المحلية

ميشال قنبور

ميشال قنبور

ليبانون ديبايت
السبت 07 تموز 2018 - 18:55 ليبانون ديبايت
ميشال قنبور

ميشال قنبور

ليبانون ديبايت

تفاهم "التذاكي"... سقط

تفاهم "التذاكي"... سقط

"ليبانون ديبايت" – ميشال قنبور

تحت عبارة "سرّي للغاية" صيغ "تفاهم معراب" وبقي سرّياً إلى حين "انفخت الدف وتفرّق العشاق"، وبعدما لم يبقَ "للصلح مَطرَح" ولم يعد من "ستر مغطى"، سُرّب هذا الإتفاق الذي وُصف يوماً بـ "الإتفاق التاريخي،" ليتبيّن أنه عملية "حصر إرث" بين خصمين اتفقا على تقاسم التَركة وإقصاء بقية الأشقاء، ولكن نزعة إلغاء الآخر عادت إلى علاقتهما، فنكثا باتفاقهما الموقّع، وكانت النتيجة سقوط كل أنواع العلاقة والتطبيع ما بين طرفي "المصالحة المسيحية"، اللذين باتا يتبارزان اليوم في كل الساحات السياسية والإعلامية وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، وصولاً إلى الشارع.

مرّ الوجود المسيحي في لبنان خلال الفترات التاريخية بتحديات كبيرة، ولكن من أكبر التحديات التي تعرّض لها المسيحيون، هو صراع رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وحزبه الذي بدأ في العام 1988، ولا يزال مستمراً حتى اليوم. ونتج عنه تراجع كارثي على معظم المستويات منها الديمغرافي والسياسي والإقتصادي، والأهم أن المسيحيين خسروا دورهم الريادي في معظم القطاعات الحيوية كالتعليم والطبابة والصناعة والتجارة والسياحة والزراعة والمصارف وخسروا وجودهم في الدولة ومؤسّساتها الإدارية والعسكرية والقضائية.

استبشرنا خيراً بـ "تفاهم معراب"، واعتقدنا أن "القوات" و"التيار" ربما اكتسبا من الحكمة ما يكفي لإعادة إعمار البنيان المسيحي، ولكن "لا يغيـّر الله ما بقـوم حتى يغيّـروا ما بأنفسـهم"، فهما لم يتفقا يوماً إلا على منع خصومهما من الوصول إلى رئاسة الجمهورية. واتفقا على قطع الطريق أمام مخايل الضاهر عام 1988، وأعادا الكرّة مرة جديدة مع سليمان فرنجية عام 2016.

استبشرنا خيراً بـ "تفاهم معراب"، واعتقدنا أن "القوات" و"التيار" قرّرا عبر اتفاقهما إعادة تثبيت الوجود المسيحي الذي دُمّر في حروبهم العسكرية بدايةً والسياسية لاحقاً، ليتبيّن أن التفاهم التاريخي ما هو إلا محاولة لتثبيت وجود الفريقين في الدولة ومؤسّساتها.

إن ما حصل يرقى إلى مستوى الفضيحة السياسية، حيث اتفق حزبان على تقاسم الوزراء والتعيينات الإدارية والعسكرية للطائفة المسيحية طوال فترة العهد، من دون أدنى احترام لنتائج الإنتخابات.

وتستوقفني اليوم الدعوات التي أطلقها "القوات" و"التيار" لبقية الشخصيات والأحزاب من أجل الإنضمام إلى "تفاهم معراب" بعد توقيعه، ولكن بعد نشره لا بد من الإشارة إلى "التذاكي" السياسي الواضح ما بين السطور.

وبعد وفاة "تفاهم معراب"، انطلقت معركة إعلامية جديدة من الحرب الأزلية بين "القوات" و"التيار"، اذ يحاول كل طرف أن يحمّل الآخر مسؤولية خرقه، متناسين جوهر التفاهم الذي حاولا طويلاً أن يبقياه سرّياً خجلاً من مضمونه.

توفي تفاهم "التذاكي" الذي سيُذكر كنقطة قاتمة في تاريخنا المسيحي الحديث، هذا التفاهم الذي يجسّد أسباب وصول المسيحيين في لبنان إلى هذا الدرك لأنهم لم يتعلّموا من دروس التاريخ، وعادوا إلى تشجيع مناخات الإلغاء والإقصاء من خلال دعم الفريقين اللذين تبيّن أنهما لم يقدّما يوماً المصلحة المسيحية على مصلحتهما الخاصة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة