ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
منذ أكثر من ثلاث سنوات، رفع المزارعون الصّوت عالياً، وحذّروا من أزمة بدأت وستنمو شهراً بعد شهر وسنةً تلو الأخرى، مطالبين الدّولة اللّبنانيّة بمكافحتها قبل أنْ تقضي على ما تبقّى من لوحات رائعة مميّزة وثروات وهبها اللّه للبنان، قبل أنْ يُشوّهَها الإنسان... هي أزمة تُهدّد أشجار الصنوبر التي تُعرف بـ "ذهب لبنان الأبيض".
قبل الدّخول في صلب المشكلة، يجب الإضاءة على فوائد مهمّة جدّاً، ينبغي بها أنْ تُشكّل حافزاً لدى المسؤولين لوضع الملفّ ضمن أولويّاتهم، وعدم إهماله، وقد لا يُدرك الكثير من النّاس قيمة أشجار الصنوبر، التي تُعتبر بمثابة ثروة حقيقيّة سواء أكان على الصّعيد الاقتصادي، أم البيئي، أو الصحّي، أو السّياحي، فهي من أهمّ أشجار الغابات التي تزيّن طبيعة لبنان، وحكايتها بدأت مع الأمير فخر الدين الثاني الكبير الذي حمل أوّل شجرة من توسكانة الإيطاليّة في عام 1516، ثم من الأستانة، لتنتشر وتغطّي أكثر من عشرين في المئة من مساحة لبنان "الخضراء"، قبل أنْ تَنعم بلدة بكاسين بأكبر حرج صنوبر في الشرق الأوسط.
إنَّ أشجار الصنوبر، موجودة بكثرة في جبل لبنان وعاليه وكسروان والشوف والمتن وجزّين، ولها فوائد مهمّة جدّاً، فهي إنتاج زراعيّ أساسيّ ومصدر رزق لآلاف المزارعين وعائلاتهم، وعامل جذب للسيّاح والمصطافين، ودواء طبيعي لأمراض كثيرة، على اعتبار أنّها تنقّي الهواء، وتوفّر الجوّ الصحّي الملائم والمناسب للمرضى، كما أنّها مفيدة بيئيّاَ كونها تساهم في الحدّ من انجراف التربة والانهيارات الصخريّة، وتساعد على زيادة المياه الجوفيّة والحدّ من التلوّث وتوفير الأوكسيجين... هذا من دون أنْ ننسى نكهة الصنوبر الفريدة والذي يزّين أيضاً أشهى الأطباق، والموائد والحلويات، إلى جانب منافع هائلة تمكّنت من جذب العديد من الدول التي بدأت تطالب بالصنوبر اللّبناني وتوقّع اتفاقيّات مع الدولة اللّبنانيّة والجمعيّات لزراعته في أراضيها.
في المقابل، تواجه أشجار الصنوبر "اللّبناني"، مشاكل عدّة، كتعدّي "الإنسان" عليها لمكاسب ماليّة، اهمال الدولة اللّبنانيّة لهذه الثروة، المنافسة مع الصنوبر التركي أو الصيني، أو من ارتفاع كلفة اليد العاملة، بيد أنَّ الضربة القاضية له تكمن في "حشرات" كـ"دود الصندل" وأنواع من "السّوس" التي تتسبب بموت الشجرة، وتحول دون نمّو الثمار الصغيرة، وغيرها من الأضرار التي تضرّ بالبيئة وبصحّة الإنسان.
اليوم، يواجه القطاع الزراعي أزمة أشجار الصنوبر في الشّوف والباروك ونيحا والبلدات المحيطة التي تشاهد "رزقها" يموت أمام عينيها، وسط غياب الحلول، حيث أشار السيّد توفيق أبو علوان مسؤول تعاونية الباروك والفريديس الزراعية في جبل لبنان، لـ"ليبانون ديبايت"، أنَّ "هناك حشرة تضرب أكواز الصنوبر، تحول دون نضوجها، ومنها ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأكواز الفارغة، والأمر ظاهر بشكل واضح في الصّور، ما يؤثّر كثيراً على الموسم، وعلى المزارعين الذين يعتاشون منه".
بدوره، أوضح رئيس بلديّة نيحا السيّد وهيب غيث، أنَّ "البلديّة، أرسلت الصّور مرفقة بكتاب إلى وزير الزراعة، يتضمّن المشكلة التي تعاني منها أشجار الصنوبر المهدّدة في المنطقة، ومعاناة المزارعين الذين يخسرون مورد رزقهم"، معتبراً أنَّ "هذا الكتاب هو بمثابة تنبيه قبل تفاقم الأزمة والوصول إلى مكان يصعب عندها إيجاد الحلول، كما أنَّه تمنّى على الوزارة بوضع هذا الموضوع في صلب اهتماماتها سواء بالنسبة إلى منطقتنا أو على صعيد الأحراج كافّة التي تعاني من هذه "الدودة" التي ما نزال نجهل نوعها أو اسمها، ونحن ننتظر ردّ الوزير غازي زعيتر الذي لم يُجب حتّى السّاعة".
أما الشّيخ سامر البستاني، وهو أحد وجهاء الباروك والذي يهتم كثيراً بأوضاع ومشاكل المنطقة، فأكّد أنَّ "هناك أزمة تعاني منها أشجار الصنوبر بشكلٍ عام، نتيجة الحشرات الموجودة ومرّ عليها أكثر من 4 سنوات، فيما خسائر التّجار والمزارعين إلى ارتفاع سنة بعد سنة، وسط غياب الحلول، وسبق أنْ حذّرنا في السّنوات الماضية من النتائج التي نعاني منها اليوم".
وأوضح أنَّ "النسبة الأكبر من أكواز الصنوبر تظهر فارغة بعد فكّها، فيما الحبوب تكون مضروبة، إذ إنّه يُصار إلى وضعها في الماء لفرز الفارغ من الصنوبر الجيّد، وعدم احتسابها من الوزن الذي يصار إلى بيعه"، مشيراً إلى أنَّ "بلدات متنيّة قامت برشّ الأشجار لكن لا نعرف ما إذا كانت الحشرات نفسها الموجودة في الباروك أو نيحا".
وشدّد على أنَّ "المشكلة الأساسة التي يعاني منها "صنوبر" الباروك هي في الكوز الصغير الذي يصبح يابساً، والتي بالطبع لها انعكاسات سلبيّة على التجّار والمزارعين وأهالي البلدة، ويتوجّب إيجاد حلول سريعة لها". داعياً الجهات الرسميّة إلى معرفة نوع هذه الحشرات وكيفيّة "مكافحتها" ورشّها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News