المحلية

الجمعة 01 آذار 2019 - 02:00 LD

"صدام قاسٍ" يلوح بالأفق

"صدام قاسٍ" يلوح بالأفق

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

إنطوى كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله خلال لقاء خاص عقده منذ أيّام مع الهيئات النسائيّة، على دلالات بالغة الأهميّة عن مسار الأمور الآخذ بالتدحرج نحو التشدّد بين الحزب وخصومه، في الداخل والإقليم، والمنحى الذي سيسلكه على أعتاب مضي «قوى الضغط الدوليّة» بترشيد منطق العقوبات وتعزيزها ضدّه، وتبعاً لذلك تدلّ كافة المؤشّرات إلى تصادم يلوح في الأفق!

كان نصرالله صريحاً حين استعرضَ امام الحاضرين بعض النماذج التي يعتمدها الغرب في سياق المواجهة ضدّه معطوفة على محاولات حصار حزب الله من خلال فرض العقوبات عليه. قال إن «العنوان الأوّل للمعركة القائمة هو الإفقار والتجويع والحصار المالي للضغط على بيئة المقاومة»، وهذا الكلام بالغ الاهمية وله دلالاته ولا يمكن أنّ يمرّ مرور الكرام.

أوحى نصرالله من خلال كلامه الذي جرى تسريبه إلى الإعلام، أنّ الاستراتيجيّة المتّبعة اليوم من قبل الخصوم هي «سياسة الإفقار والتجويع»؛ فمن جهة حاول نصرالله لفت انتباه الموجودين إلى اتّباع سياسة ترشيد للقدرات واستطراداً تحمّل تبعات الفترة التالية، وفي مقامٍ ثانٍ كان يلفت إلى أنّ الأميركيين ومن معهم انتقلوا إلى «درجة السخونة» في ملف حصار حزب الله ما ينطوي عنه مزيداً من المواجهة ورفع سقوفها، ودرجة عالية من الحيطة والرصانة من جانب حزب الله.

من الواضح أنّ الاميركيون لجأوا إلى استنساخ اسلوب العقوبات التي اتبعت سابقاً في كلٍ من العراق والصومال خلال حقبة التسعينات والتي ارتكزت إلى تكتيك «التجويع» أملاً في قلب الشارع واضعاف الحكومات، وعملاً بهذه القاعدة كانت النتيجة في العراق مثلاً أن سُلِبَ نظام صدّام حسين مقدّراته وأجبرَ على التنازل واعتماد استراتيجّيات أخرى، لكن ما صح اعتماده في العراق لا يصح تطبيقه في لبنان!

من هنا، يحاول نصرالله مقاربة المسألة ومصارحة الحاضرين من خلفهم جمهوره، إلى الاستعداد لمرحلة مواجهة «أقصى وأسخن» في ظل وضع المواجهات العسكريّة أوزارها، ومن المنطق العام يرى حزب الله نفسه منتصراً في المعركة العسكريّة ما يوجب عليه تحمّل تبعات ذلك في مرحلة الهدوء والسلم.

لقد وصلت إلى الضاحية، تبعاً لما يشير أكثر من مصدر قريب منها، معلومات تتحدث عن أنّ الأميركيين انتقلوا إلى سقف أعلى من العقوبات الاقتصاديّة - المالّية ضدَّ كلّ من حزب الله وإيران. المعلومات تتحدّث عن استعداد الادارة الأميركيّة لإصدار حزمة جديدة من العقوبات التصاعديّة في شهر أيّار المقبل بالتوازي مع اتخاذ بريطانيا لقرار يعتبر الجناح السياسي لحزب الله «تنظيماً إرهابيّاً».

لكنّ أبرز ما وصل إلى حزب الله من معلومات يتمحور حول رهان أميركي يتعلّق بحصد الموسم الأوّل من العقوبات بعد ستّة أو تسعة أشهر على اكتمال إصدار «الرزم الثقيلة» من العقوبات، وبهذا المعنى يكون قد بدأت التصدّعات بالظهور في جسد حزب الله والتي تؤدي في جانب منها إلى ثغرات يمكن الاستفادة منها. من هنا جاء تلميح حزب الله وكان بالغ الاهميّة.

أساساً حزب الله وقبل فترة دخول المدى الاقصى للعقوبات، كان قد دجّن نفسه استعداداً لها، فمثلاً قام بترشيد احتياطاته الماليّة وإجراء هندسة عليها على نحوٍ لا يؤدّي إلى استنزافها بلّ المحافظة عليها في الفترة القادمة.

ففي بعض النماذج مثلاً أعدَّ الحزب دراسة معمّقة للجدوى من اعتماد خطوات وقائيّة تهدف لاحتواء سلّة العقوبات القاسية إلى جانب سُبل عصر النفقات، أفضت في النتيجة إلى قيامه بعمليّات دمج لها علاقة بأقسام ووحدات داخليّة ما أعطى وفراً ماليّاً ورشّدَ مؤسساته. في مقامٍ ثانٍ ادخل هندسة على الحقوق الماليّة لعناصره على نحوٍ لا يؤدّي إلى المس بها، وكان من بين الإجراءات أنّ صرفَ الحقوق على شقّين، عند بداية الشهر وعند منتصفه، وهذا الإجراء يتصل بعمليّات الهندسة الماليّة الجارية على احتياطه.

وعلى ذمّة المصادر القريبة من الضاحية، هذا الإجراء متّبع لما له علاقة بـ«الاحتياطي العام» حصراً الذي يتم تأمين موجوداته من خلال «اعتماد نماذج ماليّة خاصة»، وبنفس السياق لا تربط المصادر «الهندسة» على أسباب العقوبات الماليّة فقط، التي ليس لها تأثيراً مباشراً كاملاً على حزب الله بسبب النماذج المالية التي يعتمدها، بل أن الامر الاساس في طرح الهندسة بالدرجة الأولى يعود إلى «المشاركة في الحرب السوريّة» الذي أجبر حزب الله في فترة من الفترات على استهلاك قسم من احتياطه نتيجة الأعباء المترتّبة عن المعركة. من هنا، يصبح طبيعيّاً إجراء هندسة بعد تراجع حدة المعارك.

في المقابل تلقّى سياسيّون، وعلى نحوٍ خاص الجانب الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع حزب الله، رسائل فرنسيّة استتبعت بكلام من الرئيس ايمانويل ماكرون، عبّرت عن وجه القلق من التطوّرات المتسارعة في الشرق الأوسط، لكنّ أبرز ما ورد إليهم وجود «خشية أوروبيّة - فرنسيّة» من «ربيع ساخن»، وبهذا المعنى طالب الفرنسيّون تحضير الأنفس لمواجهة فترة صعبة من العلاقات بين إيران والولايات المتّحدة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة