cartooning for Peace، مع الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان، بهدف نشر مبادىء التربية على السلام وقيم التلاقي والعيش معا ضمن إطار احترام حق الاختلاف والتنوع. ويزور بلانتو لبنان لترؤس اللجنة التحكيمية لمسابقة "ريشة بيار صادق"، وإلقاء محاضرات في عدد من الجامعات اللبنانية.
وحضر اللقاء السيدة كلودين عون روكز والاب جو ابو جودة وصاحب مجلة "الدبور" اللبنانية الكاريكاتورية الدكتور جوزف مكرزل والسيدة ريتا صعب مكرزل.
في مستهل اللقاء، عرض بلانتو لعون نماذج من بعض رسوماته الخاصة التي تشدد على عمق الصداقة اللبنانية-الفرنسية، وأبرزها تلك التي جمع فيها بين برج ايفل حاملا العلم الفرنسي وقبة كنيسة ومئذنة جامع لبنانيين عليهما العلم اللبناني، وهو اراد ان تكون شعار زيارته لبيروت. وقال لعون: "يسعدني ان اكون هنا لأتعلم منكم اسس العيش المشترك، الذي عرفتموه فيما نحن نعمل على بنائه اليوم بين اناس لا يفهم بعضهم بعضا بقدركم أنتم".
من جهته، أكد رئيس الجمهورية أن "الاساس في اي نظام عيش هو احترام حق الاختلاف، الذي ينطلق من حرية الضمير، وهي الحرية التي تربط البشر بعضهم ببعض أفقيا، والبشر بالله عموديا". وقال: "لكل انسان ان يؤمن بأمر ما لإعطاء معنى للحياة والوجود الانساني".
وإذ عبر بلانتو عن سعادته لاستقبال عون له، أبلغه انه يرسم لكبريات الصحف الفرنسية ومن بينها "لو موند" و"لو بوان" منذ 43 سنة، وهو الى اليوم لا يزال يستهيب لحظة ابتكار الفكرة التي يقوم عليها كل رسم من رسوماته الكاريكاتورية، لأنه يهدف من خلال ذلك الى ان يشجع على الحوار والتلاقي والمصالحة، "وهذا يتطلب جهدا اكثر من اي نص اعلامي مكتوب". واستأذن بلانتو رئيس الجمهورية للقيام ببعض الرسوم هدية منه، قائلا: "من خلال كلامكم تذكرت قولا للفيلسوف القديم سينيك: "ان تعيش لا يعني انتظار مرور العاصفة، بل ان تتعلم الرقص تحت المطر".
وقام بلانتو بعد ذلك برسم العلم اللبناني وخريطة فرنسا تجمعهما يدان ترحبان بعضهما ببعض، ثم رسم عون وحوله لبنانيون من مختلف الطوائف يعبرون عن اتكالهم عليه لتوطيد العيش اللبناني المشترك، وقد تكللوا بقلوب وفوقهم حمامة سلام تبث روح الاخاء والتعاون. وسال بلانتو الرئيس عون: "ماذا تعتقدون فخامة الرئيس ان الله بامكانه ان يقول لكم لو رأى هذا الرسم؟"
فأجاب رئيس الجمهورية: "لقد خلقتكم على صورتي، وأنتم تحاولون ان تجعلوني على صورتكم!"
وشدد عون على ان المهم في كل ما نقوم به سواء في السياسة او الفن او اي امر آخر هو "ان نقول لا لحروب الآلهة على الارض، بل نعم لجعل الارض مكانا للحياة والسلام".
وفي ختام اللقاء سأل بلانتو الرئيس عون ان يرسم ما يجول في خاطره، فرسم سمكة، قام الرسام الفرنسي بجعلها شعارا للسلام، وطلب من الرئيس عون التوقيع عليها قبل ان يوقعها الى جانبه. وقدم بلانتو الى رئيس الجمهورية الرسومات التي نفذها اثناء اللقاء، موقعا عليها، عربون تقدير ومحبة، قبل ان يوقع برسم على سجل الشرف في القصر الجمهوري.
تصريح بلانتو
وإثر اللقاء، أدلى بلانتو بالتصريح التالي للصحافيين: "تشرفت بلقاء فخامة الرئيس، واطلعت منه كيف يمكنني أنا الفرنسي أن احمل من لبنان رسالة حول مفهوم العيش المشترك، فأنتم تعرفون ذلك وقد عشتم مآسي متعددة، ونحن في أوروبا نطرح على أنفسنا اسئلة عدة عن الطوائف المتعددة التي تشكل نسيجنا الاجتماعي، ولدينا الكثير لنتعلمه من الشرق الاوسط لمعرفة كيف علينا ان نعمل ونحترم بعضنا البعض. وانا اجول العالم دوما ومعي قلم للرسم، في حين ان البعض يهوى ان يقوم بنصب حواجز او هدم ما هو قائم بين الثقافات. وانا اسعى من خلال الجمعية التي اسستها منذ نحو 11 عاما الى ان انشئ روابط انسانية، بفضل الرسوم ومن خلال الاقلام، فأجمع بذلك الآراء والثقافات والديانات لأجعلها تتحاور. فنحن بحاجة الى تربية على ثقافة التسامح كي نبني عالما افضل من خلال الرسم والفنون، عالما يتواصل بعضه مع بعض ويتكلم بعضه مع بعض، طالبا من الآخر المختلف ان يصغي الي فيما انا اصغي اليه. بذلك نحترم بعضنا بعضا ونسير الى منتهى قناعاتنا المشتركة".
وردا على سؤال عما قام به مع الرئيس عون خلال اللقاء، قال: "انا لا اعرف سوى الرسم، وقد رسمنا معا رمزا للسلام، انطلاقا من السمكة التي يهوى رسمها، وقد اضفت اليها غصن زيتون لتغدو رمزا للسلام. اننا جميعا نعرف ان نرسم ونتواصل ببساطة، وهكذا نتعلم من بعضنا، وندرك ان بامكاننا ان نتكلم لغة واحدة. نحن في اوروبا اليوم لدينا صعوبة في ان نتمكن من الكلام مع بعضنا لكن انتم لديكم خبرة العيش معا، وانتم الآن مجتمعون حول الرئيس عون، وهذا اعمق من مجرد الكلام. نحن علينا اينما كان ان نتعلم العيش معا انطلاقا من لبنان".
وعن العلامة التي يضعها لعون على طريقة الرسم لديه، أجاب: "10 على 10. ما دام الرسم تعبيرا عن فاعلية صادقة فهو يستحق هذه العلامة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News