ليبانون ديبايت
كمثله من الاقتراحات، دخل "التأهيل الطّائفيّ" في دهليز القِوى السّياسيّة ما قد يرجّح ضياعه في زواريبِ المصالحِ. وبعد أيامٍ من ترويجِ أنَّ "الاقتراح" نال توافق مبدئي، أظهرت السّاعات الماضية ما تضمره قِوى سياسيّة، وأنَّ هناك معارضة له من قبل مكوناتٍ أساسةٍ كـ"القوات اللبنانية" و"التقدميّ الاشتراكيّ". الأوّل لا يرى في الاقتراح ترجمةً لخياراته أمّا الثّاني فيُنظر إليه على أنّه يقسّم اللبنانيين، وطائفي، ولا يوفّر التمثيل الصحيح.
من يعمّم أجواء التفاؤل؟ يتّضح أنَّ هناك ماكينة تنشط منذ مدّة همها توفير المُناخات الإيجابيّة التي تثبت في آخر المطاف أنّها مزيّفة. فتقدّم للصحافيين معلومات متضاربة عبر أقنية ترسي جواً ما ليعود ويسقط تِباعاً، ويبدو أنَّ الماكينة نفسها تروّج لحالة الإيجابيّة الجديدة التي يبدو أنَّها مكبرة أكثر من الواقع. وتفيد معلومات حصل عليها "ليبانون ديبايت" من مصدرٍ قريب من جوّ التفاوض، أنَّ "جُلَّ ما حصل في الاقتراح التأهيلي حتى الآن هو توافق حول بحثه على طاولةٍ اللجنة الحكومية المصغرة، ولم يرتقِ هذا التّوافق إلى اتّفاقٍ بعد".
ويكشف المصدر، أنَّ هناك خلافات جوهريّة حول هذا الاقتراح لدى كلّ المكونات؛ فحزب الله مثلاً الذي قَبِل مبدئياًَ بحثِ الاقتراح، طلب إلى جانب حركة أمل أنْ يكون التأهيل منطلق من نسبة 10% وأنْ تكون المرحلة الثّانية النسبيّة بعد أسبوعٍ من تاريخ الدّورة الأولى، وأنْ تكون الدّائرة الواحدة هي المُعتَمَدة وضمنها الصوت التفضيليّ. وعلى مستوى تيار المستقبل هناك ضياع كالعادة في مفاهيم القبول، ففي وقت أعلن الرئيس سعد الحريري قبوله الاقتراح، سرب ان مدير مكتبه نادر الحريري اوصل للجنة ان تيار المستقبل سيعلن موقفه قريبا، ما اثار استهجان القوى من اسلوب المستقبل!
وتواتر الى "ليبانون ديبايت" من مصار مستقبلية ان التيار يفضّل أن يكون التأهيل في الدّورة الأولى على المرشّحِين الثّلاثة الأوائل وأنْ يكون الاقتراع في النسبيّ على المحافظة كذلك الصوت التفضيليّ. التيار الوطني الحر الذي كان أساساً، عدّل على اقتراح التّأهيل بنسخةٍ "باسيلية" (هي المُقدّمة حالياً)، عاد محاولاً إجراء تعديلاتٍ جديدةٍ حول الصّوت التفضيليّ وإرجاعه إلى القضاء، وأن يكون التّأهيل على مستوى المرشّحَين الأوّل والثّاني، والنسبيّة على أساس عشرةِ دوائر فقط.
وحدهما القوات اللبنانيّة والتقدميّ الاشتراكيّ رفعا صوت الاعتراض الكامل على القانون، فمعراب التي كُلّف التيار إقناعها ترفض التأهيل بالمُطْلَق وما تزال عالقةً في بهو قانونِ باسيل الثّالث بينما التّقدميّ الاشتراكيّ رأى فيه "ضرباً لصيغة العيش المشترك" إذ وبنظره، هذا الاقتراح "طائفيٌّ يفرزُ ويفرّق" وبالتالي هو مجبور على رفض كلّ الصّيغ الطّائفيّة.
وإزاء هذه الأجواء والتّضارب في المواقف، فُعّلت الاتصالات في السّاعات الماضية من أجل إيجاد نقطة التقاءٍ لجميعِ القِوى تجمعهم على طاولةٍ واحدة دون الدّخول في إمكانيّة نسف الجلسة كما حصل يوم الاثنين الماضي. وإذ تقول مصادر سياسيّة لـ"ليبانون ديبايت" إنَّ الخلاف محصور في "بعض التفاصيل، وشكل تقسيم الدّوائر" لكن هناك تفاؤل في "وجود قاسم مشترك يقود إلى مسودة قانونٍ تُبحَث على طاولةِ مجلس الوزراء بعد أن يتمّ وضع كل التعديلات في التأهيلي"، مرجحاً تقديم "تصوّر بعد عطلةِ عيد الفصح".
لكن ثمّة شوائب تمسّ جوهر هذا القانون أهمّها مصير الأقضية المُختلطة بمجموعاتٍ طائفيَّة والتي ستكون خارج عملية الاقتراع الأولى وهي ما تناقد حقَّ المساواة في الدّستور فضلاً عن عدم وجودِ وحدة معيار في الاقتراع إذ إنَّ الأرقام المرجّحة للفوزِ بين دائرةٍ ودائرة مختلفة جذرياً، فضلاً عن أنّه يُعزّز من الطّائفيّة التي ينقضها الدّستور الذي ينص أنْ يكون الاقتراع من خارج القيد الطّائفيّ، والأهم أنّه يُعزّز "المُزارع الطّائفيةّ" ويعيد تفعيل المذهبيّة في أبشع صورها من خلال فرض الاقتراع على أساسِ القانون الأرثودوكسيّ وتقسيات قانون الستين في القضاء، وهو ما كان قد رُفِضَ في الصيغة الثالثة التي قدّمها الوزير باسيل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News