"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
ثمّة ترقّب في تيّار المستقبل. ترقّب من النوع الممزوج بخشية وارتياب والمطعّم بعبارات التساؤل الناتج عن مسار التصحيح الذي سلكه رئيس التيّار سعد الحريري بعد "محنة" الانتخابات النيابية.
ليس باستطاعة القياديين في تيّار المستقبل إخفاء الارتباك ولم يعد بمقدور الغرف المغلقة احتواءه، وبدأ بالتسرب الى خارجها. ومن الواضح غياب القدرة على وضع حد لأسئلة المصير التي تخيف العاملين ضمن مؤسسات التيّار ودوائره السياسية ويقومون بطرحها من دون الاستحصال على أجوبة مقنعة. أساساً هؤلاء القياديون غير قادرين على إخفاء ارتباكهم، فكيف لهم ان يخفوه عن غيرهم؟
إنه انعكاس الحالة المحاسبية التي بدأت بعد الانتخابات والتي يبدو انها تستتبع بإجراءات تطبيقية تسلك طريقها نحو التنفيذ من قبل "لجنة الإشراف والرقابة" المنبثقة عن المؤتمر العام الثاني المنعقد عام 2016.
من الواضح أن "لجنة الإشراف والرقابة" قد نجحت بفرض حالة تخويفية داخل دوائر التيّار الازرق منذ قررت اتخاذ اجراءات بحق مسؤولين في ما اصطلح على تسميته وقتذاك بـ"مجزرة المنسقين"، والاستدلال على هذه الحالة ليس صعباً إن أخذ المقياس على مسؤولين وأعضاء باتوا يخشون النطق بحرف يقارب ما يحصل داخلياً.
يقول أحد المراقبين إن "الهيبة والتخويف هما عاملان اساسيان لفرض وهرة الجهة المحاسبة وتأمين نجاح عملها، واحاطة نشاطها بجدية وحدة له القدرة على فرض المحاسبة، وايضاً والاهم، فرض حالة ردع تمنع اي قيادي او مسؤول من تجاوز النظم الداخلية وتدفعه للتفكير ألف مرة قبل ان يقدم على فعل يضر بمصلحة الحزب ويجير مصلحةً له".
ثمة من يعتبر أن لجنة أو اجراءات من هذا النوع هي الخيار الصائب الذي يضع حداً للتجاوزات واستغلال السلطة الذي كان رائجاً داخل المستقبل، ويمكن ان يضع التيار على السكة الصحيحة. في المقابل هناك وجهة نظر اخرى تعتبر ان السياق المعتمد تنفيذه اليوم يشبه الى حدٍ ما ذلك المستخدم من قبل انظمة قمعية ــ ديكتاتورية اشتهر المستقبل بمعادتها ومعارضتها، انه جدل قانوني ــ تنظيمي فتح وقد لا ينتهي.
اللافت ان سلوك المحاسبة لا يتصل فقط بأمور تنظيمية لها علاقة بفترة الانتخابات او ما سبقها، بل بأشياء مالية يعتقد رأس التيّار أن ثمة من استفاد منها بغير وجه حق أو أضر التيّار او استفاد على ظهره. يرتبط ذلك بالحديث الذي يسري داخل اروقة داخلية حول اختفاء أموال بشكل غامض ووجود فواتير بأرقام خيالية، ما دفع بالرئيس الحريري لتوكيل مهمة التدقيق المالي لجهة محايدة جاء بها من خارج التيّار.
وفي ضوء هذا التدبير، لا يخفي عاملون داخل المؤسسات الزرقاء، أن طلب قلم حبر أو رزمة أوراق A4 بات يحتاج تأمينه الى ارسال طلب معلل لمجموعة مسؤولين ومن ثم على المرسل انتظار ايام كي ينال موافقة ممهورة بأكثر من توقيع حتى يتسنى له صرفها!
بعيداً عن ذلك، فإن ما تردّد حول دخول محاكم التفتيش عصر المستقبل بدأت خطواته التنفيذية تتوضّح. فقد وجهت "لجنة الإشراف والرقابة" المشكلة من رجال قانون ويرأسها محامٍ، دعوات الى قياديين ومنسقين مناطقيين وآخرين عملوا ضمن الحملة الانتخابية، بالاستناد على قوائم اسمية تقول معلومات "ليبانون ديبايت" انها اعدت من قبل اللجان المؤقتة المناطقية التي شكلت بدعم من الرئيس الحريري بعيد الانتخابات.
الدعوات التي وجهت اتت على شكل استدعاءات قسمت على مستويين. أول خصص للفئة الاولى التي وضع على عاتقها المسؤولية الاكبر، وهذه وجه اليها استدعاء لحضور "جلسة وتقديم افادة والاجابة على اسئلة ترتبط بفترة شغلهم مواقع المسؤولية". ومستوى ثانٍ طلب منه حضور "جلسات استماع مساءلة تفيد التحقيق". وعلم "ليبانون ديبايت" أن "اللجنة تعمل على اعداد تحقيق كامل ستستند اليه لاحقاً في توجيه اتهامات وتحميل مسؤوليات وتطبيق خطوات عقابية".
وشملت القائمة الاولى من الاستدعاءات شخصيات تمتعت بمناصب قيادية من منسقين ومسؤولي برامج، من بينها اسماء وضعت عليها اشارات سلبية نسبة للاتهامات اتصلت بالدور الذي لعبته خلال فترة الانتخابات، ومن بينها شخصيات تتهم بالاستفادة الشخصية من السلطة الممنوحة.
اللافت أن استدعاءات "لجنة الإشراف والرقابة" ذيلت بترك الخيار مفتوحاً للفئة الاولى من المستدعيين لاصطحاب محامٍ للزود والمرافعة عنهم في جلسة التحقيق، وهي سابقة تحصل للمرة الاولى داخل الاحزاب، صورت اللجنة وكأنها "هيئة اتهامية".
هناك من يأخذ على اللجنة انها تتصرف بفائض قوة واضح وتأخذ لنفسها صفة قضائية تشبه القائمة في الدول، وهذا يثبت ما يحكى عن وجود "محاكم تفتيش" داخل تيار المستقبل، وإلا فكيف يفسّر طلب الاستنجاد بمحامٍ؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News