"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
في أيّار من عام 2018، "ستشلح" زحلة عنها لفترةٍ قصيرةٍ ثوب "السلام"، وترتدي زيّ "المعارك"، هي التي يعيش تحت عباءتها التنوّع الطائفيّ والمذهبيّ، والبيوت السياسيّة العريقة، والزعامات التقليديّة، والأحزاب الفاعلة، وتتنافس على مقاعدها السبعة القِوى السياسيّة كلّها، في معركةٍ انتخابيّة وُصِفَت بـ"أمّ المعارك".
عروس البقاع، التي تُعتَبرُ أكبر مدينة كاثوليكيّة في الشرق، وتضمّ التجمّع المسيحيّ الأكبر على صعيد المُحافظة، وتشمُل دائرتها سبعة مقاعد مُوزّعة بين الأرمن الأرثوذكس، والروم الأرثوذكس، والسّنة، والشيعة، والموارنة، والروم الكاثوليك صاحبة "حصّة الأسد" بمِقعدين نيابيَّين، والتي خاضت الانتخابات النيابيّة الأخيرة في 7 حزيران 2009، مع تسجيل فوزٍ كاسحٍ للائحة 14 آذار، بعد حصولها على المقاعد السبعة كاملةً، ها هي تستعدّ اليوم لخوض انتخابات 2018، بـ"هدوءٍ علنيّ"، بحجّة "الوقت المُبكر"، فيما تشهد جلساتٍ سريّةٍ ساخنةٍ، وتحضيراتٍ دقيقةٍ بعيدةٍ عن الأضواء، على اعتبار أنّ لكلّ حزبٍ سياسيٍّ فيها تحدّي يتمثّل إمّا في إثباتِ الوجود، والمُحافظةِ على المقاعدِ النيابيّة، أو بإعادة التواجد واستعادة الهيبة والدور الرسميّ".
"ليبانون ديبايت"، وبعد الجولة الانتخابيّة التي قام بها، على قضاء الشّوف وعاليه، ومرّ بعدها بـ"الشمال"، ها هو اليوم يصل إلى زحلة، ليُواكب مرحلة التحضير للانتخابات النيابيّة، في المدينة التي وُصِفَت أيضاً بـ"مقبرةِ الأحزاب"، من خلال إجرائه "زيارةً" سريعةً على أبرز الأحزاب الفاعلة في القضاء.
"القوّات اللبنانيّة"
منسّق "القوّات اللبنانيّة" في زحلة ميشال تنوري، لفت إلى أنّ "قضاء زحلة، يتمتّع بتنوّعِ طائفيٍّ ومذهبي وحتّى سياسيّ وحزبيّ، من هنا تكمن أهميّة وصعوبة المعركة، الأمر الذي يدفعنا بالتالي، إلى التركيز على التلوين السياسيّ الدقيق، وتجهيز الماكينة الانتخابيّة، على هذا الأساس". مشيراً الى أنّ "التحالفات مفتوحةٌ على كلّ الاحتمالات، وسط أرجحيّةٍ مُرتفعةٍ لـ"المٌستقبل"، وقد تطال أيضاً "الكتائب" الذي يربطنا معه المشروع السياسيّ الواحد رغم التباعد الحاصل، وكذلك إمكانيّة التحالف مع "الوطنيّ الحرّ" واردةٌ جدّاً، لكن حتّى السّاعة لا تزال التحالفات غير واضحة".
وأشار تنّوري الى أنّ "موعد الإعلان الرسميّ عن أسماء المُرشّحين، قد يستغرق وقتاً، والاختيار سيكون صعباً، خصوصاً أنّ "القوّات" قد تخسر وفق القانون الانتخابي الجديد مقاعد نيابيّة، ما سيدفعها إلى بذل جهود إضافيّة للمُحافظة على المقاعد الثلاثة كحدٍّ أقصى أو على مِقعدين على الأقلّ، علماً بأنّ خسارة الحزب لعددٍ من المقاعد في زحلة، سيُقابله اكتساب مقاعد أكثر في دوائر انتخابيّةٍ أخرى، ومناطق لم يُكن لـ"القوّات" فيها أيُّ وجودٍ نيابيّ".
وإذ اعتبر أنّ "القانون الانتخابي هو بمثابة لعبةٍ جديدةٍ كليّاً سواء على النّاخب أو الأفرقاء السياسيّين، ما سيفرض حالة انتظارٍ لعددٍ من اللّوائح والترشيحات، ولا سيّما أنّ المعركة ستنتقل إلى داخل اللّائحة الواحدة والفريق الواحد، الأمر الذي سينعكس على النتائج وسيؤدّي إلى حدوث مفاجآتٍ كثيرةٍ على هذا الصعيد". كشف تنوري أنّ "القوّات، ستنزل إلى الأرض، وتخاطب مناصريها، وتقف على آرائهم ومطالبهم، وتستمع إلى وجهات نظرهم لاختيار مرشّحيها، خصوصاً وأنّ هناك انتقاداتٍ من قِبَلِ الزحليّين عن ابتعاد النوّاب الحاليّين عن الناس نتيجة انشغالاتهم الكثيرة بوظائفهم الأخرى غير تلك النيابيّة، وغياب الاختلاط المطلوب، من هنا البحث عن مرشّحين يملكون وقتاً أكثر وموهبةً أكبر لناحية الاختلاط، وهذا الأمر قيد الدرس".
وعن المال الانتخابيّ الذي يذيع صيته في زحلة مع كلّ استحقاقٍ نيابيٍّ او بلديّ، رأى تنوري أنّ "المال الانتخابيّ، سيُستخدم حتماً في الانتخابات النيابيّة المُقبلة، إنّما ستختلف طبيعته انطلاقاً من القانون الانتخابيّ الجديد والصوت التفضيليّ، بمعنى أنّه سيتحوّل إلى مساعداتٍ وخدمات ٍعينيّةٍ على سبيل المثال، لتُقدّم قبل موعد الاستحقاق. على أمل، ألّا يحدث هذا الأمر، وتُترك كامل الحريّة للناخب كي يمنحَ صوته من دون أيّ تأثيرٍ ماديّ أو وعود مختلفة".
"تيّار المستقبل"
أكّد منسّق عام البقاع الأوسط بسام شكر، أنّ "المعركة في البقاع الأوسط ستكون حتماً كاثوليكيّةً، حيث سيرتكز التنافس على المِقعدَين الكاثوليكيَّين، ومن ثمّ على المقاعد الأُخرى، وكـ"تيّار مستقبل"، تربطنا علاقة صداقة مع أبرز الأسماء المُرشّحة في هذا الإطار، أيّ ميشال ضاهر، وميريام سكاف ونقولا فتّوش، والاحتمالات مفتوحةٌ على الجميع، علماً أنّ لا شيء ثابتٌ حتّى هذه السّاعة"، مُشيراً إلى أنّ "التحالفات لم تتبلور بعد، وعادةً ما تُترَك للحظات الأخيرة قبل الإعلان عنها، والنشاط إلى حدّ الآن يقتَصِرُ على ذاك الفرديّ".
ورأى شكر أنّ "هناك مرشّحينَ تقليديّين أمثال عاصم عراجي وهناك أسماء جُدد قد يُصار إلى تبنّي ترشيحها، أمّا وضع "المستقبل" فلن يختلف مع إقرار القانون الانتخابيّ الجديد، إذ إنَّ "الصوت المُستقبلي" هو المُرجّح في البقاع الأوسط، إذ يبلغ عدد المُقترعين حوالي الخمسين ألف مُقترعاً، وهذا العدد يُشكّل ضمانةً لـ"التيّار".
"الكتلة الشعبيّة"
عضو المكتب السياسي في الكتلة الشعبية، ماريا رزق اللّه، أشارت إلى أنّ "الكتلة"، هي أكبر تجمع في البقاع الأوسط، ولها بيئتها، وتاريخها وكيانها، منذ ثمانين سنة، وما تزال تُحافظ على قوّتها ووجودها من خلال وقوفها الدّائم إلى جانب أهالي زحلة، وتنفيذ الكثير من المشاريع التي أنعشت المنطقة وأبقت أبناءها مُتمسّكين في أرضهم، حتّى حين كانت خارج السّلطة، ومن مالها الخاصّ"، لافتةٌ إلى أنّ "الكُتلة هي أيضاً وزانةٌ على الصعيد الحزبيّ، ولها الأفضليّة خصوصاً على صعيد العائلات الكبيرة والمُتمسّكة بعقائدها، وهي على استعدادٍ تامٍّ لخوض الانتخابات النيابيّة".
وأكّدت رزق اللّه، أنّ "الكتلة الشعبيّة تؤيّد أي تحالفٍ يصبُّ في صالح المدينة، ويدها مفتوحة لأي تعاون، علماً أنّها أقرب إلى "تيّار المستقبل" نظراً للعلاقة التاريخيّة والصداقة القائمة بين الطرفين، وكذلك إلى الصّوت الشّيعي القريب بدوره إليها، كما أنّ الكتلة على علاقةٍ جيّدةٍ مع مختلفِ الأحزاب والتيّارات، باستثناء "القوّات"، ومع ذلك، فإنّ الأمور كلّها قد تتبدّل، والاحتمالات ستبقى مفتوحةً، إذ إنّ الصورة لن تتوضّح إلّا قبل حوالي الشّهرين من موعد الانتخابات النيابيّة". مشدّدة على أنّ "حظوظ الكتلة الشعبيّة مُرتفعةٌ جدّاً في ظلّ القانون الانتخابيّ الجديد، فهناك آلاف الأصوات ستصبّ في مصلحة الكتلة، ما قد يمنحنا مِقعدين في المجلس النيابيّ".
"التيّار الوطنيّ الحرّ"
مسؤول قضاء زحلة في "الوطني الحرّ" قزحيا الزوقي، لفت إلى أنّ "خيارات التيّار كثيرةٌ، خصوصاً أنّ زحلة متنوّعةٌ جدّاً، وهي أشبه بقوسِ قزحٍ يضمّ كلّ الطوائف والمذاهب والأحزاب والأفرقاء السياسيّين، الأمر الذي يُؤخّر عمليّة اختيار المُرشّحين والتحالفات، وهذا الأمر ينطبق على جميع القِوى والأحزاب السياسيّة، التي لم تحسم قرارها بعد"، مُشيراً إلى أنّ "مرشّح التيّار على المِقعد الكاثوليكي بات معروفاً، وهو رجل الأعمال ميشال ضاهر. مع الإشارة إلى أنّ "الوطنيّ الحرّ" سيُشارك في المعركة الزحليّة من خلال ثلاثة مرشّحين مباشرِين".
وأكّد الزوقي أنّ "الخِلافات التي تحصل على صعيد المُنسقيّة لن تؤثّر أبداً على أجواء الانتخابات النيابيّة أو على النتائج، فقد تختلف وُجهات النظر، لكنّ الكلّ سيدعم التيّار الوطنيّ الحرّ ولوائحه".
"حزب اللّه"
بدوره، أشار مسؤول منطقة البِقاع الأوسط الحاج خضر زعيتر، إلى أنّ "اختيار المُرشّح سيكون حتماً انطلاقاً من استطلاعات الرأي والأجواء العامّة، خصوصاً وأنّ "النسبيّة" تعطينا الكثير من الأصوات، على اعتبار أنّ لدينا كُتلةً انتخابيّةً وازنةً في المنطقة تتمثّل بحوالي 17 ألف صوتاً من الشّيعة الذين يقترعون وهم بمعظمهم من ضمن الثنائيّ الشّيعيّ أي "حركة أمل" و"حزب اللّه"، مع الإشارة إلى أنّ التحالف سيكون استراتيجيّاً بيننا فالمرشّح الشيعيّ في زحلة سيكون من فريق "حزب اللّه"، والأمور شبه محسومةٍ في هذا الاتّجاه".
وكشف أنّ "وضع حزب الله في زحلة صعبٌ جدّاً لناحية اختيار التحالفات، على اعتبار أنّنا على علاقةٍ جيّدةٍ مع ميريام سكاف ونقولا فتوش ومع "التيّار الوطني الحرّ"، فجميعهم حلفاؤنا، لكن يبدو أنّ الأجواء ذاهبةٌ فيما بينهم إلى ثلاث لوائح كبيرة لكلٍّ منهم لائحته، وهذا بحدِّ ذاته مشكلة، إذ إنّ التركيبة مُعقّدةٌ في زحلة حتّى بين الحلفاء، وقرارنا سيكون صعباً إلّا إذا حصلت تطوّرات، لكن حتّى السّاعة فإنّ المُؤشّرات تدلّ على أنّ لا تحالف بين هؤلاء الثلاثة". مُشيراً إلى أنّ "القرار خاضعٌ للقيادة، ولا شيء محسومٌ أو حتّى مبحوثٌ به حاليّاً، والكلام يقتصرُ على الترتيبات الانتخابيّة لناحية شرح القانون الانتخابيّ الجديد، والماكينة الانتخابيّة واللّجان، ولم يُبحث بعد بالتسميات، التي لن يُعلن عنها إلّا قبل فترةٍ قصيرةٍ من إغلاق باب الترشيحات وهذا الأمرُ ينطبق على جميع القِوى السياسيّة والأحزاب".
واعتبر أنّ "وفق القانون الانتخابيّ الجديد، سيتمكّن المُقترعون الشيعة من اختيار مرشّحهم على المِقعد الشيعيّ في زحلة، الأمر الذي لم يكن يحصل وفق القانون الأكثري، وهذا الأمر سيرفع من حظوظ الفوز كثيراً".
"الكتائب اللبنانيّة"
وبالانتقال إلى "الكتائب"، فقد أكّد رئيس إقليم زحلة روجيه زلاقط، أنّ "الحزب أطلق حملة "ناس 2018"، التي تهدف إلى الاستماع إلى آراء الناس والتواصل مع اللبنانيّين تحضيراً للانتخابات النيابيّة المَنْوِي عقدها في أيّار المُقبل، والتوقّف عند هواجس المواطنين في كلّ ما يتعلّق بالأمور الحياتيّة اليوميّة الاجتماعيّة والمعيشيّة إلى ما هنالك، ليتمّ تدوين كلّ هذه الآراء على استمارات، سيُؤخَذُ بها والتي على أساسها سيتّخذ المكتب السياسيّ القرار لناحية صوغ المشروع الانتخابيّ".
وشدّد زلاقط، على أنّ "الكتائب هو حزبٌ تاريخيٌّ، حمل راية المعارضة مُؤخّراً، وتولّى مهمّة رصد الضرائب، والصفقات، والملفّات المشبوهة، وصولاً إلى المطالبة الدائمة بسحب كلّ سلاحٍ خارج إطار الدولة، فهذه ثوابته التي لن يزيح عنها، والتي جعلته الحزب المُعارض الوحيد على السّاحة السياسيّة، واتكالنا سيكون بالدرجة الأولى على تاريخنا وعلى المجتمع المدنيّ، ويدنا ممدودةٌ إلى كلّ فريقٍ يتشارك معنا في هذه الثوابت. أمّا النتائج، فلا يمكن توقّعها وفق القانون الانتخابيّ الجديد، أو حتّى تقديرها".
وردّاً على اتّهام الكتائب بـ"الشعبويّة" واستغلال الملفّات "انتخابيّاً"، اعتبر زلاقط، أنّ "المواقف تكون شعبويّةً، عندما ترتكز المطالب فيها على أمور غير منطقيّةٍ، بينما ما يطلبه "الكتائب" هو أكثر من منطقيّ، ويأتي في دائرة أبسط حقوق المواطن التي تُسلَب منه يوميّاً، وبالتالي، فإنّ الهجوم المُوجّه صوبنا، هو مجرّد اتّهام سببه مسار المُعارضة الذي قرّر الحزب سلوكه، ومن سيسير باتّجاهه من بعدنا، أي في المراحل المُقبلة والمستقبليّة سيُتهّم بدوره بالشعبويّة، إذ إنّ هذا الاتّهام دائماً ما يُلصق بالطرف المُعارض".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News