المحلية

الثلاثاء 02 تشرين الأول 2018 - 01:00 LD

تلويح بحصار المطار

تلويح بحصار المطار

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

مِن الغريب أن تصُب كل الأمور على مطارِ رفيق الحريري الدولي دفعة واحدة. في هذهِ الحالة تتضاعف الإحتمالات حول وجود مسبب أو مُستفيد أو أكثر، أو كيف لا تصبح مدعاة للشك طالما أنّ المسار بدأ داخلياً ثم أخذ اهتماماً اقليمياً قبل أن تدخل إليه اسرائيل؟! الشق الأخير بحد ذاته يحمل أوجه تساؤلية لا بُد من الأخذِ بها.

منذ بداية الموسم السّياحي وَالإصطيافي، عمّ المطار إزدحامٌ شديد برّره المعنيون بكثافة الحركة مِن وإلى لبنان، وقد دلّلوا الى مظاهر عافية تطبع هذه الحالة. ثم حلّت فجأة مَطلع الشهر الفائت لعنة توقف النظام المشغل لتسجيل الحقائب في المطار، SITA، عن العمل، ما زاد من الإزدحام وفتح الباب أمام كرّ سبحة أزمات، امتزجت بين العملي والوظيفي والأمني والعسكري، وما كاد الشهر أن يقفل حتى انضم الى الجوقة عاملاً اسرائيلياً دخلَ من بابِ التصويب على محيطِ المطار لكن موضع قصده كان المطار بحد ذاته.

قد يقولُ أحدهم أن لا احتمالات مُترابطة في تزامنِ كلّ هذه الأمور ، لكن وفي ظل الوضع القائم في لبنان، تُصبح هذه الفرضية متوفرة، إن لم يكن محُضّر لها مسبقاً، أو تأتي من ضُمنِ خطة مرسومة لإحداث عملية ارباك ما تتخذ من المطار، الذي هو بوابة البلاد، عامل استغلال مفيد.

قبلَ أن يُغلق الشهر على أيامه، اعتلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منبر الأمم المتحدة مُدَّعياً امتلاك حزب الله لمصنع تطوير صواريخ أرض - أرض الى نماذج دقيقة، وذلك في منطقةِ الأوزاعي المحيطة بسور المطار، متسلحاً برزمة خرائط أظهرت أن الجانب الذي يقصده نتنياهو ومن خلفه المتحدث العسكري باسم جيشه، يقع شمال المطار، أي قرب الناحية التي تسببت بجدل كبير قبل أعوام، بعد أن جرى الإدعاء أن حزب الله ينشط من تلك الجهة. السؤال الأساسي الذي يفرض نفسه هو لماذا إختارت إسرائيل إثارة الموضوع في هذا التوقيت بالذات؟

البعض أثار اعتقاداً حول أنّ إسرائيل تكبّل نشاطها في سوريا بضوء حادثة إسقاط الطائرة الروسية فوق البحر، أي أن حُرية الإستهداف التي جرى العمل بها طوالَ ٥ أعوام تحت ذريعة منع ايصال أسلحة متطورة الى حزب الله، باتت تخضع اليوم إلى خطٍ أحمر رسمته موسكو وفق قاعدة اشتباك جديدة قامت على إدخال منظومة S-300 الى منظومات الجيش السوري ثُم تفعيلها، ما له أن يقوّض حركة الإستهدافات الإسرائيلية في سوريا.

تلى خطاب نتنياهو وتسريبات المتحدث بإسم جيشه، إرتفاعاً ملحوظاً في النشاطِ الجوي الاسرائيلي. المعلومات الأمنية تشير الى تحليقٍ مُكثّف لطيران اسرائيلي طُبع يوم الأحد المنصرم، تمحور عند نقطة الشاطئ اللبناني وخصوصاً في الغلافِ الجوي للمطار المتاخم لمنطقة الأوزاعي الذي اشار اليها التقرير الاسرائيلي، استتبع ذلك بظهور وعلى أوقاتٍ زمنية مُتعددة من ذلك النهار، طائرات استطلاع مسيّرة دونَ طيار، قامت بعملية تحليق دائرية فوقَ هذه المنطقة. يُفسَّر هذا النشاط بظلِ الإتهامات على أنّه "نشاطٌ حربي واضح".

وعليه، قد يكون تكوّن في العقلِ الإسرائيلي احتمال نقل نشاطه الحربي الى لبنان، عبر إختلاق قضية تصنيع صواريخ "دقيقة"، يجعلُ الإدِّعاء بإمتلاك الحزب مصانع تطوير صواريخ في بيروت مُحاولة لتبرير أي عدوان لاحقاً، وهو أمرٌ عُدَّ في رأيِ خبراء، صعب الحدوث نسبة الى الوضعِ العسكري الحسّاس في لبنان المختلف عن سوريا، والذي قد يتطور أي نشاط فيه الى حرب.

ما يُعَد لافتاً في كلِّ ذلك، هو تسبُّب التقرير الإسرائيلي بحالة من التَّرقُب طبعت تصرفات بعض الدول المعنية، التي طالبت بيروت بإستفسارات عن طبيعة الإتهام الإسرائيلي، وهو ما دفع بوزارة الخارجية اللبنانية الى دعوة سفراء الدّول التي تمتلك ممثليات في بيروت، لسماعِ موقف لُبنان الرسمي ثُم المشاركة في جولةٍ ميدانيةٍ على المنطقةِ المقصودة. المَغزى كما هو واضح، تَسخيف الإتهامات الإسرائيلية وكشف زيفها.

ويجري همس أنّ دعوة وزارة الخارجية التي لبّاها ٧٤ سفيراً وممثلاً دبلوماسياً، كانت مُنسّقة مع جهات عسكرية وأُخرى حزبية وَفّرت للخارجية حوافز تعطيها القدرة على توهين الإتهامات الإسرائيلية وتفنيدها.

لكن يَبدو بحسب ما ظهر، أن بعض الدّول أخذت الإتهامات الإسرائيلية على محملِ الجد، وهذا يُمكن إستخلاصُه من وابل الرسائل التي وضِعت لدى معنيين، على شكلِ نصائحٍ دبلوماسية، تُقتَرح على المسؤولين البدء بالبحثِ عن حلٍ نهائي لوضع مطار بيروت الدُّولي، لكنها لم تعطِ مؤشرات عن شكلِ هذا الحل، مما أتاح لمعنيين إعادة نبش الأوراق القديمة التي تَضمنت حلولاً للمطار قامت على وضعه تحت وصاية دولية، أو استبدالِ موقعه بموقع مطار ثانٍ تتولى تجهيزه دول، أو توسعت نطاقه عبر ردم البحر ونقل المنشئات الى نقاطٍ مستحدثة تكون بعيدة عن التجمعات السكنية.

لكن من طرحَ سابقاً هذه الأفكار، كان يحمل مهام وظيفية واضحة وأهداف تتجاوز المُعلن عنها، وكانَ على علمٍ أن الإقتراحات ستصطدم بواقع غياب القُدرة اللبنانية على تحقيقِ ذلك، فضلاً عن حاجتها لأعوامٍ طويلة كي تصل الى مرحلةِ التطبيق.

ونسبةً إلى ذلك، تُبدي مصادر معنية تَخوفها من إحتمالِ لجوء بعض الدُّول الى محاولةِ حصار المطار، على غرار الحصار الذي طبّقته اسرائيل بُعَيد حرب تموز عام ٢٠٠٦ ، ودامَ حتى شهر أيلول من نفسِ العام، على أن يكون الحصار وفقَ شكل هندسي "سلمي"، ويقضي إجبار بعض شركات الطيران الأوروبية على إيقاف رحلاتها الى بيروت، بإستغلال قضية "معمل الصواريخ" وإعتبار أنّهُ يُشكل خطراً على سلامةِ الملاحة الجوية، على أن يأتي ذلك بالتوازي مع إرتفاع مستوى التهديدات الإسرائيلية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة