"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
زيادة على أقساط المدارس الخاصة، غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، سوء الحالة الاجتماعية وكثرة الأعباء الاقتصادية التي تتحملها العائلات اللبنانية دفعت بالعديد من الأهالي الى اللجوء نحو المدارس الرسمية لتعليم اولادهم هذا العام بإقبال لافت مقارنة بالأعوام السابقة. وفي ظل هذه الضيقة المادية، تعذّر على الأهالي تسجيل اولادهم في مدارس الخاصة هذا العام لأن أقساطها باتت لا ترحم الجيوب عدا عن الزيادات والكتب والقرطاسية والزي الرسمي المعتمد ولوازم الدراسة الاضافية التي تفرض على الأهالي.
التزايد الملحوظ في حجم الاقبال على المدارس الرسمية بكافة أقسامها الذي بدا ظاهرا من خلال حركة التسجيل. الأمر الذي دعا وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة اصدار ال قرار1049 بتاريخ 26 ايلول يتعلق بتمديد أعمال التسجيل للعام الدراسي 2018/2019 وقبول تسجيل التلامذة غير اللبنانيين في المدارس الرسمية في الدوام الصباحي لغاية 10 تشرين الاول. ما يدعو الى التساؤل ما إذا كانت مدارس لبنان الرسمية قادرة على استيعاب هذه الزيادة بشكل سليم؟
لم ينكر رئيس دائرة التعليم الرسمي في وزارة التربية هادي زلزلي في حديثه لـ "ليبانون ديبايت" الاقبال الكثيف هذا العام على المدارس الرسمية. الا انه اوضح عدم وجود حتى الساعة نسبا رسمية تحدد حجم الاقبال على المدارس الرسمية بسبب تمديد مهل التسجيل الى الشهر المقبل. أضف الى انه هناك تفاوت في نسب الاقبال من المدارس الخاصة الى الرسمية بين مدرسة خاصة واخرى، ليبلغ معدل النسبة الى حوالي 10% في قسمي الابتدائي والأساسي وهي نسبة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة. واعطى مثالا عن مدرستين رسميتين، تستقبل الأولى هذا العام الدراسي حوالي 215 تلميذا، بعد ان كان عدد تلاميذها العام الماضي حوالي 175 تلميذا، كما ارتفع عدد المسجلين في الثانية من 350 الى 425 تلميذا.
وعند سؤاله ما إذا كانت المدارس الرسمية اليوم جاهزة لاستيعاب هذه الزيادة في عدد الطلاب والتعامل معها بطرق سليمة، لفت زلزلي الى ان صعوبة استقبال اعداد اضافية من الطلاب تكمن في أكثر من نقطة وتتفاوت بين شدتها بين مدرسة واخرى. فهناك بعض المدارس تعاني بالأساس من اكتظاظ في عدد طلابها بسبب تواجدها بمنطقة اكتظاظ سكاني كدوحة عرمون، والشويفات، وعرمون والشياح وغيرها، تأتي الزيادة في الاقبال لتشكل ضغطا إضافيا عليها اذ يعجز بعض التلامذة فيها ايجاد مقاعد لهم في صفوفها ويتم توجيههم للتسجيل في مدارس مجاورة.
بعض المدارس جاهزة لاستقبال اعداد كبيرة من الطلاب نسبة لعدد الغرف ومساحاتها بالتالي هناك قدرة استيعابية لعدد طلاب أكثر ويوزّع التلامذة وفقا للنظام الداخلي بين 30 و35 تلميذ في كل شعبة. وتكون الأزمة على هذه المدارس أخف وطأة من غيرها، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تراجع عدد الأساتذة القادرون على استيعاب زيادة الاقبال على التعليم الرسمي. واشار رئيس دائرة التعليم الرسمي الى انه بعض صدور القانون 46 المتعلّق بسلسلة الرتب والرواتب منعت جميع حالات التوظيف والتعاقد بما فيها القطاع التعليمي بالمقابل هناك 850 معلما بلغوا سن التقاعد العام الماضي، ناهيك عن تقديم حوالي 150 معلما طلب انهاء خدمة.
حوالي 1000 معلما مدرسيا توقفوا عن التعليم في هذا العام الدراسي، ولا امكانية لإيجاد بديلا عنهم لا بالتعاقد ولا بالتوظيف، ما اضطر المعنيين معالجة الأزمة بالتي هي أحسن، مثل زيادة عدد ساعات تعليم المتعاقدين القدامى المعتمدة. او اللجوء في بعض المدارس الى صندوق مجلس الأهل الذي يموّل من الوزارة بمبلغ 150 ألف ليرة عن كل تلميذ ومن قبل الجهات المانحة التي تحوّل بدل 90 ألف ليرة للصندوق، لاستهلاكه بهدف تغطية بعض التعاقد الاضطراري. أضف الى الاستعانة ببعض أساتذة التعليم الثانوي المتعاقدين لما أصاب عدد حصصهم من نقص بعد دخول 2100 استاذ جدد.
فوق كل الضغوطات الاقتصادية التي اثقلت كاهل المواطن ودفعته لتسجيل أولاده في المدارس الرسمية بدل الخاصة، أضيف حافزا أساسيا شجع الأهالي على هذه الخطوة وهو التطور والتأهيل الذي اصاب التعليم في المدارس الرسمية وزيادة ثقة المواطن بها. من هنا عرض زلزلي بعضا من مشاريع الوزارة التي لحقت ببعض المدارس الرسمية، من بينها مشروع تم بالتعاون مع البنك الدولي وهو تأهيل وتجهيز ما يقارب 260 روضة لاستقبال طلاب ببيئة راقية ومؤهلة.
كما تحدّث عن امكانية افتتاح حوالي 7 مدارس رسمية للمرة الأولى توفرت شروط فتحها، نتيجة الاقبال الكثيف على المدارس الرسمية الذي يشهده هذا العام الدراسي، بعد ان كانت هذه المدارس تُقفل بسبب تراجع عدد التلامذة فيها ويتم دمجها مع مدارس مجاورة. لم يؤكد زلزلي اعادة فتح هذه المدارس رغم مطالبة المجتمع المحلي والبلديات في بعض المناطق لذلك، وموافقة الوزارة على الأمر لا تزال مبدئية بانتظار انتهاء عملية التسجيل لمعرفة درجة الحاجة للاستعانة بهذه المدارس الاضافية.
وتتولى المناطق التربوية في كل محافظة، والادارة المركزية في وزارة التربية عملية مراقبة ومتابعة اساليب التعليم واوضاع المدارس والتلاميذ والبيانات الرسمية، والتدقيق في اي مخالفة او تقصير او خلل. أضف الى قسم التفتيش التربوي واعضاء مديرية الارشاد والتوجيه الذين يحرصون بشكل دوري على صحة التعليم في المدارس الرسمية ومراقبة مدى الالتزام بالمناهج التربوية وغيرها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News