"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
تبدي واشنطن انزعاجاً واضحاً من الدور الروسي المتعاظم في لبنان لحد لامس الصداع وبلغ حدود ممارسة سيل من الضغوط على بيروت، تهدف إلى ابعاد الاغراءات الروسية عنه.
كان من المتوقع أن يحصل لبنان على هِبة روسية عبارة عن تقديم ذخائر تعود لأسلحة رشاشة اوتوماتيكية، على سبيل حسن النية، لكن واشنطن وعبر سفارتها في بيروت مارست عملية استطلاع حول الغايات الروسية المرجوة من وراء تقديم المعونة لصالح الجيش اللبناني، وخلصت الى اعتبار المعونات "أمرً غير مقبول"، وعلى الإثر باشرت بشن عملية ترهيب ممنهجة وصولاً للتدخل طالبةً من الجهات المعنية رفض الهبة الروسية وعدم قبول أي هبة عسكرية آخرى تأتي من موسكو!
هكذا بكل بساطة أعطت واشنطن لنفسها الحق في التدخل بشأن سيادي لبناني، في المقابل استغرب مراجع معنيين بلوغ "الوقاحة الاميركية" الى هذه الحدود التي تريد عبرها ان ترسم على لبنان سياساته.
الذريعة الاميركية التي قدمت، تدعي ان الهبات الروسية مشروطة، وبحكم أن المؤسسات العسكرية اللبنانية موقّعة لاتفاقيات تعاون عسكري مع نظرتها الأميركية، يتحتم عليها الالتزام بالاتفاقات وعدم الاستفادة من أي مرجع تسليحي آخر غير اميركي، أي بمعنى آخر، إلزام لبنان برزنامة الاسلحة الاميركية فقط!
لكن مراجع معنية تعطي انطباعاً ان التأهب والاثارة الأميركيتين من موضوع تقديم هبة عسكرية روسية، تعود اسبابه الى الاستراتيجية الاميركية القائمة في المنطقة على منع التمدد الروسي الى ما بعد سوريا، ومن ضمن ذلك اعتبار ان الجيش اللبناني هو "جيش حليف للولايات المتحدة" البقاء بعيدةً عنه.
أمر آخر، أن الولايات المتحدة تحضر الدعم للبنان بنوعية أسلحة محددة لا تكفي لتطوير قدرات الجيش، وهي تخشى في حال مدته بأسلحة متطورة ان تستخدم ضد إسرائيل، لذا هي تتخوف من احتمال اقدام موسكو على توفير أسلحة "تكتيكية" للجيش اللبناني تشكل بالنسبة الى إسرائيل موضع قلق.
وتشرح أن واشنطن عبر سفارتها في بيروت، مارست ضغطاً خلال المرحلة الماضية، قوامه عدم السماح لرئيس الحكومة (حينها) سعد الحريري، تمرير اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا الى مجلس الوزراء من أجل توقيعها، بالإضافة الى ذلك، شنت معركة ترهيب على وزارة الدفاع أدت لحجب تلبية ومشاركة الوزير يعقوب الصراف في مناسبات عدوة ذات طابع أمني - عسكري أجريت مؤخراً في موسكو.
ما زاد الطين بلة بالنسبة للأميركيين، هو ملاحظتهم تعاظم الدور الروسي في لبنان بالمعنى السياسي غير العسكري، وذلك بعد ان اجريت في العاصمة الروسية عدة لقاءات شملت شخصيات سياسية لبنانية على وزن كبير.
ويتردد ان السفارة الاميركية في بيروت راسلت وزارة الخارجية مقدمة بعض النماذج حيال الدور الروسي، مع تلميحها إلى أن موسكو تعمل على فتح شبكة علاقات واسعة في بيروت تضم مسؤولين وأقطاب من ملل و مشارب سياسية متعددة. ما زاد من القلق الأميركي، ما تسرب عن سياسيين في بيروت حول أن موسكو تعمل على خط تحريك ملف تأليف الحكومة اللبنانية "بحدود معينة ما زالت تفاصيل الحراك مبهمة".
أتى ذلك بالتزامن مع الدخول الروسي على خط العمل على ترتيب عودة طوعية للنازحين السوريين الى ديارهم، عبر تأسيس مراكز ولجان خاصة بإدارة روسية مربوطة بموسكو.
ونُقل عن السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد خلال الأيام الأخيرة مواقف وتساؤلات حول الدور الروسي وطبيعته، وقد فاتحت بعض زوارها في الأمر، وإمكان أن يكون لديهم معلومات حول طبيعة الحراك الروسي وافادتها أي تفاصيل عنه.
لكن يبدو ان موسكو ماضية في بلع التصرفات الاميركية، بحيث ان مصادر دبلوماسية خاصة بـ "ليبانون ديبايت" في موسكو، توضع أن العمل ما زال جارياً في ملف تأمين العودة الطوعية للنازحين رغم التلكؤ الاميركي المقصود، كاشفةً أن روسيا أبلغت الجانب اللبناني أن الولايات المتحدة ليست في وارد تقديم أية مساهمات مالية لعودة النازحين، ما حتم على روسيا دوزنة حراكها حتى يجري اكتشاف مصادر مالية أخرى.
وفي سياق تعزيز العلاقات مع بيروت، كشف أن "نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف يخطط لزيارة بيروت في الخريف المقبل، من دون تحديد موعد رسميّ للزيارة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News