المحلية

الخميس 27 أيلول 2018 - 01:00 LD

السكّين على رقبة حزب الله

السكّين على رقبة حزب الله

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ما هو السرّ الكامن خلفَ تمرير إقتراح قانون "مُعاهدة تجارة الأسلحة" المطلوبة دولياً من لبنان إلى حدٍ جعله نافذاً بأرقام أصوات رمزية؟ ما هي القطبة التي جعلت حلفاء حزب الله يقسّمون أصواتهم حين طرح مشروع القانون على التصويت، رغم أن كتلة الوفاء للمقاومة جاهرت صراحة أنّ هذا المشروع يستهدف عملية إمداد المقاومة بالسلاح وقد يوظَّف للإستخدام ضدها بعد حين؟

دعكم من كل الأسئلة المشروعة، وتوجّهوا صوب عملية التصويت التي مرّرت القانون بشكل اوحى وكأن هناك إتفاقاً ضمنياً لعبوره بمستوى مقبول من ماءِ الوجه، رُغم نفي المعنيين وجود أثر لذلك، وإلا فما السّر الذي أدى بكتل فريق ٨ آذار الأكثري لتوزيع الأصوات بين ممتنع عن التصويت ومعارض له ومصوّت بالإيجاب؟

‫كَيْف لبلد مثل لُبنان يُعاني مِن جريمة منظّمة ومخاطر ذَات طابع إرهابي تقف خلفه منظمات مصنّفة إرهابية دولياً، ويعاني من شُح في السلاحِ لدى أجهزته الأمنية وعلى رأسهم الجيش، أن يذهب بالمجان لإقرار مُعاهدة تجارة أسلحة تقوّض حركته، حتى الدُّول المكتفية تسليحاً كروسيا والصين وحتى سوريا تعترضها وتعتبرها إتفاقية "مريبة"...؟‬

‫المشروع أقر بـ ٤٧ صوتاً مُقابل ٤٠ معارضة، في مؤشِّر رقمي دلّ وبشكلٍ واضح عن نية في تَفادي مواجهة مع الفَريق الآخر بدليل إرسال تطمينات واكبها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد بجرعة زائدة وصلت حد دعم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري!‬

‫ثمّة من يتحدّث مِن خلفَ الكواليس عن وجود إتفاق ضمني بين الكتل الطارحة للمشروع وبعض الكتل المعارِضة له والمحسوبة على الجناح الأكثري في المجلس، تضمن، على ما يؤكد أكثر من مصدر، أن يصار إلى تمريره بغالبية لطيفة وليس مُطلقة منعاً للإحراج. جَاء ذلك بعد تقديم تطمينات بشأن المعاهدة لناحية عدم انعكاسها سلباً على وضعيّة المقاومة العسكرية كثمن لعدم إسقاط المشروع بالتصويت في المجلس، لكن وإن صح ذلك، من يضمن إلتزام الفَريق الآخر بتعهداته؟ ‬

من هُنا تفسّر مصادر نيابية خيار كتلة التنمية والتحرير الإمتناع عن التصويت كواحدة من لوازم تنفيذ الإتفاق، ولو أنّها أخذت خياراً بالتصويت ضده برقمها البالغ ١٧ نائباً، لكانت أسقطت إقتراح القانون! لكن المصادر وفي نفسِ الوقت تقلّل من قيمةِ المشروع المادية كتبريرٍ لخطوة "نواب أمل". ووفق رأيها "لا مفاعيل قانونية له ولَن يكون أشد من الـ ١٥٥٩".

لكن هُناك من يرتاب من هذا المسار سيّما مع إرتفاع أصوات عددٍ من نُوابِ كتلة الوفاء للمقاومة، وصولاً للجوء أحدهم للإنسحاب من قاعة الجلسة اعتراضاً، هذا يعني أن الإعتراض أتى كرد فعل بعد اتضاح وجود "طبخة من تحت الطاولة"، وحركة نواب الكتلة تدل على ذلك وعلى عَدم موافقة حزب الله على "الاتفاق" المنفي على السنة الجزء الأعظم من النواب، وقد يكون فوجئ به!

المُريب أن مشروع القانون طُرح على التصويت بلفافة "سيدر" بالتزامن مع إستعداد الكونغرس الأميركي لمناقشة مشروع ثنائي تَقدَّم به سيناتوران هما توم زيوزي (ديمقراطي) وآدم كينزينجر (جمهوري) تحت عنوان "مشروع قانون نزع سلاح حزب الله" مسجّل تحت الرقم HR5540، تمهيداً لإحالته الى اللِّجان لدرسه ثم تحويله بصيغة قانون يؤهل للتصويت عليه.

وثمّة توقعات في أن يُنجَز المشروع ويحوَّل الى قانون عند حلول الربيع القادم، وعليه، ما الذي يمنع الإستفادة من بُنود "معاهدة تجارة الأسلحة" وتوظيفها في مشروعِ ملاحقة حزب الله وسلاحه، أو أن يجري إدخال هذه المعاهدة كبند من بنودِ البيان الوزاري من باب التوازن مُقابل إدخال عبارات إنشائية عن حقّ لُبنان في مُقاومةِ اسرائيل وإستعادة أرضه المحتلة؟ وما الحائل دون إستخدام بنود المعاهدة لابتزازِ الدولة في حالِ أرادت تعزيز قدراتها العسكرية أو إستقدام السلاح من مصادر غير أميركية؟

يقولُ أحدُ النّواب الذين اطّلعوا على المعاهدة، أنّها ذات عبارات فضفاضة ومطاطة يُمكن تفسيرها في أكثرِ من مقام، وقد توفّر في جوانبٍ كثيرةٍ منها، استخداماً غير مفسّر لبنوده وقد تتطابق ومفاهيم بعض الدول. الأبلغ من هذا كله، انها اتفاقية تقيّد حركة السلاح، ومن ضمنِ ذلك تملك الأفراد والمجموعات له، وهذا قد ينسحب على اعتبار المقاومة "عناصر فردية منظمة" تنطبق عليهم بنود المعاهدة، وعلى لبنان الالتزام بتطبيقها في حال طلب منه ذلك.

مدير مركز الإستشارية للدراسات الإستراتيجية، عماد رزق، يستغرب في حديث لـ "ليبانون ديبايت" أن تلجأ الدولة الى توقيع معاهدة ليس عليها إجماع دولي، ولُبنان أصلاً بلد يسعى لتأمينِ اكتفاء ذاتي في السّلاح لتأمين نفسه كونه في وضعية عسكرية قتالية واضحة، يحتاجُ فيها لإستخدام السلاح ضد الإرهاب ومن أجل حماية أرضه، من الداخل ومن الخارج، هذا ناهيك عن هشاشة الأمن الاجتماعي الداخلي الذي لا تَقل مخاطره شأناً عن مخاطر الإرهاب.

واعتبر رداً على سؤال، أنه بالاستناد الى التجارب "لا شيء يمنع استخدام بنود المعاهدة بغير ما هي عليه، أو منع توظيفها في أمورٍ أُخرى، كمنع رفع قدرات الجيش اللبناني العسكرية، وهذا أمرٌ شائع الإستخدام".

وقد وضع سلسلة أحداث للنقاش وقارنها بتوقيت طرح المعاهدة، تبدأ من إرتفاعِ قيمة المحكمة الدولية وتوظيفها الدّاخلي ثم زيادة الصَّخب حول موضوع العقوبات المالية على حزب الله، مما يفسح المجال أمامَ تكهنات حول وجود أسبابٍ أخرى للمعاهدة واحتمالِ استخدامها في استهدافاتٍ تتجاوز الطبيعة الوظيفية لسلاح المقاومة وصولاً لسلاح القوى العسكرية الرسمية التابعة للدولة".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة