المحلية

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
الأربعاء 24 كانون الثاني 2018 - 13:59 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

مبيدات...حشرات وبشر!

مبيدات...حشرات وبشر!

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

أتفكّرُ أحياناً في غمرَةِ هذا الزمن الممتلِئ بالقاذورات والديناصورات والحشرات الزاحِفة والطائرة، أتفكّرُ بِحكمةِ الله اللامتناهية، تلك الحكمةِ التي نسَلَتِ الْكَوْنَ الوَسيعَ من العَدَمِ الفسيح وأعطَتِ لكلِّ مخلوقٍ حجماً ووزناً ووظائف،ولَو أنَّ مخلوقاً واحِداً أخلَّ الله ،جلَّ جلالُه،في تحديدِ وظائفه لاختلَّ الكَونُ برمَّتِه وتهدّدتِ الْحَيَاةُ بمجمَلِها وعمّتِ الفوضى.

تخيلوا مثلاً لو أن الذبابَةَ كَانَت بحجم إنسانٍ، أفلا يَكفي أن تغطَّ على شبّاكِ بيتِكُم حتى تميتُكُم رعباً ؟ أفلا يكفي أن تحطَّ رِحالَها على صحنِكَ المفضَّلِ فتُذَبذِبُ بِجناحَيها السوداوَين فتنفضُها بِيَدِك بِقَرَفٍ ظَاهِر؟

وتخيّلوا أيضاً جندباً بِعَينَي غُلاَم أو فراشَةً بشارِبي شيخٍ جليل أو صرصاراً بأصابِع رجلٍ أو نحلَةً بأحجامٍ إنسانيّةٍ أفلا نكونُ والحالةُ هذه أمامَ فيلمٍ من الرعبِ أينَ منه أفلام ألفرد هيتشكوك ومسلسلاتُ زومبي التي ترتعدُ لها الفرائصُ وتقشعرُّ لها الأبدان؟

وماذا عن الإنسان الذي يتحدّى ما قسَمه الله وفطره عليه من حجمٍ وكسمٍ ولَحمٍ فيُحوّلُ ذاتَهُ طائعاً الى ذبابةٍ أو صرصارٍ أو جندب؟

في الإنسانِ قدرةٌ مَنَعها الله عن الحشرات وأعطاها للبشر ضريبةً عن تزويدهِم بالعقل وهي قدرة " الحَشْرَنَة".

عندما "يَتَحَشْرَنُ" البشرُ، يتحولون الى ذبابٍ أزرَق حوّامٍ على الجِيَف، والى جنادِبَ من فصيلَةِ أكَلَةِ الأخضر واليابس ، وإلى صراصرَ تطرُدُهُم من الأبواب فيعودون من أفواهِ البلاليعْ.

سبحان الله الواهِب مَلَكة "الحشرنة" لبشرٍ صُنِعوا ليرتقوا فعاشوا ليزحفوا.

وبِنعمَةِ هذا التحوّل يصبِحُ بِمقدورِنا أن نستعملَ مبيداتِ القضاءِ على الحشرات فنرتاحُ منها زحّافةً وحوّامةً برشِّ منازِلِنا ...ومناعَتِنا.

في بلدِنا " مُتَحشرِنون" كُثُر لَفحتهم ريحُ الانتخابات وجَذَبَهُم عسَلُ المناصِب وأغرَتهُم نكهةُ المراكِز فحاموا على زجاجِ سيارات القادةِ وفوقَ صحونِهم وعلى شبابيكِهِم ذباباً وعاثوا في بيادرِ النَّاسِ وبساتينِهِم وغِلالِهِم جراداً وحوّموا في حدائقِ الزعماءِ وصالوناتِهم وغُرَفِهِم وشرفاتِهِم فراشاتٍ وفِي قرارة أنفسهم الزحّافةِ والحوّامةِ أحلامُ التحوًّل من حشرَات الى بشر.

زمنٌ موغِلٌ في الخساسَة والسفاهة والإنحطاط، تمّ فيه استبدال عبارة" فلتكن كلمتُكُم نعم نعم ولا لا" بعبارة " فلتَكُن قامَتُكُم إجلِس إجلِس وقُم قُم"!

وطنٌ فيهِ وفرَةٌ مِنَ الحشَرات وما يكفي من المبيدات لمنعِ تناسُلِها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة