"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
- لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، تقوم على احترام الحريّات العامّة وفي طليعتها حريّة الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعيّة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.
- الشعب مصدر السّلطات وصاحب السّيادة يمارسها عبر المؤسسّات الدستوريّة.
- النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.
- إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية.
بهذه البنود وغيرها من النقاط، عرّف الدستور الّلبناني في مقدّمته بالنظام اللّبناني، والسّلطات والصلاحيّات، وعدد من الأحكام، شارحاً كافة تفاصيلها. بيد أنه عند قراءة مضمون كل مادّة نلاحظ بأن الواقع اللّبناني يختلف تماماً عن النصوص القانونيّة. وأكبر مثال على ذلك، الاستحقاق النيابي الذي يفترض به أن يكون على رأس ركائز الديمقراطيّة، وميزاتها، ووسيلة أساسيّة للتغيير والتطوّر وإفساح المجال أمام إدخال وجوه جديدة الى مجلس النوّاب كل أربع سنوات، والاستفادة من طاقات الشّباب وأفكارهم من خلال إشراكهم في الانتخابات النيابيّة سواء لناحية القوانين الانتخابيّة والاقتراحات المقدّمة بشأنها، أو في ما خصّ الترشّح و"التصويت" على إعتبار أن الشّعب هو مصدر السّلطات... إلّا أن هذه الامور كلّها لم تحصل، فالنوّاب هم نفسهم في كلّ دورة إنتخابيّة، لا بل فرضوا على "مصدر السّلطات" تمديدين خيّب آمال اللّبنانيين، وخطف منهم حماسة المشاركة في اللّعبة الديمقراطيّة، وفي الحياة السياسيّة.
اليوم، وبينما يحمل كلّ فريق سياسي همّ طائفته، ويرفع راية إعادة الصلاحيّات اليها، والمطالبة بحقوقها، نسيت جميع القوى السياسيّة، بأنها تحت هذه الحجج، حرمت جميع اللّبنانيين مسيحيين كانوا أو مسلمين من أبرز الصلاحيّات التي منحهم إيّاها الدستور الا وهي الانتخاب، فلم يعد الشّعب مصدر السّلطات بل بات حقّه مغتصباً من قبل هذه السّلطات.
إنطلاقاً من هذه التجاوزات، والطريقة التي يتعاطى فيها الافرقاء السياسييّن مع الملف الانتخابي، وعجزهم المتواصل عن إقرار قانون إنتخابي جديد، والتلميح المستمرّ الى الخيارات السّيئة التي سيذهبون مرغمون إليها، وفي الوقت الذي يعمل فيه كل فريق على تقديم إقتراحات ومشاريع والبحث عن القانون الانسب، هناك مجموعة قامت في الفترة الاخيرة بدراسة مفصّلة وأبحاث شاملة، بغية إيجاد المواد القانونيّة التي يمكن أن يستعينوا بها ويلجأوا إليها لمحاسبة كل من يظهره التحقيق مسؤولاً عن التعدّي على حقوق المواطنين وواجباتهم وإساءة إستعمال السّلطة والاخلال بالواجبات الوظيفيّة.
وفي التفاصيل، تقدّمت مجموعة من الجمعيّة اللبّنانيّة من أجل ديمقراطيّة الانتخابات (LADE)، مؤلّفة من 12 شخصاً، بشكوى أمام النيابة العامّة التمييزيّة في بيروت، مع إتّخاذ صفة الادعاء الشّخصي ضدّ مجهول، للاسباب المشار اليها.
وقال المحامي فراس علاّم لموقع "ليبانون ديبايت":"لقد إخترنا طريق القضاء من أجل تحديد المسؤوليّات، والقاء الضّوء على كل من يعيق إجراء الانتخابات النيابيّة، ولو وفق القانون النّافذ، الذي بغضّ النظر عن إعتراضاتنا السّابقة عليه، الا انّ إحترام القوانين السّارية المفعول أمر ضروري".
وأوضح علّام الذي تقدّم بالشكوى الى جانب المجموعة المذكورة، أن "هذه الخطوة أتت إنطلاقاً من مادتين نصّ عليهما قانون العقوبات اللّبناني، أي "329" و"371"، حيث نصّت المادة 329 على أنّ "كل فعل من شأنه أن يعوق اللبناني عن ممارسة حقوقه أو واجباته المدنية يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنة، إذا اقترف بالتهديد والشدة أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الإكراه الجسدي أو المعنوي"، وبالتالي فإن إمتناع السّلطات المختصّة والهيئات النّاخبة عن إجراء الانتخابات النيابيّة وفق القانون النافذ وشنّ حرب عليه، من دون إيجاد البديل وإقرار قانون إنتخابي جديد، يشكّل بحدّ ذاته إكراهاً معنويّاً"، مضيفاً:"أمّا المادة 371، فنصّت على أن "كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه بشكل مباشر أو غير مباشر ليعيق أو يؤخر تطبيق القوانين أو الأنظمة، أو أي أمر صادر عن السّلطة ذات الصلاحيّة يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين"، الامر الذي يدخل في إطار عدم تطبيق القانون النافذ والسّير به".
وقال علاّم:"بوصفنا أشخاصاً راشدين، منحنا النّظام الديمقراطي الحقّ في الترشّح والانتخاب، وإنطلاقاً من الطريقة التي يتمّ التعاطي بها فيما خصّ الملفّ الانتخابي، قرّرنا أن نلجأ الى القضاء، والتقدّم بشكوى ضدّ مجهول، أمام النيابة العامة التمييزيّة حتى تحدّد بنفسها المسؤول، على إعتبار أن كل طرف يرمي المسؤولية على غيره ويعتبر نفسه بريئاً ممّا يحدث".
وردّاً على سؤال، أكّد علّام لـ"ليبانون ديبايت"، أنّ "هذه الشّكوى، أتت نتيجة عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، الا أننّا لم نتقدّم بها في ذلك الوقت، كوننا حرصنا على إجراء دراسات وبحث دقيق للمواد القانونيّة التي يمكن أن نبني عليها إدّعائنا، وإرتفع منسوب عملنا يوم جلسة التمديد فكثّفنا نشاطنا، الى أن باتت الشكوى حاضرة ومدعومة بنقاط قانونيّة واضحة وصريحة، فتقدّمنا بها يوم الاربعاء". معتبراً أن "الحصانة التي يتمتّع بها النوّاب ومن منحهم إيّاها القانون، هي مؤقّتة وليست أبديّة، وهناك آليّات يمكن اللّجوء اليها لرفعها، ومع ذلك، أنا أرى أنّ من يعتبر نفسه بريئاً عليه أن يقدم شخصيّاً على رفع الحصانة والتخلّي عنها تاركاً الكلمة للقضاء".
وشدّد علّام على أن "هناك خطوات كثيرة يمكن اللّجوء إليها، لكننا نراقب عن كثب المسار، فلا شيئ واضح حتّى الان، والاحتمالات مفتوحة، كما ننتظر قرار النيابة العامة التمييزيّة حتّى نبني على الشيئ مقتضاه"، مؤكّداً أن "الفعل الجرمي حصل يوم عدم دعوة الهيئات الناخبة، وبات بمثابة الحقّ العام الذي لا يسقط حتى لو تراجعنا عن الشّكوى في حال تم إقرار قانون إنتخابي جديد، وبغض النظر عن هذا كلّه إن الموضوع بات بعهدة النيابة العامّة والتحقيقات يجب أن تجرى لتحديد المسؤوليّات".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News