المحلية

السبت 25 آب 2018 - 01:00 LD

نسب صادمة للطلاق في لبنان... جمعيات مُتّهمة بالتحريض!

نسب صادمة للطلاق في لبنان... جمعيات مُتّهمة بالتحريض!

"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

ضمن حملاتها الداعية الى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، ودعوتها لضرورة توحيد قانون الأحوال الشخصية في لبنان وتحويله الى قانون مدني بعيدا عن الطائفية، أطلقت جمعية كفى حملة تنتقد فيها شروط الطلاق بحسب اختلاف الطائفة. ووصفت الحملة قانون الأحوال الشخصية والطلاق فيه بأنه ضد المرأة اللبنانية، ما اعتبره البعض تشجيعا للطلاق بعد ان شهد هذا الأخير نسبا مرتفعة وغير مسبوقة اذ ان المحاكم تشير الى ان نسبة الطلاق ارتفعت من 4 في المئة من مجموع حالات الزواج قبل 20 عاماً، الى نحو 35 في المئة في الوقت الحاضر، ونصفها حصل في السنة الأولى من الزواج.

معدل الطلاق في لبنان بلغ ذروته، وبحسب آخر الاحصاءات يحصل بمعدل 350 الى 450 حالة سنوياً، 60 في المئة منها دامت فترة الزواج فيها خمس سنوات وما دون. الأمر الذي استدعى توضيحا من الجمعية حول الهدف من حملة "الطلاق ضدّي", اذ لفتت عضو في الجمعية فاتن ابو شقرا لـ "ليبانون ديبايت" الى ان المشكلة ليست في قضايا الطلاق بل الزواج بحد ذاته الذي يربكه كثرة القوانين فيه المتعددة الطوائف والتي تدج ضمن 15 قانونا مختلفا بشروطه عن الآخر. الأمر الذي يجعل طريق الطلاق عند المرأة اللبنانيين طويل وشاق مع اصطدامها بعوائق قانونية واجتماعية واقتصادية ودينية في ظل غياب قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.

رفضت ابو شقرا اعتبار الحملة تحريضا للنساء على الطلاق سائلة "لما يكون في تنين عايشين مع بعض ويصلوا لمحل ما في اتفاق، او في قضايا عنف او غيرها من الأسباب، ليش ما بدو يكون الها حق بالطلاق؟ المرأة والرجل متساويان، ويجب ان يكونا كذلك على المستوى القانوني وعلى المستوى الاجتماعي". وأسفت ان هناك عدد من النساء في لبنان يتحمل الظلم والعنف والخيانة وغيرها من المشاكل ويضحي من اجل الحفاظ على العائلة خصوصا في حال وجود أطفال مهددين في اي لحظة ان يُخطفوا من حضن الأم وسط قوانين أحوال شخصية طائفية ومجحفة بحق المرأة.

المطلوب اليوم ان تتمتع المرأة في المجتمع اللبناني بالحرية نفسها التي يتمتع بها الرجل، وينطبق ذلك على قوانين الأحوال الشخصية وقرارات الزواج ام الطلاق، بحسب ابو شقرا.
وأضافت "هذه المطالب ليست موجّهة ضد اي جهة دينية ولا ضد الطوائف، ونحن لسنا بمواجهة مع أحد في حملاتنا التي لا تهدف الا لتحقيق المساواة وتكريس دور الدولة المدنية لأنها وحدها قادرة على حفظ حقوق الناس بالتساوي وليس بحسب طوائفهم. ومن يشعر منهم بتهديد لمصالحه الشخصية، أو لديه مشكلة مع مأسسة الدولة وكونها السلطة الوحيدة في البلد، هذه مشكلته وحده!".

وفي ما يتعلّق باعتبار الزواج لدى بعض الطوائف مقدّس أو وسرّا من اسرار الديانة، أوضحت عضو جمعية كفى بأن "لا احد يريد ان يُلغي الأديان، ولكن على الدولة ان تتبع قانون موحد للأحوال الشخصية وخصوصا في ما يتعلّق بالزواج المدني وفرضه الزاميا على الجميع بالتالي تصبح القوانين نفسها مطبّقة على جميع الطوائف وعلى النساء والرجال بالتساوي. لتترك الحرية بعدها للمواطن اختيار الزواج الطائفي الذي يريد، بهذا تبقى التعديلات على القوانين والحقوق والواجبات والمساواة حصرا بيد الدولة".

في السياق علّق رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم على الحملة في حديثه لـ "ليبانون ديبايت" مشيرا الى ان جمعية كفى لطالما اشتهرت بنضالها من أجل تأمين المساواة بين أطياف الشعب اللبناني والدفاع عن المرأة والفئات المستضعفة، ولكن ذلك لا يعطى أحد الحق بتعديل قوانين وضعتها الكنيسة متعلّقة بسرّ من أسرارها قدّسه يسوع المسيح. والزواج عند الطائفة المسيحية ليس بعقد يمنح لأحد حرية التصرف به، بل عهدا يشبه عهد الكنيسة والمسيح الذي لا ينفصل، لأن المسيح قال ما جمعه الله لا يفرّقه انسان.

ورغم ان الكنيسة لا تشجّع على الزواج المدني، الا انها ليست أيضا ضد إلزام جميع المواطنين بقانون مدني للزواج موحد تضعه الدولة، وهي مستعدة لتطبيق القانون في حال اقراره مع الاحتفاظ بسر الزواج الخاص بالكنيسة. وتبقى دائما تحث ابنائها على الزواج الكنسي، بما معناه يتزوج المسيحي مدنيا ليُسجل زواجه في المحاكم، من ثمّ يثبّت زواجه في الكنيسة لينعم ببركة سر الزواج، لذا على الملتزم المسيحي الالتزام بقوانين الكنيسة وتعاليمها.

رأي المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب لم يكن بعيدا عن أجواء المساواة بين الجميع في قانون الأحوال الشخصية، انما عقّب عليه بطريقته معتبرا ان مطالب الجمعية بتوحيد القانون وتمدينه ليس واقعيا. ولفت لـ "ليبانون ديبايت" الى ان نظام لبنان طائفي، وتركيبته لا تسمح فرض قانون مدني موحد، بالتالي لا يمكن طرح هكذا مطلب أقله على المدى المنظور. واستشهد بالمثل القائل "ان اردت ان تطاع فكّر بالمستطاع".

وسأل المفتي "لماذا لا يصار للجوء الى وضع ضوابط موّحدة ضمن المحاكم المذهبية؟". وشدد المفتي على انه ليس هناك مشكلة في وضع دفتراً للشروط في الأحوال الشخصية يتم الزواج والطلاق على أساسه ويعمم على المحاكم. وترفض المحكمة الشرعية اقامة عقد زواج بين طرفين لا يخضع لتلك الشروط التي عليها ان تحفظ حق المرأة والرجل بالتساوي، لأن الهدف الأساسي هو تحسين وضع المرأة وتحصيل حقوقها وسط الحالات الشاذة التي تضرب المجتمع.

بتعميم دفتر شروك واضح، لا يجرؤ بعض المتحلين بعقلية ذكورية أو آفات التعنيف او السيطرة المتلطين خلف القوانين التي تحميهم وتتيح لهم استغلال المرأة من خلال الثغرات الموجودة فيها وفرض ذكوريته على المرأة، وهذا ما يصوّب الاتهامات الى الدين، بحسب الشيخ طالب. واوضح هذا الأخير ان الحقيقة هي مغايرة تماما لما يعتقده البعض، لأن الدين ليس هو الظالم بل المجتمع والأهل والثقافة والعقلية. من هنا يجب وضع شروط تضمن حق الطرفين وتحظى بموافقتهما وتعمم على المحاكم الشرعية من دون الغاء دور هذه المحاكم ورفع السقف الى حد أخذه ابعادا أكثر من مجرّد تحقيق المساواة بين المرأة والرجل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة