لم يكن توجيه الرياض دعوة لرئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري لحضور القمم التي تنظمها بمناسبة زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإغفال دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون حدثا عابرا في سياق التحضير لعقدها وخصوصا مع شيوع أخبار تفيد أن هذا الأمر تم بطلب مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه. يطرح هذا الواقع أسئلة خطيرة حول الطريقة التي تنظر بها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والعالم العربي والإسلامي إلى لبنان في هذه المرحلة.
إذا كان الامتناع عن دعوة رئيس الجمهورية يأتي انطلاقا من تصنيف يدرجه في سياق داعمي الإرهاب تأسيسا على العلاقة التي تربطه بحزب الله، فإن ذلك يعني أن صيغة الفصل بين حزب الله وحلفائه قد سقطت وأن المنطق الأميركي الجديد يدرج الجميع في إطار واحد، بحيث يسري عليهم ما يسري على حزب الله.
وفي تحليل هذا الواقع يكشف تقارب الأوساط السياسية والتحليلات عن وجود وجهتي نظر مختلفتين. تقول وجهة النظر الأولى إن اعتماد لبنان كساحة تحجيم للنفوذ الإيراني سينعكس إيجابا على انتظام الأمور فيه وعودة الزخم السياسي والاقتصادي وضبط الأمن، كما سيضعف قدرة حزب الله على الإمساك بمفاصل القرار اللبناني.
ويرى أصحاب وجهة النظر هذه أن الحلف الذي يتمتّن يوما بعد يوم بين الحريري والتيار الوطني الحرّ نجح في خلق حالة مواجهة مع حزب الله، يمكن أن تستفيد من المناخ الميال لتحجيم إيران في خلق معادلة سياسية جديدة في البلد تنطوي على قدر من التوازن، كما يعتبرون أن المرحلة القادمة قد تشهد فضا للحلف المعقود بين التيار الوطني الحر وحزب الله.
وينظر هؤلاء إلى ردة فعل رئيس الجمهورية على عدم دعوته إلى القمة وحرصه على وضع الأمور في إطار التوافق مع رئيس الحكومة سعد الحريري بوصفها دليلا على نشوء صيغة تمهد لتموضع الرئيس في موقع لا ينطبق عليه توصيف الرئيس الممانع. ويدرج هؤلاء العقوبات الأميركية التي يجري العمل عليها بالتزامن مع انعقاد القمم والتي من المتوقع أن تطال الرئيس ميشال عون شخصيا في إطار الضغوطات التي تصب في مصلحة دفعه إلى الاختيار بين العلاقة مع أميركا والعالم العربي والإسلامي، أو بين العلاقة مع إيران وحزب الله.
في المقابل تؤكد وجهة نظر أخرى مغايرة تماما أنّ لا موقع خاصا للبنان أمام حجم الصراعات الكبرى المندلعة في المنطقة وأن الاهتمام بمشاكله وتعقيداتها ليس على جدول أعمال أيّ من القوى المؤثرة والفاعلة. ويستشهد المدافعون عن فكرة لامبالاة العالم بلبنان بالمنطق الذي تدير به الولايات المتحدة علاقتها بالملفات اللبنانية، حيث يبدو واضحا أنها تعتمد سياسة الفصل التام بين الملفات ما يعني أنها لا تهتم بلبنان ولا تدعمه، بل تنفذ مشروعا خاصا بها من خلاله دون أن تهتم بما يمكن أن يسببه، تاركة تقدير الإيجابيات والسلبيات إلى اللبنانيين أنفسهم.
ويبرز الدليل على هذا المنطق من خلال الدعم الأميركي الاستثنائي الذي تقدمه الولايات المتحدة للجيش اللبناني لمساعدته في محاربة الإرهاب بينما تستعد في الوقت نفسه لفرض عقوبات قاسية على حزب الله في إطار مشروع تحجيم الأذرع الإيرانية في المنطقة دون أن تهتم بمدى تأثير العقوبات على مجمل الاقتصاد اللبناني ولا على الوضع السياسي فيه.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين على لائحة الإرهاب بعد ساعات من صدور قرار سعودي مماثل. وكذلك لا تنشغل واشنطن بالصراع الدائر حول القانون الانتخابي وما إذا كان سيجرّ البلاد إلى مأزق الفراغ، أو أنه سيصار إلى تدبير مخرج له في الفترة الأخيرة، ولا تلقي بالا بارتباط الملف الانتخابي بالمناخ السلبي الذي يرجح أن تثيره العقوبات ومشاريع مواجهة إيران والذي قد يدفع بحزب الله وحلفائه إلى التصعيد في الداخل اللبناني.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News