"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي
يعيش لبنان فوضى سياسية عارمة حتى بات من الصعب اليوم معرفة مَن يعمل مع مَن أو ضد مَن، في ظلّ تراكم الأزمات على جميع الأصعدة، تتقدمها معضلة تشكيل الحكومة التي يعتبر البعض تأليفها مفتاحاً للدخول إلى جنّة الحلول، على الرغم من أنّ تجارب البلاد الحكومية لا تُنبئ بهذا الكمّ من الخير.
أمام هذا الواقع، يستهزأ البعض باقتراح الدعوة إلى طاولة حوار وطني، على اعتبار أنّ حصوله من عدمه لا جدوى منه، وهو ليس إلا إضافة ملهاة للوقت الضائع أساساً، خصوصاً أنّ معظم الأفرقاء اللبنانيين منقسمون حول أغلبية الملفات.
آخرون يخففون من وطأة المشاكل التي تغزو البلد، ويرون أن الدعوة إلى حوار تحتاج إلى أسباب جوهرية ومصيرية، كأن يكون البلد على حافة الانهيار، في ظلّ انسداد الأفق لأي حلّ لإنقاذه، أضف إلى بعض ظروف المنطقة التي قد تؤثر عليه بشكل مباشر، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم توافق الأطراف حتى على هذه الأسباب.
ويشير أحد الساسة إلى أنّ هذه الدعوة غير مطروحة، باعتبار أن ما يحصل اليوم لا يحتاج إلى حوار وطني، وهذا الأخير يفرض وجود أزمة ذات طبيعة وطنية تحول دون التأليف، أو طرف يلتزم وآخر يرفض صيغة وطنية معيّنة كسياسة النأي بالنفس والاستراتيجية الدفاعية، وسلاح حزب الله. أما التشكيل تأسس على عقد طائفية عدة، مصدرها واحد، ويكمن الحلّ عنده.
فلنسلّم جدلاً أنّ الأول على حق، وفقاً لمتابعين للوضع العام، لكن هل يحتاج المخففون من حدّة هذا الوجع إلى وثائق رسمية للتأكّد أنّ البلاد أصبحت في مرحلة متقدمة من الانهيار؟ هل هناك أسباب مصيرية أكثر من تحارُب الأفرقاء اللبنانيين على حصص وزارية، وسط تفرُّد أحدهم بالقرارات، تزامناً مع روائح النفايات والمجارير في الشوارع والفساد والصفقات في الإدارات العامة؟
هل هناك أسباب مقنعة أكثر من أن 40% من الشعب اللبناني عاطل عن العمل، و5% من الشباب يقفون أمام المحاكم جراء الدعاوى ضدهم بعد وقف قروض الإسكان؟ أضف إلى الدعس القائم على عنق السياحة لإنعاشها رغماً عن الطبيعة المهترئة، وانقطاع المياه والكهرباء والفواتير العشوائية والخيالية؟
وماذا عن الاقتصاد المتعثّر والدين العام الذي فاق 80 مليار دولار، والملفات التي تنبت بين يوم وآخر لتسرد رواية جديدة عن الهدر والسرقات التي تتجاوز مئات ملايين الدولارات؟
هل هناك ظروف أقوى من تلك التي يواجهها لبنان الجار على عتبة ما تسمى بـ"صفقة القرن"، والاتفاق الأميركي الروسي في المنطقة، وإعادة العلاقات مع النظام السوري، والاستعداد لتناتُش صفقات إعمار سوريا، وسياسيون لبنانيون في طليعة الحاجزين، وملف النازحين يتسابق إليه الجميع؟ وكل ذلك يحدث على مرئ من عيون الدول التي لم تيأس بعد من إقراض المسؤولين المال للنهوض بالبلد، على الرغم من أنها حذّرت وتوعّدت في حال لم تأت الاستدانة بنتيجة.
عامان مرا على آخر جلسة حوار دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لبحث الفراغ الرئاسي في البلاد وقانون جديد للانتخابات البرلمانية، باستثناء تلك التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون في 22 حزيران 2017 تحت مسمى "لقاء تشاوري" للبحث في آلية للتعاون في المرحلة التالية لإقرار قانون انتخاب جديد وملفات اقتصادية واجتماعية وتنموية لمواكبة مسيرة العهد.
يتساءل مراقبون عما يؤخر عون الذي يريد انقاذ عهده عن هذه الدعوة، حتى ولو أنّ البعض لا يرى فيها خيراً. هل المطلوب البقاء بلا حكومة حتى إشعار آخر كما حصل رئاسياً للتحرّك أم انتظار حدث مأساوي تاريخي كاغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري الذي انطلق على إثره الحوار الوطني الأول في العام 2005؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن اغتيال الوطن نُفّذ، ومنذ زمن، على حدّ تعبيرهم.
بعض الأحزاب ترفض الحديث عن حلّ لأزمة الحكومة قبل اجراء حوار ثنائي مع الطرف الذي يعارض تمثيلها، في حين ضحك سياسيون في سرّهم، متسائلين عن هوية المدعوين المحتمل حضورهم للحوار الشامل، وهم الذين حاوطوا هذه الطاولة أكثر من 20 مرّة من دون أي انجاز يُذكر في عهدي الرئيسين السابقين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News