ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
كشّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أنيابه فيما خصّ لبنان، موسّعاً من العقوبات الماليّة التي كانت تستهدف حزب الله، إذ ضمَّ إليها في المشروع الجديد الذي سُرّبت تفاصيله، أحزاباً حليفة للمقاومة في محاولةٍ يُراد منها الابتزاز بحزمةٍ جديدةٍ مختلفة عن تلك التي صدرت عام 2015.
في دهليز الكونغرس الأميركيّ هناك مشروعي قرار؛ الأوّل قدّمه سيناتور ولاية فلوريدا ماركو روبيو، والثاني مُقدّم من قِبَلِ رئيس لجنة الشّؤون الخارجيّة في مجلس النواب إد رويس، ينصّان على "تشديد الحصار المالي على حزب الله" كنموذجٍ معدّل عن الحزمة التي صدرت عام 2015. ركّزت الحزمة الجديدة بين اثنتين، الأولى ضمَّ حركة أمل إلى قائمة العقوبات والرقابة المالية على مصادر الأموال، والثّانية إشراك الدولة اللبنانية، بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة، بمعركة السّطو على مقدّرات المقاومة من باب حزمة ابتزازات ماليّة أو عقوبات يمكن أن تسقط على رأس النظام المالي اللبناني في حال "رفض الانصياع" أو لم يتجاوب كما يجب مع وزارة الخزينة الأميركيّة السّاهرة على تطبيق العقوبات. أمّا ما لمْ يكشف أحد النّقاب عنه، هو أنَّ الحزمة هذه ستشمل أيضاً حزباً عقائديّاً يرجّح أنّه السّوري القومي وشخصيّات سياسيّة أخرى قريبة من حزب الله.
وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ الحزمة التي كان موقعنا أوّل من كشف عنها قبل شهرٍ تقريباً، وصلت بعض بنودها إلى المصرف المركزيّ إذ اطّلع عليها الحاكم رياض سلامة. أمّا عن كيفية وصولها، فتؤكّد مصادر مصرفيّة لموقعنا، أنّها جاءت بعد زيارةٍ قام بها أحد نوّابِ الحاكم إلى الولايات المتحدة، حيث سَمِعَ هناك عن إعداد يُجرَى في الكونغرس لتحديثِ حزمة 2015 المتعلّقة بالعقوبات على حزب الله على أنْ تشمل شخصيّات ورموز ورجال أعمال يدورون أو هم أعضاء في حركة أمل، بالإضافة إلى رجال أعمالٍ وشخصيّات وأحزاب من صفِّ الثّامن من آذار.
سلامة، تقول المصادر لـ"ليبانون ديبايت" إنّه أوصل ما ورده من معلومات إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واضعاً إيّاها بعهدته، فبادر الرئيس إلى التواصل مع جهات وأقنيةٍ معيّنة لاستطلاع الموقف الأميركي وفهم الخطوات وما يجري الإعداد له، فسَمِعَ جواباً أنَّ الحزمة الجديدة "ملزم لبنان بتطبيق نصوصها" ولا تُخفي المصادر أنَّ ما تبلّغه الرئيس عون "حمل بعضاً من عناوين التهديد البرغماتي".
لكن اللافت في الحزمة الجديدة هو اختلافها عن السّابقة حيث جزّت حركة أمل وسطها، مما يجعل الخزينة الأميركيّة توعز إلى المصارف اللبنانيّة والعالميّة مراقبة مصادر أموال رجال أعمال ومسؤولين ووزراء ونوّاب في "أمل" وأين تُصرف أموالهم، لا بل يصل الأمر حدّ إرسال مستندات بحركة تلك الأموال على أنْ يُترَك هامش التضييق على من تريد. ولكي تحمي تلك المؤسسات أو المصارف نفسها من ردّات فعل وزارة الخزينة، فوفق معلومات "ليبانون ديبايت" هناك مادّة تنصّ على "توفير مراقبة شهريّة لحسن تطبيق العقوبات من خلال لجنة جرى تكليفها بذلك تُقدِّم لوزير الخزانة تقريراً شهرياً يركن إليه في تقريره الشّهري الخاصّ والذي يرصد فيه المبالغ الماليّة التي يمتلكها قادة الحزب والحركة وأعضاء مكتبيهما السياسيين ووزرائهما ونوّابهما والأعضاء البارزين من الصفوف الأخرى وأيّ جهات يرى وزير الخزانة أنّها مرتبطة بهما، على أن يتضمّن التقرير تفاصيل عن أموال المذكورين وكيف حصلوا عليها وكيف وظّفوها".
وتربط المصادر المصرفيّة ذلك بأنّه "نوع من أنواع الضّغط على البيئة الشيعيّة". كما ينصّ المشروع أيضاً على وجوب مطاردة أموال أيّ قيادي في حزب الله وحركة أمل والواجهات الماليّة المرتبطة بهما (أحزاب أو شخصيات أخرى).
لكن الأمر الخطير الذي يسجّل هو ما ينصّ على "دعوة وزارة الماليّة إلى استخدام كلّ الوسائل الجدّية والاستخباراتية والاستعانة بأيّ دولةٍ أو مؤسّسة حكومية أو غير حكومية، أو أي مصدر يمكن الاستفادة منه لتجميع هذه المعلومات" أي أنَّ الشّخصيّات التي يمكن أن تصنّف ضمن الدّائرة، بحسب الانطباع الأميركي، يمكن أن يرصد لملاحقتها وتتبّع أي معلومات خاصّة بها أم غير خاصّة، جهات استخباراتيّة عدّة تستعين بشركاتٍ أو يستعان بها، ويمكن تخيّل المشهد القادم الذي سيوفّر ذرائع القيام بعمليةٍ مُشابهةٍ لتلك التي اعتُقِل فيها رجل الأعمال قاسم تاج الدين!
"حركة أمل" التي تلقَّفت جُرعة السُّمِّ بحذرٍ شديد، تعمل على خطّين متوازيين؛ الأوّل مع مصرف لبنان، والثّاني من خلال الحكومة اللبنانيّة عبر محاولة استخراج ردٍّ محكومٍ بقراءة مصرفيّة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى توسيع هامش حركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يتمتّع بعلاقاتٍ أكثر من طيّبة مع الإدارة الأميركيّة "المالية" ولديه بوابات في "وول ستريت" والجسم الاقتصادي الأميركيّ، من هنا يُفهم سبب إعادة "هندسة" العلاقات مع "الثنائيّة الشيعيّة"، خاصّة علاقة حزب الله مع الحاكم التي شابها توتر، وعبرها يبدو أنَّ سلامة سيعمّد طبيباً لكيِّ الجراح.
ولا تُخفي مصادر مصرفيّة في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أنْ يتمّ تكليف الحاكم سلامة بمتابعة الملف رسمياً من خلال القيام بزيارةٍ إلى واشنطن ومحاولة إقناع الأميركيين بالعدول عمّا يُحضّرون له، خاصّةً وأنَّ المشروعين المقدمين أمام الكونغرس، لن يُقِرَّا الآن وسيأخذان وقتاً ربّما يتيح توافر شروط المعالجة، وقد تسمح الفترة بتخفيف وطأة القرار الذي لا طُرُق لمنع صدوره سوى التّخفيف منه وفقاً للسيناريو الذي حصل خلال الحزمة الماضية والتي تركت طريقة معالجتها لسلامة، وهذا العلاج يفتح قوساً نحو توفير بوابة العامل الرسميّ لسلامة الذي هو التّمديد له في مركز الحاكمية افساحا في المجال أمام إنجاح حركته".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News