المحلية

الخميس 26 تموز 2018 - 01:00 LD

أوراق الحريري الرابحة

أوراق الحريري الرابحة

"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

بات من السهل اليوم رسم صورة عن الخطط المتباينة بين معسكري 14 و8 آذار على صعيد تشكيل الحكومة، في ظلّ تسارع التطورات الإقليمية. يبقى الفرق أنّ مخططات الأولى محليّة ــ حزبية مدفوعة بدعم عربي دولي، أمّا الثانية منظّمة تحمل بصمات إيرانية. وهذه الأخيرة تصارع حصار نفوذها على أصعدة عدة، الأمر الذي دفع المحور المؤيد لها إلى محاولة ترجمة نتائج الانتخابات النيابية حكومياً، علّ المكسب ينحصر لبنانياً، بعد الاتفاقات الدولية المتتالية لتقويض دورها، في الشرق الأوسط.

وسط هذه الفوضى السياسية، يتساءل مراقبون عما في جعبة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من أوراق رابحة لمواجهة هذا الكم من الضغوط التي تحيط به، تتقدمها المعضلة السورية، والتي تستغلها جهة 8 آذار، في محاولة لإخضاعه، إذ لم يعد يقتضي الأمر على الإحراج، لتشكيل حكومة ترجح موازين القوى لصالحها.

أضف إلى التوتُّر القائم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري حيال صيغ الأخير الحكومية، والتي تؤيد أحجام الأحزاب الموالية له، أي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي، وهو ما يرفضه الرئيس، ما يشير إلى أنّ الأخير يشدّ الحبل لصالح 8 آذار، ولا يقف على الحياد من موقع الرئاسة، وفقاً لمتابعين، والأسباب كثيرة.

ولا بصيص أمل يلوح في الأفق إزاء أية تنازلات من هنا أو هناك لتسهيل تأليف الحكومة، بل على العكس تزيد الأمور تعقيداً، حتى باتت الولادة بلا موعد، باستثناء ذلك الضوء الذي لمع في عين التينة، أخيراً، أظهر رئيس مجلس النواب نبيه بري متماهياً مع مواقف الحريري أولاً، والقوات ثانياً، في ظلّ ثبات العلاقة مع "الصديق" في المختارة. سهام هذا المشهد المستجد بدت وجهتها واضحة نحو ميرنا الشالوحي، حيث الانسجام الضائع، ومنها إلى قصر بعبدا.

وعلى الرغم من المحاولات لدفع الحريري إلى القبول بأية حكومة، لا يزال الرجل يعمل على تشكيل مجلس وزراء متوازن قادر على مواجهة التحديات الإقليمية المستجدة والمحلية القائمة.

تزامُن التشكيل مع التغيرات الإقليمية لم يغرقه في متاهات فلك 8 آذار، على العكس، أضاف إلى أوراقه الرابحة أخرى، إذ يدرك رئيس الحكومة المكلّف أن فريق 8 آذار يحاول تعويم النظام السوري، ولا يرى في هذه "الفزّاعة" أي قلق، على الرغم من الحملة المنظّمة إعلامياً لتطبيع العلاقات مع سوريا، تحت عناوين عدة.

وبحسب أوساط مستقبلية، هناك مجموعة داخل لبنان اعتبرت أن اللحظة مناسبة لها لتحصد غنائم الحكم من خلال الانتخابات النيابية، وتستبق المتغيرات في المنطقة لتثبيت أركانها بأسرع ما يمكن، وهو ما يظهر جلياً حالياً. وهذا الفريق لم يعد يشعر بالأمان، في ظل فقدان إيران لحيثيتها في مناطق عراقية تغازلها مذهبياً. وفي سوريا، تستجدي طهران بموسكو التي كانت تعتبرها حليفتها سورياً، إلّا أن الرفض الإسرائيلي بالمرصاد، والاتفاقات بدأت تُترجم على الأرض.

والحريري يأخذ في الحسبان أن رئيس النظام بشار الأسد لم يسقط لكن ذلك لا يمكن صرفه على أرض الواقع، باعتبار أن صنع القرار السوري في موسكو، وهي إحدى الأوراق الرابحة التي سحبها الحريري، أخيراً، عبر البحث مع روسيا لحل ملف النزوح السوري، على عكس أهواء 8 آذار، والتي أزعجت عون الذي سلّم الملف إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

أمّا الورقة الأهم هو الدستور الذي يستحيل التلاعب به أو التحايل عليه، كما تجري العادة، وهو الذي يصفّح الحريري بكمّ من الصلاحيات أبرزها مدة تشكيل الحكومة وقلبها وقالبها، أضف إلى قيادتها بطريقة متوازنة. فضلاً عن التحركات التي يقوم بها الحريري دولياً، وهذه العلاقات التي تمكّن الرجل من تأسيسها سياسياً وشخصياً باتت اليوم داعماً أساسياً له، ويوظفها في الوقت الحالي لخدمة البلد، على حد تعبير الأوساط.

كما يستند الحريري إلى الدعم المحلي الجدي الذي لطالما تحالف معه، وهي الورقة الرصينة التي تطلبت اصطفافاً ثلاثياً من قبل القوات الذي قرّر السير مع الحريري حتى آخر الطريق، كما تمسّك الاشتراكي بمطالبه، مع الشدّ على يد الحريري. بالإضافة إلى الدعمين المستجدين، على الساحة، من قبل بري ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة