"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اطلع على تقارير رضا الموظفين في 40 جهة حكومية اتحادية تصل نسبة الرضا فيها الى حوالي 93 % باستثناء 5 منها، اذ تقل فيها نسبة الرضا عن 60%. لم ترض النسبة الحاكم، واعتبرها غير مقبولة مقدّما مهلة لمدراء هذه الجهات لتغيير بيئة العمل لأن رضا الموظفين مفتاح لرضا المتعاملين.
صحيح أنه لا يمكن مقارنة هذا الوضع بلبنان لكن هذا القرار سلط الضوء على المعاناة التي يعيشها البلد من أزمة اقتصاد غير منظم وعدم توفر شروط العمل اللائق للموظفين المنخرطين في هذا الاقتصاد، حتى أن منظمة العمل الدولية عجزت عن تحديد نسبة الأشخاص العاملين.
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتأزم وضع سوق العمل، ومع ثورة البطالة التي رافقت موجة من الطرد التعسفي للأجراء، علت صرخة اللبنانيين الذين باتوا متخوفين مما قد يؤول اليه الوضع. "بهالبلد ما حدا مأمّن حالو غير بالدولة وحتى هني مش زيادة"، يقول وليد لـ"ليبانون ديبايت". ولفت الى انه خسر وظيفته في إحدى شركات الأخشاب بين ليلة وضحاها بعدما عمل فيها لأكثر من 3 سنوات، بحجة تخفيف الأعباء المالية على الشركة، ولم يتقاض من تعويضه سوى بدل شهر اضافي.
حال وليد ليست أفضل بكثير من غيره، اذ يعاني بعض الأجراء من عدم تقاضي رواتبهم على مدى أشهر، أضف الى التأخير في الحصول على المستحقات. وبعيدا عن الحقوق المادية، شكت باميلا من استغلال صاحب العمل للأجير مستفيدا من حاجة هذا الأخير للعمل. وروت لـ"ليبانون ديبايت" عن تجربتها قائلة "عملت 5 سنوات في احدى المحلات التجارية، ولم يتم تسجيلي في الضمان الاجتماعي على الرغم من مطالبتي بذلك أكثر من مرة. لم يسمح لي بفرص سنوية ولا أية زيادة على الراتب طوال هذه السنوات، لأطرد تعسفيا من العمل لرفضي قبول زيادة ساعة على دوام عملي الذي يعادل 10 ساعات لـ6 أيام في الأسبوع".
لمى رفضت الكشف عن المجال الذي تعمل به احتراما للوظيفة التي درستها وبذلت جهداً لتبرع فيها، ولكنها أسفت لعدم توفر فرص عمل أو مؤسسات تقدم لموظفيها حقوقهم. وشبهت الشركة التي تعمل لصالحها بـ"الدكانة التي لا عقد عمل فيها، ولا عطل رسمية ولا حتى سنوية، ولا ضمان اجتماعياً ولا أي تفصيل يحفز الأجير على اعطاء المزيد. والأغرب هو عدم المهنية في التعاطي، يصل الى تعديل دوام العمل أو المركز من دون موافقة الموظف او اعطائه الحق بالاعتراض".
وعن أهمية تأمين رضا الأجراء، أوضح المحامي سامر حمدان لـ"ليبانون ديبايت" ان لبنان ملزم تطبيقا لبنود الاتفاقات الدولية بتأمين الرضا للأجراء، وكافة شروط العمل اللائق، لأنه وقّع على اتفاقيات مع منظمة العمل الدولية أبرزها توصية رقم 204 التي تلزم لبنان الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم، وتوصية رقم 201 التي تتناول شروط العمل اللائق للعمال المنزليين التي أقرها مجلس الوزراء اللبناني العام 2016. وسأل "أين لبنان من هذا الالتزام وأين قانون العمل اللبناني؟".
عدم القدرة على ضبط هذا الاهمال لبنود قانون العمل ناتج عن الاقتصاد غير المنظم الذي يضم في صفوفه أكثر من 50 % من الأجراء، بالتالي شريحة كبيرة من الأجراء غير مصرّح عنهم في صندوق الضمان الاجتماعي. وانتقد حمدان عقود العمل الشفهية التي يعجز الأجير عن اثبات صحتها، وتلك المبطنة التي تسلب حقوق الموظف، خصوصا ان القانون لا يشمل ضمن بنوده شروطاً للأعمال الحرة، أو العمل اونلاين أو غيرها من الوظائف غير المذكورة أو محمية من القانون. من هنا، يجب تطوير قانون العمل لما يتماشى مع سوق العمل، وعلى وزارة العمل التحرك لإجراء كشف على المؤسسات التي تضم أجراء غير مصرح عنهم.
وعلى صاحب العمل التصريح عن الاجير في صندوق الضمان الاجتماعي بعد 15 يوماً على توظيفه وقبل 3 أشهر كحد أقصى، والّا توجب عليه دفع غرامات، وفقاً لحمدان. لكن الواقع في لبنان مغاير، اذ يتم التلاعب بتاريخ بدء العمل، وخرق معظم بنود القانون منها تعديل عقد العمل من دون رضا الأجير، ويلجأ رب العمل لتغيير دوام العمل أو الراتب أو المهام للأجير من دون موافقته. ويطمئن رب العمل لغياب فرص العمل في لبنان وحاجة الموظف، لذا ينتهك حقوقه خارقا القوانين المنسية، على حد تعبير المحامي ذاته.
أمام هذا الواقع، تزايدت قضايا الطرد التعسفي بشكل غير مسبوق، وبلغ معدلها حوالي 7 دعاوى شهريا، ناهيك عن القضايا غير المصرح عنها. ودعا حمدان في هذه الحالات الى اللجوء الى وزارة العمل التي تقود بدورها الاستشاري محاولة الوصول الى تسوية بين الأجير وصاحب العمل لإصدار توصياتها بعد جلسات عدة، أو قصد مجلس العمل التحكيمي الذي تظافرت جهوده في الآونة الاخيرة مع تضاعف الضغط عليه. وهذا الأخير ينظر في النزاعات الفردية التي تنشأ بين ارباب العمل والاجراء. لكن جراء ضغط الملفات التي تنهال على المجلس، تتطلب الدعوى وقتا لإظهار العدل وتحصيل حقوق الموظف.
لكن كي لا تُظلم بعض المؤسسات في لبنان، أدلى موظفون عدة شهادتهم بالشركات والمؤسسات التي يعملون بها، اذ أشار أحدهم الى ان احدى شركات الطعام في لبنان تتعامل مع موظفيها ليس فقط وفقا لقانون العمل، بل حتى أكثر مهنية وتعاطفا. وتساعد الطلاب في اقساط جامعاتهم، وتحفز الموظفين على العمل من خلال زيادة على رواتبهم، ونسبة من العمولة على المبيع وغيرها الكثير من الحقوق التي تجعل الموظف يتعلق بعمله. وشركات خاصة اخرى تتعامل مع الموظف بمهنية توازي بحرفيتها شروط العمل في الدول الراقية.
مهنياً، اكدت مديرة الموارد البشرية في احدى شركات الألبسة العالمية التي تملك 8 فروع في مختلف الأراضي اللبنانية خديجة قمح في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" ان المشكلة الأساسية تكمن في جهل بعض ارباب العمل لأهمية وظيفة HR داخل العمل على عكس معظم الشركات الحديثة التي تلتزم مع موظفيها بقانون العمل، عبر مدير الموارد البشرية الذي من واجبه اختيار الموظف المناسب، ومتابعة حقوق وواجباته.
ولفتت الى ان الشركة التي تخضع للمعايير الدولية والقانونية تعمل على ارسال استمارة شهرية الى كافة الموظفين بهدف دراسة التغيرات الحاصلة ورضا الموظفين ومقارنة العمل بين الفروع. وبهذه الطريقة يمكن متابعة العمل والتصرف في حال حدوث اي خلل، أضف الى اقامة دورات تدريبية للموظفين بشكل دوري وتحفيزه على التقدم في عمله. في المقابل هناك شروط واضحة يطلع عليها الموظف فور قبوله في الوظيفة تشمل المخالفات والاجراءات المتخذة. وأملت ان ينظم الاقتصاد ويصرح عن كافة المؤسسات الصغيرة والكبرى ويتولى أشخاص ذو خبرة في المجال ادارة الموارد البشرية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News