"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين
بينما يستمر الكباش السياسي على حقيبة سيادية من هنا، وأخرى أساسية من هناك، يستمر المواطن اللبناني بمواجهة أزماته الحياتية باللحم الحي. فلم ترحم أزمة المياه البلدات البعيدة عن العاصمة، بل لحق سوء إدارة توزيع المياه الجنوب كما لحق غيره من المناطق، إذ يضطر ابن النبطية أن يدفع قهراً فاتورة مياه ثالثة، قد تبلغ كلفتها الشهرية 300 ألف ليرة، إذا ما كان مضطراً أن يشتري 20 ليتراً بـ30 ألف ليرة لبنانية.
تكاد لا تنتهي فصول معاناة أهالي النبطية مع المياه، فما إن انتهت أزمة احتراق محول الكهرباء الخاص ببئر النجدة، الذي يساهم مع نبع الطاسة بتغذية قرى قضاء النبطية، حتى عادت الأزمة من جديد. أما الأسباب الحالية تختلف ما بين تقييمي المعنيين وأهل الاختصاص والمواطنين.
يؤكد رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل لـ"ليبانون ديبايت" أن أسباب أزمة المياه في بعض قرى النبطية تعود لانخفاض منسوب مياه نبع الطاسة، وهي متوقعة خلال هذه الفترة من السنة، وهي أشهر الشح، والتي يزيد معها استهلاك المياه من قبل المواطنين.
ويلفت إلى أن ما زاد طين الأزمة بلة حصول عطل في مضخة بئر النجدة، منذ أسبوع، الذي كان يعوض ضعف منسوب المياه في نبع الطاسة، وهو العطل الذي تعمل على تصليحه مصلحة مياه لبنان الجنوبي، ومن المفترض أن تنتهي خلال اليومين المقبلين. ويشير كحيل إلى أن البلدية تتعاون مع المصلحة لزيادة كمية انتاج المياه عبر إيجاد آبار أخرى.
تنفي مصادر محلية مطلعة أن تكون الاسباب التي ذكرها رئيس البلدية هي الرئيسية في أزمة المياه المتكررة في النبطية، وتؤكد أن المياه متوفرة بوفرة في النبطية، لكن الأزمة مفتعلة في بعض القرى لسببَين:
الأول: أن شركة المياه تمنح المياه لأحياء من دون أخرى، وإذا ما نظرنا إلى الأحياء المقطوعة عنها والأخرى التي تغمرها المياه، نرى أن الأولى هي أحياء فقيرة، والثانية أحياء تضم قصوراً ومنتجعات سياحية تشملها مسابح. والثاني: نوع من الضغط على بعض الأحياء نتيجة خلاف سياسي بين حزب الله وحركة أمل، على اعتبار أن مصلحة المياه محسوبة على حركة امل التي تريد بحسب المصادر محاسبة بعض الأحياء التي صبّت أصواتها صافية لحزب الله في الانتخابات النيابية الأخيرة.
ويتماهى رأي أهل الاختصاص مع رأي المصادر المحلية، ويؤكد الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي لـ"ليبانون ديبايت" ألا مشكلة مياه في الجنوب بل هي أزمة سوء إدارة في توزيع المياه، "فلا اختصاصيين علميين بالثروة المائية أو أصحاب خبرة في مصلحة المياه، بل أشخاص يتم توظيفهم لأسباب مرتبطة بالسياسة لا بالكفاءة، بالإضافة إلى أن توزيع المياه يتم وفقا لتنفيعات سياسية ومصالحية".
ويتابع الخبير تفنيد أسباب أزمة المياه في الجنوب، ويقول إن هناك خللاً في السياسة المائية العامة، وربط المياه بالكهرباء في وزارة واحدة خطير جدا وينجم عنه تعذيب وقهر للمواطن. فلا كهرباء في بعض المناطق الجنوبية أكثر من 8 ساعات خلال 24 ساعة، ما يؤدي إلى عدم تمكن الناس من تعبئة خزاناتهم لعدم امتلاك الوقت الكافي.
ويلفت إلى أن أزمة المياه جنوباً ليست مقتصرة فقط على النبطية بل على عدد من المناطق الأخرى، إذ أثبتت السلطات المركزية عن فشل ذريع في هذا المجال، ولم تنجُ من أزمة المياه إلا البلدات التي وقعت مسؤولية توزيع المياه فيها على البلديات لا على شركة المياه، إذ إنه من الضروري أن تأخذ البلديات على عاتقها إدارة الأمور الحياتية للمواطنين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News