"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي
يرفض أحد السياسيين، الذي عايش المراحل التي مرّ بها لبنان قبل العام 2005 لغاية اليوم بكافة تفاصيلها، مقارنة ظروف الزيارة الأولى لرئيس الحكومة (آنذاك) سعد الحريري العام 2009 إلى سوريا بما يحدث اليوم، جازماً أن هذا الحدث لن يتكرّر إلا بشروط، وتصريح الحريري الحازم في هذا الشأن لا رجوع فيه.
حتى طرْح تسارُع التطورات الإقليمية والتي تدل في معظمها إلى تبدُّل استراتيجية الدول الكبرى تجاه سوريا وتشير إلى أن عمر رئيس النظام السوري بشار الأسد في سدة الرئاسة طويل، إلا إذا حصلت تغيُّرات في الخطط المرسومة للشرق الأوسط، لم يمنع السياسي من التأكيد على أن الفريق السيادي وفي مقدمته رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لن يتأثّر بجميع الضغوط الداخلية والخارجية، التي تهرول نحو عودة العلاقات الدافئة (كما يسميها فريق 8 آذار) مع النظام السوري.
يتحدث الرجل بحزم، محذراً من هذه الخطة المنسّقة من قبل النظام السوري لتنفيذها عبر أزلامه في لبنان، باعتبارها ستعيد رسم معالم العام 2005، ما يعني عودة الانقسام العامودي.
محاولات البعض التغريدية ومن على المنابر، أو في مجالسه الخاصة الترويج للتطبيع مع النظام السوري تتوالى، لكن ما لم يُعرف بعد ما إذا كانت هذه المواقف هي وليدة الظروف الحالية، في الوقت الذي يسعى فيه الحريري إلى تشكيل حكومة بهدف إحداث خرق داخلي ما، أم هناك توجه لدى هذه القوى المحسوبة على 8 آذار لتهريب هذا التطبيع وفرض أمر واقع في المرحلة المقبلة.
لكن هذه القوى تدرك تماماً ما حصل في المرحلة الماضية، خصوصاً مع "استقالة" الحريري الغامضة، أن هذه التحركات لا يمكن تمريريها. يعدّد السياسي بعض النقاط التي يجب على المروّجين للتطبيع أخذها بالحسبان، وفي طبيعة الحال تحول دون تحقيق غايتهم. أولاً، الجميع يدرك أن التسوية السياسية تشكلت على نقطة أساسية وهي استبعاد النقاط الخلافية، وفي طليعتها التطبيع مع النظام السوري، وموضوع سلاح حزب الله. وبالتالي طرح هذه المواضيع يشكّل ضرباً واستهدافاً للتسوية القائمة.
ثانياً، تيار المستقبل وأحزاب القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي، والكتائب وكل من يدور في فلكهم من قوى ومستقلين لن يقبلوا بتمرير التطبيع بهذا الشكل، الذي يبدو أنه انطلاقة من إشارة إقليمية ما أو لاعتبارات سياسية أخرى. وبمعزل عن طبيعة الإشارة، تكاتُف هذه القوى ستحول دون تمريره. وفي حال أصرّ الفريق الآخر، وهنا النقطة الثالثة والأهم، يجازف القيمون على عودة العلاقات بالإطاحة في الاستقرار السياسي، وبالتالي يتحملون ضرب النظام المؤسساتي، وعودة الملفات الخلافية ما يعني دخول لبنان في الانقسام العامودي الذي ساد بين 2005 و2016.
وهذه الأخيرة التحذيرية يكمّلها السياسي ذاته بالقول "حذار من التمادي في مواقف من هذا النوع، لأن هناك توازن قوى سياسية في البلد، بغض النظر عن العددية بين نواب فريقي 14 و8 آذار، والتي لا تأثير لها أمام الواقع الذي يعبّر عنه الحريري على الصعيد السني، وسمير جعجع وسامي الجميل وأحزاب أخرى ومستقلون كثر مسيحياً، ووليد جنبلاط درزياً. ولا يمكن الاستهتار بدور هؤلاء الرافضين التعامل مع النظام السوري.
لكن الرجل يضع ورقة أخرى على الطاولة تتضمن شروط الفريق المناهض للنظام السوري من أجل العودة، ويختصرها بـ3؛ انتهاء الحرب، وإحلال السلام، وقيام حكومة سورية تحظى بشرعية سورية وعربية ودولية، عدا عن ذلك لا يحلم أحد بالتطبيع مع النظام السوري. وكل من يريد أو يحاول ايصال صوته على الأرض بدفع من موسكو، فليعلم أن دور روسيا لبنانياً يكمن في التنسيق مع سوريا، والدليل نجاح الحريري في قيادة ملف النازحين، يختم الرجل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News