"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
لا ريب في أن الكشف عن ملف عمالة المخرج المسرحي زياد عيتاني أظهر خروقاتٍ عدة وهفواتٍ عديدة، وعلى نفس القدر أفردت مساحات من أجل البحث عن خروقات أخرى وهفوات اخرى في أماكن أخرى بعيدة عن متناول البعض، خاصة بعدما ظهر ان ملفه مفبرك بالكامل!
ليس سراً في بلدٍ مثل لبنان، ان يكون التلاعب فيه أمراً طبيعياً لا بل غير ذات اهمية لدى البعض بل يمكن له ان يصبح موضع تصديق، بمعزل عن التدقيق والتمحيص به.
اما وقد نزلت عمالة زياد عيتاني كالصدمة على الجماعة اللبنانية بكافة مكوناتها، كذلك وعلى نفس المستوى، سقطت فبركة ملفه عليهم ايضاً، وفيما تفاجأ السواد الاعظم منهم وأخذ يبحث عن سر جنوح ممثل مرمق نحو حفرة العمالة مقابل اموال زهيدة –كما قيل- نزلت خبرية ظهور انه كان عرضةٍ لفلم لعوب نال منه على نفس المقدار من الصدمة!
لا ريب إذا قلنا ان الاجهزة الامنية في شتى اقطار العالم ضليعة في التلاعب وفزلكة وتركيب الملفات، لا بل تحضير الاغتيالات وقلب الانظمة وما شاكل، وعلى وجه الخصوص تلك الاقليمية منها، لذا من غير المستغرب على اجهزة امنية لبنانية او ضباط لبنانيون ان يكونون ضليعين في تفسير هذه النماذج او تنفيذها.
الذي يمكن ان يجذب المتابع في قضية تلفيق ملف عيتاني هو الاسلوب الاحترافي الرفيع في تدبير المكيدة بصرف النظر عن الزياد المقصود بها، الذي لم يكلف اكثر من مقرصناً واحداً جرى توظيفه لاداء المهمة.
وكما بات معروفاً او على ذمة ما يجري تناقله، استخدم "القرصان" نماذج تزوير دقيقة مارسها بشكل متقن، عبارة عن تلفيق مكالمات هاتفة والتلاعب بداتا بيانات اتصال خاصة بالضحية وتدبير نماذج اخرى، وهذا إن دل فيدل على هشاشة داتا الاتصالات التي يتغنى بها من يقف خلفها، والتي اظهر وهنها وانه بامكان شخص محترف من أن يغير أو يشوه ملامحها وفق ما يشتهي.
وإذا كان شخص واحد قد نجح باحداث كل هذا، تصوروا مدرى الضرر الذي قد يوقعه العشرات منهم، الذين وبالطبح يخدمون الجهة التي توظفهم.
تأسيساً على كل ذلك، تعود بنا الذاكرة الى الاتهامات التي كات يسوقها حزب الله نحو تحقيقات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمكلفة اجلاء الحقيقة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. يومَذاك اعتمدت المحكمة على داتا الاتصالات من اجل نسب الاتهامات لمسؤولين تبين –وفق المحكمة- انهم قياديين في حزب الله.
رفض الحزب الاتهامات يومذاك، واخذ يصول ويجول في البحث عن ثغرات تكشف عن هشاشة داتا الاتصالات لتبرر اثبات امكانية ان يجري التلاعب بها. لم يصدقه أحد، حتى اللذين انبروا اليوم للدفاع عن عيتاني وتسيّدوا الاحاديث عن التلاعب، كانوا اكثر الرافضين لفكرة انه بالامكان العبث بداتا الاتصالات!!!
وقد خدم الحزب حينها القاء الاجهزة القبض على عدد من العملاء في احدى الشركات المشغلة لقطاع الهاتف المحمول، من المهندسين الذين لديهم القدرة على الوصول الى هذه الداتا.
صال حزب الله وجال في تفيد الاتهامات ضده، كذلك في تسليط الضوء على عدم اهلية اعتماد داتا الاتصالات كدليل على فعل جرمي، ولان الملف طويل وشاق، وضعت وسائل اعلام على عاتقها مهمة تفريغ محتوى هذه الداتا عبر تقارير تلفزيونية ازالة الكثير من الاقنعة التي كانت تلك الداتا تتخفى خلفها، واثبتت امكانية التلاعب بها دون جدل!
وقد بانت العيوب حينها في الداتا –الادلة- وعدم التجانس الذي شاب محتواها وتضمينه امورٍ مشكوكٍ في تواريخها واوقات حصولها وفي سياق ربطها مع بعضها، ما اظهر هشاشة مضافة على تلك الادلة التي لا زال العمل جارٍ على اساسها حتى الان.
ما جرى ارتكابه بحق الممثل زياد عيتاني في حال اثباته وتالياً ثبات امكانية التلاعب في داتا الاتصالات، يجب ان لا ينحصر التحقيق فيه بقضية عيتاني وحده بل ان ينسحب على ملف المحاكمة في المحكمة الدولية التي بنت ادلتها على داتا اتصالات.
وطالما ان اتصالات عيتاتي قد جرى فبركتها من قبل شخص واحد على نحوٍ محترف ادى الى الايقاع به، فما المانع من امكانية ان تدخل جهة على خط فبركة اتصالات اخرى قد تكون قادت الى تغيير مسار التحقيق بقضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتجاهلت ادلة كثيرة كانت بارزة، بهدف حرف القضية عن مسارها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News