"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
ليس صعباً الاستدلال على وجود عقدة خارجية في تأخير تشكيل الحكومة. البعض يعلم تفاصيلها لكنه يفضل عدم التحدث بها والتصرف في العلن على اساس انها غير موجودة ثم يعمل في السر على معالجتها.
هناك من يوحي في الاعلام بانها عقدة اقليمية من دون ان يشير الى هوية الجهة المسؤولة، ربما ايماناً منه بعدم حمل وزر الاتهام. لكن من منطلق الاستدلال نفسه ليس صعباً في حال أراد المعنيون البحث والتمحيص عن هويتها ان يجدوها بين سطور ما نقل عن القائم بالأعمال السعودي في بيروت الوزير المفوض وليد البخاري خلال جلسة "فنجان القهوة 2" حول طول أمد تصريف الاعمال في عهد الرئيس ميشال عون.
يستبطن في كلام بخاري نوايا جارحة في الإبقاء على الأمور كما هي اليوم، أي بلاد بلا حكومة تخضع فقط لمنطق تصريف الاعمال الى ما شاء الله أو قضى امراً كان مفعولاً. يتقاطع ذلك مع كلام واضح لرئيس مجلس النواب نبيه بري، نقل عنه خوفه من ان يذهب التشكيل الى ما بعد عيد الأضحى او عيد الميلاد! اوساط قريبة منه تتحدث عن كلام وصل اليه مفاده ان "العقد في تطوّر والتأليف سيتأخر أشهراً" لذا قرر استخدام ورقة مجلس النواب للضغط.
يقابل ضغط بري دفعاً من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الذي سرّبت اوساطه أنه في صدد اعداد مسودة حكومية لتقديمها لرئيس الجمهورية مطلع الأسبوع. لكن مصادر متابعة لمسار الاتصالات الحكومية جزمت منذ الآن انه وفي حال نفذ الحريري وعوده، فهو لا ينطلق من رؤية للحل بل من نية في سد الطريق على الجلسة التشاورية التي يلوح بري بالدعوة اليها، وكأنه بذلك يرد على رئيس البرلمان، وهو يعلم علم اليقين ان مسودة من هذا النوع لا تخضع لتوافق لن تمر في بعبدا.
يعني هذا الكلام ألّا حكومة في العام 2018 على الرغم من ان الرئيس المكلف سعد الحريري يتحدث بلغة الجزم عن فترة أسبوع او أسبوعين فاصلة للتشكيل ترافق مع كلام موازٍ مصدره جهات محسوبة على قصر بعبدا أعطت رقم 10 للأيام الفاصلة عن موعد اعلان الحكومة تلاها اعتراف الرئيس عون أن "صدره ضاق من التأخير".
لكن ثمة من يتحدث داخل المجالس السياسية عن مبالغة "مغامراتية" يقوم بها البعض من اجل إحلال نموذج تفاؤلي بعكس مع تحمله الأجواء، لذا تخشى أن يكون تفاؤل رئيس الحريري في واد وإمكانية التشكيل في واد آخر، فيوقعنا بجورة هي انكأ من الجب الذي نحن فيه اليوم!
اما أوساط أخرى ترتضي لنفسها القول إن الحريري ما كان ليقول ذلك لو لم يكن واثقاً او يقبض على ايجابيات، يقابلها كلام آخر فيه شيئاً ملموساً يسمح للظن ان الحريري يقبض على جمر التأليف وغير مستعجل وإن كان لا يريد، ربطاً بالموقف والقرار السعودي المعبر عنه من كلام بخاري نفسه.
المشكلة لا تكمن بالأساس في نوعية العقد نسبة لأن الجميع يدعون لأنفسهم القول انها "صغيرة" بل في الاحجام والتوازنات التي تقف وراء طروحات الجهات ذات المشكل.
تدعي مصادر تنسب عن مراجع ان تعبيد طريق التأليف يمر بالإقرار في منح الحريري ورئيسي حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والتقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط 14 مقعداً وزارياً وآخرون يبالغون بأن المضمور هو النية في الاستحصال على النصف زائد واحد، أي 16 وزيراً في الحكومة كتعويض للخاسرين في الانتخابات، وهو أمر لن يقبل به لا الرئيس عون ولا صهره رئيس التيار الوطني الحر ولا حزب الله ولا حتى الرئيس بري!
انطلاقاً من هذه القاعدة، طلبت بعثات أوروبية التواصل مع السعودية حصراً من اجل "تلطيف مطالبها لحلفائها" على اعتبار ان هذه البعثات تعلم ان الحل لدى السعودية الوصية على دعم مواقف هؤلاء الافرقاء.
في بعبدا فهم ما يصبو خلف الدعوة المبطنة لرفع اعداد الوزراء، وربط بكلام بخاري والسياق المتبع في السعودية والمعكوس على الأداء الجنبلاطي – القواتي داخل بيروت والمعطوف على الحريري ايضاً. وعلى هذا الأساس بدأت تسرب الأوساط القريبة من الرئيس ميشال عون للمحيطين بها ان الرئيس يلوّح بفتحِ معركة تحديدِ المهلة المفتوحة للرئيس المكلف ومحاولة استخراجه من التأليف، وانه صدره "ضاق" من التأخير.
تجزم هذه الأوساط ان عملية اسر الحريري تستكمل هذه المرة في بيروت بعدما جرى تحريره من الرياض. لذا عليها ان تفك هذه العقد بمساعدة خارجية ايضاً يسعى خلفها هذه المرة الرئيس الحريري بنفسه.
حقيقة موقف عون يمكن الركون اليه من خلال التدقيق بفلتات لسان نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي المقصودة التي تعبر عن خالص الانزعاج الذي يحيط قصر بعبدا، خصوصاً من عبارة الحريري انه هو فقط المسؤول عن تشكيل الحكومة، وكأنه يوحي ان هناك من يزاحمه في موقعه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News