"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
يقول مطلعون أن الرئيس سعد الحريري ختم نسخته الأولى التي اعتمدها خلال ترأسه للحكومة التي تلت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وبعد واقعة الاحتجاز الشهيرة في السعودية، عاد ليكسر القاعدة الاولى بتبني لنفسه نسخة ثانية.
على ذمتهم، أن الرئيس عون أسهم في موضوع ترتيب سياسات الرئيس الحريري الثانية بطريقة غير مباشرة عبر اختلاق قاعدة مفادها ان حكومة العهد الأولى تبدأ بعد الانتخابات، ما عنى أن الحكومة التي نشأت بعد التسوية الرئاسية كانت بالنسبة إليه حكومة لـ "تقطيع وقت" تقوم على توازنات محددة سيتفرق اركانها بعد الانتخابات.
من هنا اعتبر الحريري أن ثمة مجال له لتعديل تسوية بشروط مختلفة مستخدماً ذريعة التعديل التي يطرحها عون نفسه، وهذا يفيده أمام المملكة العربية السعودية الساعي لإعادة تنظيم العلاقة معها.
عند هذه الزاوية اعتبر الحريري أنه بات في حلٍ من تفاهماته الاولى التي خطها مدير مكتبه السابق نادر الحريري وأنه يتطلع الى تفاهمات جديدة تحفظ ما خسره في الانتخابات داخل الحكومة. وقد وجد لنفسه آليات تضمن له تحقيق ما يصبو إليه، أولها فقدان نص دستوري يحدد المهلة لتشكيل الحكومة، وبالتالي، يصبح حكماً ان بناء الحكومة الثانية من وجهة نظر الحريري، لا تقوم على ذات الاسس التي بنيت عليها الحكومة الاولى! وعلى ذلك يصح سعد الحريري الثاني هو غير سعد الحريري الأول لناحية الظروف والحسابات.
في قرارة نفس الحريري، أنه يتقدم بخطوة على الرئيس ميشال عون. ففي حال سلمنا جدلاً حول قدرة الرئيس على اكتشاف او اجتهاد نص دستوري يعزل بموجبه الرئيس المكلف، ستقود لعبة التوازنات الداخلية التي يعلم بأمرها الجميع الى اعادة تكليف الحريري تشكيل الحكومة على غرار ما حدث في أيلول 2009 حين اعتذر الحريري عن التأليف ثم اعيد تكليفه مرة ثانية.
هذه المقاربة ابلغتها مرجعية سياسية لزائر كبير التقته قبل أيام على رأس وفد، وذلك كرد على سؤال وجه اليها حول الاسباب التي تعيق الى الآن تأليف حكومة جديدة واحتمال ان يجري نقل التكليف الى شخصية سنية ثانية.
وبعد ان شرحت وجهة النظر اعلاه مضافاً اليها الواقع الذي افرزته الانتخابات النيابية، خلصت الى ان اعادة تركيب الحكومة لا يمكن الوصول اليه الا من خلال التوصل الى تفاهم جديد يربط بين النظريتين. نظرية الرئيس الداعي لحكومة العهد الاولى، ونظرية الرئيس المكلف الذي يتصرف على اساس انتاج حكومة بشخصية ثانية.
يشير هؤلاء المطلعين ان الزائر أكتفى بترداد العبارات المعهودة القائمة على الدعوة لتسريع التأليف والحفاظ على استقرار لبنان، لكنه مرّر جملة مواقف لفها بلبوس دولي اضيفت الى سرية أخرى تدخّلت على الساحة اللبنانية في الأيام الماضية، قوامها ان الدول الرئيسية ترى انه ليس من داعٍ للتصعيد في لبنان، وهذه المواقف أُبلغت إلى المسؤولين، ومفادها أن ليس من مصلحة أحد التصعيد عبر التلويح بكلام عن إسقاط تكليف الحريري، مما افضى إلى التراجع عن الخطوة الداعية لذلك مبدئياً.
مما يعد لافتاً ان بعض تلك الدول التي حملت المواقف ووزعتها عبر بعثاتها الدبلوماسية في بيروت، مررت الى من يعنيهم أمر التشكيل رسالة واضحة جاءت على شكل طلب، قوامه التواصل مع قيادة حزب الله بهدف الاستفسار منها عن موقفه من التصعيد الذي ساد وخطواته المقبلة، ثم وضع الجواب لديها. البارز ان البعثات تلك قالت ان طلبها ذا منسق مع الاميركيين، ما أتاح لمتلقيه الفهم ان واشنطن تنظر الى موقف يأتي من الضاحية.
وبحسب المعلومات، أجاب حزب الله سائليه انه مع تشكيل حكومة سريعة عبر الاحتكام الى معيار واحد وواضح، وانه يرى في ضوء التعطيل أن ثمة أمراً مقصوداً، وهو ليس معنياً بفك العقد بل ان ذلك من صلاحية الرئيسين". اللافت تمريره رسالة انه "لم يجدول على قوائمه اسماء ثانية لتشكيل الحكومة" وهو امر فهم على ان الحزب لا يحضر لعملية "انقلاب" على الحريري، لكنه في ذات الوقت مرر تحذيراً أن "انتظار مسألة خلط أوراق في المنطقة هو رهان لا يجدي".
خلال زيارة الموفد، يذكر مصدر وزاري يداوم على لقاء مرجعيات، أن طلباً أميركياً وجه الى لبنان عبر الموفد، تطلب فيه واشنطن من بيروت إصدار موقف واضح وصريح من مسألتين: العقوبات على إيران والعقوبات على حزب الله، لكن المرجعية التي وجه اليه السؤال ردت بتبرير يلامس الرفض يقوم حول عدم القدرة الى ذلك.
عندها، سأل الموفد الاسباب التي تقوم على ذلك، هل ان الخشية هي من حزب الله الذي قد يقدم على تصرف ما في حال تبني مثلاً موقفاً مشابهاً لموقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي؟ فأجابت المرجعية أنه وعلى مستوى أول حزب الله لا يقيس سياساته او يتصرف على هذا النحو، وعلى مستوى ثاني يحتاج اتخاذ مثل هذا الموقف لشخص كمقتدى الصدر، وليس لدى شيعة لبنان شخص مماثل!
وعلى نفس الوزن، اجاب المرجع سائليه حول احتمال خوض "مغامرة مسلحة سريعة" في لبنان قد تأتي من أجل تبديل توازن او تغيير واقع، فكرر اجابته ان ما ينطبق على العراق لكي يجري تبديل نتائج وأرقام، لا يتطابق مع لبنان ابداً، وطالما ان الوضع كذلك لا تتوقعوا أمراً مماثلاً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News